إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / أسس ومبادىء الأمن الوطني





نموذج مجموعة دول
نموذج لعدة منظمات
نموذج دولة واحدة
مهددات الأمن الوطني
هرم ماسلو
مستويات الأمن الوطني
الأمن القومي والسياسة الوطنية
تأثر الأمن الجماعي
تسلسل صياغة الالتزامات الأمنية
دور الدولة في حماية الأمن

نظرية ماهان
نظرية ماكيندر
نظرية القوى الجوية
نظرية سبيكمان



الفصل الثاني

ثانياً: أبعاد تهديد الأمن الوطني

يتطلب تحديد مصادر التهديد للأمن الوطني، ضرورة معرفة تأثير هذه التهديدات على أبعاد الأمن الوطني، وهو الهدف الذي يسعى التهديد للأضرار به. ويُمَكّنْ ذلك من رسم السياسة الأمنية، ووضع إستراتيجية المواجهة، والخطط المفصلة، لدرء ومقاومة وإزالة التهديد. كما يمكن من التغلب على نقاط الضعف في تلك الأبعاد، وتقويتها، والعمل على التمسك بنقاط القوة فيها، والمحافظة عليها.

1. البعد السياسي للأمن الوطني:

للبعد السياسي شقان، الأول داخلي (السياسة الداخلية)، الذي من خلاله تدير الدولة مجتمعها، والثاني خارجي (السياسة الخارجية) والذي تعمل الدولة من خلاله على حماية كيانها، وتحقيق غاياتها الوطنية.

وللسياسة الداخلية جانبان، هما الأكثر أهمية للأمن الوطني، في بعده السياسي، هما: الاستقرار السياسي للجبهة الداخلية، وتماسكها. ومن خلال النظام السياسي الداخلي، وديناميكية القيادة السياسية، وقدرة النظام على تطوير نفسه لملاحقة الأحداث، تتوقف إمكانية تأمين الدولة لشقيّ السياسة الداخلية.

أ. العوامل المهددة للبعد السياسي:

(1) السياسة الداخلية:

(أ) تؤدي الاضطرابات الداخلية المستمرة، والصراع على السلطة، إلى تدخل القوى الخارجية لتأمين مصالحها الخاصة، مما يفقد الدولة استقرارها السياسي، ويهدد أمنها الوطني. ويفقدها، عادة، القدرة على التحرك السليم لمواجهة الأخطار، التي تهدد أمنها الوطني. ففي الصومال، نشبت اضطرابات داخلية، بين النظام الحاكم والفصائل الثورية، ثم نشب الصراع على السلطة بعد رحيل محمد سياد بري، الرئيس الصومالي السابق، واستمر الصراع عدة سنوات. وتدخلت الأمم المتحدة بإرسال قوات دولية، تحت قيادة أمريكية، في محاولة لإرساء السلام. وأدى التدخل إلى وجود قوات أجنبية على أرض الصومال، وهو ما حدث في ليبيريا، حين تدخلت قوات مشتركة من دول غرب أفريقيا تحت قيادة نيجيرية.

(ب) كثرة الأطراف المؤثرة في صنع القرار السياسي، تُعقد اتخاذه، وهي بذلك تهدد الأمن الوطني في بعده السياسي الداخلي، حيث ينتج عن تدخلها تأخر في اتخاذ القرار، وقد تعرقله. في الوقت الذي يحتاج فيه الأمر إلى السرعة، لديناميكية المواقف السياسية وسرعة التغيرات على الجبهة الداخلية.

(ج) تتسبب الخلافات المذهبية للأحزاب والقوى السياسية (وخلاف بعضها السياسي)، إلى تغليب المصالح الذاتية، على مصلحة الأمن الوطني، نتيجة للتعصب غير الناضج للحزب أو الطائفة، أو بالجهل السياسي، وفي كلا الحالتين (تعصب أو جهل) يتهدد الأمن الوطني داخلياً، إلى حد تدمير كيان الدولة نفسه، وانهيار أمن الوطن، فقد أدى التعصب الأعمى بين أكبر حزبين في باكستان، حزب الرابطة الإسلامي البنجابي وحزب عوامي البنغالي، إلى اشتباكات دامية، أدت إلى انفصال الإقليم الشرقي عن باكستان.

(د) تلجأ القوى المعارضة للحكومة، بتحريض من قوى أجنبية أحياناً، إلى أعمال تخريبية ضد المنشآت الحيوية، والممتلكات العامة والخاصة، مما يؤثر على تقبل الشعب للقيادة الشعبية، وجهود الدولة في كافة المجالات. وهذه الأعمال مؤثرة كذلك بفاعلية على المواقف الحيوية، مثل الإعداد للحرب وإدارتها. وتناسب مثل هذه الأعمال التخريبية الدول الصغرى، لتمارسها في مواجهة الدول الكبرى، للتأثير على جبهتها الداخلية، أو الأقليات في مواجهة الغالبية، وهو ما وضح من أعمال المعارضة الأيرلندية المطالبة بالتحرر، في مواجهة السلطات البريطانية.

(2) السياسة الخارجية:

(أ) يُعد فقد الدولة القدرة على اتخاذ قرارها السياسي الخارجي، أحد صور التهديدات السياسية الخارجية، وأكثرها خطراً على الأمن الوطني، وتعرف "بالتبعية السياسية".

(ب) تمارس بعض الدول ذات النفوذ، ضغوطاً سياسية على التكتلات المختلفة، لتقطع علاقاتها مع دولة معادية لها. ويؤدي النجاح في تلك الضغوط إلى تهديد السياسة الخارجية، التي تعزل عن الوسط الدولي أو الإقليمي. وكان نجاح مصر في ضغوطها على الدول الأفريقية، مما أدى إلى قطع تلك الدول جميعها لعلاقاتها مع إسرائيل قبل بدء القتال معها عام 1973، أثرٌ رائعٌ في التأثير على أمن الدولة الإسرائيلية وقتها. وهي النتيجة نفسها التي تحدث عندما تنجح دولة في ضغوط مماثلة ضد دولة أخرى داخل منظمة إقليمية، مما يؤدي إلى تجميد عضوية الدولة المستهدفة بالمنظمة (حالة مصر وجامعة الدول العربية عام 1975).

(ج) قد يفرض التنظيم الإقليمي (أو الدولي)، مقاطعة سياسية على أحد أعضائه كعقوبة للدولة لمخالفتها النظام، وهو ما يهدد الأمن السياسي لهذه الدولة، ويعرقل علاقاتها الخارجية.

(د) تقيد عضوية الدولة بالأحلاف الخارجية، من مرونة قرارها السياسي، الذي يجب أن يرتبط بقرار الحلف، وغالباً يكون القرار صادراً عن الدولة الأكبر في الحلف. وقد يضطرها قرار الحلف إلى معاداة آخرين دون مبرر، سوى تنفيذ سياسات الحلف. وقد يتطور الأمر بما يفقدها حريتها ومصالحها الوطنية (حالة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، التي انتهت بانهيار الخلافة العثمانية وانحلالها، وتغير الحكم وتوجهات الدولة التركية البديلة).

ب. مؤشرات قياس عناصر تهديد البعد السياسي:

مكن لمتابعي الأداء السياسي، خلال تنفيذ سياسات الأمن الوطني، أن يقيسوا مهددات البعد السياسي، من خلال رصد عدة مؤشرات، وظواهر، تعكس قوة التهديدات (أو ضعفها). ويشير وجود المؤشرات إلى وجود تهديد موجه إلى البعد السياسي، في أحد جوانبه (داخلي ـ خارجي) أو كليهما. ويفيد القياس في التعرف على تلك التهديدات (الموجودة بالفعل)، ووضع أولويات لمواجهتها في خطط مرحلية. وتتمثل أهم هذه المؤشرات في:

(1) السياسة الداخلية:

(أ) مقاطعة التنظيمات السياسية الشعبية، للنظام السياسي للدولة.

(ب) انعدام (أو ضعف) الشعور بالولاء والانتماء السياسي.

(ج) زيادة نفوذ جماعات الضغط، على النظام الحاكم.

(د) غموض الأهداف المرحلية، وعدم اهتمام الدولة بتوضيحها وتناقضها.

(هـ) ضعف نفوذ السلطة وإهدار هيبتها، بشكل عام، والقضاء والشرطة بشكل خاص.

(و) ضعف المشاركة الشعبية في إبداء الرأي، واختيار ممثلي الشعب في المؤسسات الدستورية.

(2) السياسية الخارجية:

(أ) خسارة الدولة لعضويتها (لعدم الترشيح أو الانتخاب، أو تجميد العضوية، أو الفصل) في المنظمات والهيئات السياسية الدولية والإقليمية.

(ب) توتر العلاقات الدبلوماسية (أو قطعها)، خاصة مع دول الجوار الجغرافي.

(ج) فرض عقوبات سياسية على الدولة، أو صدور قرارات إدانة من المنظمات والهيئات السياسية الدولية والإقليمية.

(د) قيام تحالفات وتكتلات سياسية خارجية، تتعارض أهدافها وسياستها، مع أهداف الدولة السياسية ومصالحها الوطنية.

(هـ) اكتشاف شبكات تجسس لصالح قوى خارجية.

2. البعد الاقتصادي للأمن الوطني:

يختلف البعد الاقتصادي عن أبعاد الأمن الوطني الأخرى، بتأثيره السريع والفعّال في الحياة اليومية للدولة، وفي كافة الأبعاد الأخرى. ويتيح ذلك مجالاً متسعاً لاستخدام البعد الاقتصادي كقوة مضافة، بالنسبة للخصوم، للتأثير السريع على الأمن الوطني وتهديده، وبالنسبة للدولة لإحداث توازن مع اختلالات الأمن الوطني، بالتأثير في أبعاد أخرى.

في النظام العالمي الجديد، أصبحت القوة الاقتصادية، هي الشكل العصري للصراع. ويصبح التصعيد الاقتصادي للصراع (فرض حصار وعقوبات اقتصادية متنوعة)، الخطوة التالية للتصعيد السياسي، قبل اللجوء إلى التصعيد المسلح.

تصعب السيطرة غالباً على تداعيات الخسائر في الميدان الاقتصادي، التي تنعكس على كافة الأبعاد بدرجات متفاوتة، خاصة البعد الاجتماعي، الأكثر حساسية للأوضاع الاقتصادية. كما أن إصلاح تلك التداعيات وخسائرها، يحتاج إلى أضعاف زمن حدوثها، وغالباً ما يكون الإصلاح على حساب اتجاهات اخرى، حيث تتقلص خطط تنمية اجتماعية أو سياسية، أو يضغط إنفاق عسكري، لتوفير ما يعادل الخسائر الحادثة. ويؤدي تردي الوضع الاقتصادي، إلى فقد الدولة عناصر أمنها كافة، في كل المستويات والأبعاد والمجالات، أي ينهار الأمن الوطني كلياً، وهو ما حدث في الصومال باندلاع ثورة عارمة، عقب تردي الأوضاع الاقتصادية بالبلاد. وعلى الرغم من سقوط نظام الحكم السابق، إلا أن الثوار لم يستطيعوا إنهاء حالة الفوضى في البلاد، للضعف الشديد في الأوضاع الاقتصادية، مما يصعب معه سيطرة فصيل ثوري على الدولة، بتأييد من الشعب. ساعد ذلك التردي المخيف للاقتصاد على استمرار حالة الانهيار الأمني، منذ عام 1991.

يمنح الاقتصاد القوي، نفوذا سياسياً متسعاً للدولة، إقليمياً ودولياً، سواء كان اقتصاد الدولة معتمداً على قوته الذاتية (في حالة وفرة الموارد الطبيعية وتنوعها، مثل الولايات المتحدة الأمريكية) أم على قوة المؤسسات المالية، وكفاءة المنشآت الصناعية، أم كان مرتبطاً، في تكامل، مع مجموعة اقتصادية ذات مصالح مشتركة، وأهداف موحدة، تحقق تميز اقتصادي (مثل الأمم الأوروبية المتحدة).

تُعد التكنولوجيا المتقدمة، من العناصر المهمة لقوة اقتصاد الدولة، في العصر الحديث. حيث تعتبر علوم التقنية، والصناعات الإلكترونية، أهم عناصر التقدم الاقتصادي في الدولة ـ وكذلك في سائر المجالات ـ فهي تضفي على الاقتصاد قوة هائلة في النشاط الإنتاجي. كما تتميز المنتجات، المستخدم في إنتاجها تقنية متقدمة، بقوة تنافسية عالية، خاصة مع انخفاض سعرها. كذلك، فإن الأجهزة ذات التقنية العالية، تساعد القيادات الصناعية والاقتصادية، على استشراف المستقبل، والتخطيط له بشكل لائق، يتيح الاستمرار في التقدم والتفوق.

كما تتيح التكنولوجيا المتقدمة، للأبعاد الأمنية الأخرى، أفضل استخدام للموارد التخصصية، مما يزيد من قوتها وفاعليتها، وتصبح التكنولوجيا المتفوقة هي العامل المشترك في كافة الأنشطة، والأبعاد، لضمان تحقيق أهداف الأمن الوطني وحمايتها.

أ. العلاقات الاقتصادية المؤثرة على الأمن الوطني:

(1) التنمية والاقتصاد:

يعني تحقيق التنمية في المجال الاقتصادي، الكفاية الذاتية لاحتياجات الدولة. كما يوفر فائضاً للتصدير، لتغطية نفقات استيراد احتياجات أخرى، مما يُخرج الدولة من دائرة التبعية والتعرض لضغوط خارجية.

ويمثل تحقيق التنمية، استغلالاً أمثل للموارد والثروات، وتحقيق الأهداف المخططة، وزيادة قوة الدولة وقدراتها. وينعكس ذلك على اتساع مساحة حرية القرارات للقيادة السياسية، ويكون العائد، ارتفاع درجة الأمان في البعد الاقتصادي، لاستقرار الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع مستوى دخل الفرد، وتوفر احتياجات الشعب في مطالبه اليومية. كما تزيد فرص العمل، والكسب. ويحقق ذلك الرفاهية للمجتمع، مما يجعله أكثر استقراراً، وأكثر حرصاً على مكاسبه، محققاً قوة الأمن الوطني.

(2) القوة العسكرية:

هي أداة الحفاظ على ما حققه البعد الاقتصادي للأمن القومي. فداخلياً تؤمن القوة العسكرية الأهداف الاقتصادية، التي تعتبر أهدافاً حيوية، يحاول أعداء الوطن (مصادر التهديد) الوصول إليها وتخريبها (أو الاستيلاء عليها). وخارجياً فإن مصالح الدولة الاقتصادية، المتمثلة في مناطق الإستراتيجية، ووسائل استخراجها ونقلها، والمصانع التي تقوم بتصنيعها، تُعد أهدافاً حيوية للعدو، الذي يحاول تعطيلها أو وقف عملها أو السيطرة عليها، مما يفقد الاقتصاد الوطني بعضاً من عوامل قوته.

وتتيح القدرات الاقتصادية العالية، حصول القوة العسكرية على أحدث العتاد العسكري المتاح في سوق السلاح، أو تصنيعه بأحدث تكنولوجيا متوفرة، وبالكم الذي يجعل القدرة العسكرية قوة لا يُستهان بها، وقادرة على تحقيق مهامها في تأمين المصالح الحيوية، وتحقيق الأمن الوطني.

ب. مؤشرات قياس عناصر تهديد البعد الاقتصادي:

(1) المؤشرات الداخلية:

(أ) انخفاض مستوى المعيشة، وعدم وفاء الدخل بمطالب الحياة الأساسية.

(ب) ارتفاع نسبة الإعالة بالدولة، وكثرة المتعطلين عن العمل، خاصة في المناطق الغير حضرية (نسبة البطالة الحقيقية بالأرياف).

(ج) تخلف وسائل الإنتاج، وسوء حالة المنشآت الاقتصادية.

(د) اتساع الفجوة بين الإنتاج، والاحتياجات المحلية.

(هـ) عدم توفر مستلزمات الإنتاج، من مواد خام والطاقة اللازمة للتصنيع.

(و) عدم قدرة المنتجات المحلية على المنافسة، لسوء حالتها.

(ز) ارتفاع معدلات الاستهلاك، وانخفاض معدلات الادخار والاستثمار.

(ح) ضعف مستوى الخدمات، وسوء حالتها، ونقصها، وارتفاع نسبة القروض المحلية وفوائدها.

(ط) اختلاف توزيع الناتج القومي، وانخفاضه، وارتفاع نسبة القروض المحلية وفوائدها.

(ي) ضعف (أو انعدام) الرقابة على أعمال البنوك، والشركات الأجنبية، بالدولة.

(2) المؤشرات الخارجية:

(أ) تضخم قيمة الديون الخارجية، وازدياد عبء خدمتها، من الناتج القومي الإجمالي.

(ب) الحصار والمقاطعة الاقتصادية للدولة، خاصة من دول الجوار الجغرافي، والدول الصديقة (سابقاً).

(ج) إنشاء تحالفات وتكتلات ذات أهداف اقتصادية، تتعارض مع أهداف الدولة الاقتصادية وتنافسها.

(د) توقف المجتمع الخارجي (الدولي أو الإقليمي)، عن مد يد العون للدولة من مساعدات اقتصادية وخبرات ورؤوس أموال.

(هـ) فرض قيود وأوضاع اقتصادية على الدولة، مخالفة لمصالحها وأهدافها، بواسطة قوى خارجية.

3. البعد العسكري للأمن الوطني:

القوة العسكرية أداة حماية الأمن، وقد تكون مصدر تهديد له أحياناً، بينما الأمر الطبيعي، أن تستخدم الدولة قواتها المسلحة لدرء الخطر، والدفاع عن مصالحها الوطنية. فبعض الدول، تتسم إستراتيجياتها وسياستها بالعدوانية، لذلك فهي تستخدم قواتها المسلحة للاعتداء على الغير، وفرض سياستها عليهم.

وتُحسب القوة العسكرية، من خلال حساب مكونات البعد العسكري كماً، ونسبتها للقوى المضادة لمعرفة نسبة قوتها (أو ضعفها) بالنسبة للخصم. وتشمل مكونات البعد العسكري حجم القوات المسلحة وتكوينها، وتنظيمها، وتسليحها. ومن حساب المكونات، تعرف قدرة القوات القتالية، وقدرة الدولة على السيطرة عليها. ومن عناصر المرونة وخفة الحركة المتاحة، والخبرات القتالية، ونظام وخطط التعبئة، يمكن التعرف على قدرة القوات على تنفيذ المهام، والاستمرار فيها.

وتحسب حجم المعاونة، التي يمكن أن يُسهم بها الحلفاء في أعمال القتال المنتظرة، بحساب قدرات الإنتاج الحربي، والتكتلات والأحلاف العسكرية المنضمة إليها الدولة. كما تُقدر، تبعاً لذلك، مدى حرية القيادة السياسية في استخدام القوة العسكرية، ومصداقية ذلك.

أ. العوامل المهددة للبعد العسكري.

(1) التهديدات الداخلية:

التهديدات الداخلية للبعد العسكري ذات جانبين، الأول نتيجة عوامل من داخل الدولة تهدد البعد العسكري، والثاني نتيجة عوامل من داخل القوة العسكرية، تهدد البعد العسكري، وهي الأكثر خطورة.

وتنحصر التهديدات، في الجانب الأول، في كل ما يؤثر على قدرات القوة العسكرية ويضعفها، أو يعوق تأديتها لمهامها، كأن تقصر إمكانات الدولة المالية، أو قدراتها الصناعية، عن الوفاء بمطالب القوات المسلحة من الأسلحة والعتاد الحديث، أو الكم الكافي، أو قصور في خطط التعبئة وعدم القدرة على الحشد والتعبئة بالسرعة اللازمة، أو ضعف الموارد البشرية بالدولة عن إمداد القوات المسلحة بمطالبها، كماً ونوعاً. والأكثر خطورة في هذا الجانب، وجود تنظيم شبه عسكري في الدولة، غير خاضع للسيطرة، مناوئ للقوات المسلحة، رسمياً كان أو غير رسميّ[1].

الجانب الثاني، وجود مصادر تهديد داخل القوات المسلحة نفسها، سواء بتغلغل طوائف ذات أيديولوجيات متعارضة مع أيديولوجية النظام الحاكم، أو ارتفاع نسبة العسكريين من غير أبناء الدولة بالقوات المسلحة (في الدول التي تعتمد على سد النقص في القوة البشرية بعمالة وافدة في كافة المجالات، بما في ذلك قواتها المسلحة، أو استخدام محترفين مأجورين أي مرتزقة)، أو انتقال الصراع بين الطوائف داخل القوات المسلحة، مثل الهندوس والمسلمين والسيخ في الهند، أو الشيعة والسنة في بعض الدول الإسلامية، أو القوميين والبعثيين في لبنان وسورية والعراق، أو تمرد جزء من القوات المسلحة وانفصاله بإقليم حدودي (حالة معظم الدول الأفريقية).

والخطورة البالغة لهذا الجانب. تكمن في انشقاق القوة المسلحة، المنوط بها حفظ الأمن، والتصدي للعدوان الخارجي، لتصبح هي المصدر الرئيسي للتهديد، إضافة إلى ضعفها نتيجة الصراع الداخلي، مما يجعلها غير قادرة على أداء مهامها الطبيعية.

وهناك حالتان من التهديد الداخلي بواسطة القوات المسلحة نفسها،تعتبران الأسوأ في استخدامات القوة المسلحة داخلياً. فقد تتدخل القيادة العسكرية، لفرض سياسة، أو نظام حكم، أو أشخاص ترضى عنهم، على الدولة، بالقوة (الانقلابات المسلحة وأعمال العنف المسلّح)، أو أن يستخدم الحاكم القوة المسلحة لفرض سيطرته على الشعب بالقوة، وقمعه، ومصادرة حريته، بدلاً من حمايته وإشعاره بالأمان، وهي حالة غالبة في معظم الدول النامية، خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء، وشرق آسيا، وأمريكا الوسطى والجنوبية.

(2) التهديدات الخارجية:

إنّ أولى مظاهر التهديد الخارجي للبعد العسكري، هي استخدام قوة عسكرية أجنبية، لتهديد أمن وحرية الدولة، بالقوة المسلحة، سواء باحتلالها، أو بالاستيلاء على الأهداف والمناطق الحيوية بها، أو بوجود قواعد عسكرية لتلك القوة الأجنبية على أراضي الدول، بحيث تشكل قيداً وتهديداً (ردع) على القرار السياسي للدولة.

الأصل أن تحمي القوات المسلحة حدود الدولة، ومصالحها الحيوية الوطنية خارجياً وداخلياً، إلاّ أن بعض الدول تستخدم تفوقها العسكري، أداة لفرض نفوذها، وسياستها على الدول المجاورة (أو غير المجاورة، إذا كانت في مدى أسلحتها مثل القوات الجوية أو الصواريخ الباليستية)، سواء قامت بعمل عسكري مباشر (قصف إسرائيل للمفاعل النووي العراقي عام 80، 81 وتدميره، وضرب المدن بالصواريخ طويلة المدى)، أو عمل عسكري غير مباشر (الإغارات الإسرائيلية على المدن اللبنانية بالقوات الخاصة، لقتل الزعماء الفلسطينيين)، أو عمل عسكري للردع (الحشود العراقية على الحدود الكويتية السعودية).

ب. علاقات مؤثرة على البعد العسكري للأمن الوطني:

(1) علاقة التصنيع الحربي بالقوة العسكرية:

تُستغل حاجة الدولة، إلى معدات وأسلحة، لقواتها المسلحة، كأداة ضغط من الدول المُصنِّعة والمصدرة للأسلحة، لفرض اتجاهات سياسية معينة، لخدمة مصالحها الوطنية الخاصة. لذلك، تسعى الدول المستوردة للأسلحة ـ وهي في الغالب من دول العالم الثالث النامية ـ إلى تنويع مصادر السلاح، من عدة دول، لكسر الاحتكار، ومحاولة الاستقلال بقرارها السياسي، رغم ما في ذلك من عبء على عناصرها الفنية، باستخدامها للأسلحة ذات النظم المختلفة.

وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي وكتلته الشرقية، فقدت الدول المستوردة للسلاح، ذلك الهامش المحدود من المرونة للحصول على السلاح، الذي كان يتيحه لها، الصراع بين المعسكرين. وأصبح الأمر، لا يتعدى الحصول على بعض الأسلحة التقليدية الصغيرة العيار، المتدنية التقنية (متخلفة).

وعندما تنبهت الدول النامية لتلك الحقيقة، بدأت في إنشاء صناعات حربية وطنية، لتحقيق اكتفاء ذاتي، لقواتها المسلحة، من الأسلحة والمعدات أولاً، ثم محاولة الحصول على دخل مناسب بتصدير الفائض من تلك الصناعة، لتمويل خططها التنموية وبحوثها الوطنية لتوسيع قاعدة هذه الصناعة الحيوية.

ويساعد حصول القوات المسلحة على حاجاتها من الأسلحة والمعدات، عن طريق التصنيع المحلي، على حفظ أمنها الوطني وحمايته، إلاّ أن إنشاء تلك الصناعة ليس بهذه السهولة. فقدرات الدول النامية، تقف عاجزة أمام عائقين رئيسيين تفتقر إليهما، هما:

(أ) رؤوس الأموال اللازمة لإقامة صناعة حربية، تتعدى تلك الأنواع التي يسهل الحصول عليها بالاستيراد، وهو ما يعني أن يشمل الطموح، إقامة صناعات ثقيلة ودقيقة، ويحتاج ذلك إلى رؤوس أموال ضخمة، خاصة إذا ألحق بالمصانع الوطنية، وحدات أبحاث للتطوير، وهو أمر ضروري في مثل تلك الصناعات.

(ب) افتقار التقنية المتقدمة ـ وهي الوجه الثاني للصناعات الحربية ـ لإقامة صناعة عصرية مفيدة، وتزيد تلك التقنية من تكلفة إقامة الصّناعة، مما يضاعف من مشكلة الوجه الأول. كما أن الأسلحة تتطور بسرعة في اتجاهات شتى، يجب مواكبتها دائماً، وهو ما يضاعف من مشكلة الوجه الثاني كذلك.

وبعض دول، من العالم الثالث، تمتلك العنصر الأول (رؤوس الأموال)، بما وهبها الله من موارد طبيعية ضخمة، وبعضها تمتلك قاعدة من الأخصائيين والعمال المهرة. ويصبح التكامل بين هاتين المجموعتين هو الحل الأمثل (سواء كان تكاملاً قومياً، أو إقليمياً)، ويتعاون الجميع في التسويق، لدى الدول التي تفتقر للعنصرين، مما يُسهم في استقرار الصناعة وتطورها، وتحقيق هذه الدول لأمنها الوطني (القومي ـ الإقليمي).

(2) علاقة الأحلاف العسكرية، والأمن الجماعي، بالبعد العسكري:

تستعيض الدول الأقل قوة، عادة، عن ضعف قوتها المسلحة، عن قوة خصمها، بالتعاون مع دول أخرى، لإنشاء حلف من مجموعة دول، تتفوق فيه القوات المُجّمعة من الدول الأعضاء، على قوة خصم كل منهم. أي أنه تكامل في القوات حجماً ونوعاً. ولهذا التحالف صورتان، فهو إما تحالف مع مجموعة دول متقاربة القوة، فيكون حلف أنداد، أو تحالف مع قوة كبرى أو عظمى، دولية أو إقليمية، لها مصالح خاصة بالمنطقة، أو بالدولة المتحالفة معها، فيكون حلف إذعان.

ويفترض أن الحلف مع دول صديقة، أو دول ذات مصلحة، لا يمثل قيداً على سياسة الدولة، إلاّ بالتزامها بالتعاون مع حلفائها لإزالة الأخطار التي تهددهم، مقابل إزالتهم لأخطارها. إلا أن الحقيقة تخالف ذلك، فالحلف العسكري يستلزم عادة إنشاء قيادة عسكرية للتخطيط والتدريب وإدارة العمليات المشتركة. كما أن القوات المخصصة للحلف من سائر الدول الأعضاء، يلزم تجميعها بصفة دورية، أو دائمة في إحدى الدول الأعضاء، وتكون عادة الدولة الأكثر مشاركة، سواء بالتمويل، أو بالقوات. كما يستلزم وضع الخطط معرفة القيادة العسكرية للحلف، بدقائق وتفاصيل عن الدول الأعضاء، وكذلك تفويض باستخدام القوات المخصصة، وتنفيذ الخطط في أرض الدولة، وهي كلها أعمال ضرورية، ولكنها تمثل تنازلاً عن قدر من السيادة، وبعضاً من الأهداف الأمنية.

ويختلف التحالف مع الدول الكبرى والعظمى، الإقليمية أو الدولية، عن التحالف مع الدول المناظرة في القوة. فسياسة الأحلاف العسكرية، العملاقة (التي يشترك فيها عدد كبير من الدول ذات المصلحة المشتركة)، تتوافق دائماً مع مطالب الدول الكبرى والعظمى، إقليمية كانت أو عالمية، وهي دائماً الدول الأقوى بالحلف، وهي غالباً الساعية لإقامته، لتحقيق أمنها الخاص، على حساب الدول الأصغر. وقد يصل الأمر إلى إهدار أمن الدولة الأصغر، وفقدها لاستقلاليتها في القرارات. لذلك، تقاوم الدول الصغرى، عادة، الضغوط المفروضة عليها للانضمام للأحلاف، أو الارتباط بسياسة حلف معين، إلا أنها قد تُضطر للرضوخ تحت ضغط الدول الكبرى، وإغراءات المعونات الاقتصادية والفنية التي ستحظى بها، والتأمين الذي ستحصل عليه. وقد يكون القبول بالانضمام لحلف ما، لإنقاذ الموقف الأمني المتدهور.

وتضطر الدول الصغرى، عادة، إلى منح الدول الكبرى تسهيلات عسكرية في أراضيها، لتستخدم الأخيرة أجواء الأولى، ومياهها، وقواعدها البحرية والجوية، وهو ما يعد تنازلاً جزئياً عن أهدافها الأمنية. وقد ينتج عن ذلك التنازل أخطارٌ تهدد الأمن الوطني، خاصة عندما تكون الدولة المستفيدة ذات سطوة وقوة. وعلى الجانب الآخر، فإن التنازلات التي تقدم للدول المناظرة في القوة، والمتشابهة في العديد من الصفات والمشاكل، تُعد من قبيل التعاون لتحقيق الأمن الإقليمي (القومي) المشترك، وهو ما يندرج تحت مسمى الأمن الجماعي Collective Security، والذي يكون عوناً للأمن الوطني، وليس مهدداً له[2]. هذا الأمن الجماعي، لا يمكن أن يتم في فراغ سياسي، فلابد من قيامه على أساس سياسي، مؤداه احترام كل دولة سيادة الدول الأخرى وحدودها، مع إنهاء كافة أشكال الصراع بين الدول الأعضاء، والمحافظة على الوضع السياسي الراهن".

ج. مؤشرات قياس عناصر التهديد للبعد العسكري:

(1) المؤشرات الداخلية:

(أ) تدخّل القوات المسلحة في العمل السياسي.

(ب) وجود عناصر مسلحة ذات تنظيم شبه عسكري، غير مُسَيطر عليها من قبل الدولة (ميليشيات حزبية، كما في لبنان وبعض الدول الأفريقية).

(ج) الاعتماد على تسليح القوات المسلحة من مصادر خارجية أجنبية، لضعف (أو انعدام) الإنتاج الحربي للدولة.

(د) وجود قواعد عسكرية أجنبية على أراض الدولة، ولا تخضع لرقابتها.

(هـ) فرض قيود على حجم وتسليح القوات المسلحة، وعلى أسلوب حشدها، وحجم وجودها في مناطق معينة من الدولة.

(و) ضعف خطط التعبئة وحشد القوات، وضعف نسبة نجاح التعبئة المستهدفة للإمكانيات العسكرية والمدنية.

(2) المؤشرات الخارجية:

(أ) التعرض لهجوم مسلح من الخارج، من قبل قوة أخرى.

(ب) حشد قوات أجنبية على حدود الدولة، أو خارج مياهها الإقليمية، أو في مناطق داخل نطاق النقل الجوي لها.

(ج) قيام قوى عسكرية خارجية، بتدريبات عسكرية، على الحدود في وقت الأزمات والتوتر السياسي.

(د) تفوق الدول المجاورة في حجم وتسليح القوة المسلحة، وامتلاكها لأسلحة ردع إستراتيجية (نووية، وكيماوية، وبيولوجية، وصواريخ باليستية طويلة المدى)، أو أسلحة ذات صبغة هجومية (طائرات قتالية ذات مدى كبير وتسليح قوي، دبابات حديثة قوية التسليح بأعداد كبيرة، سفن قتال متطورة، مدفعيات وصواريخ بعيدة المدى).

(هـ) قيام أحلاف وتكتلات عسكرية، ذات أهداف متعارضة مع أهداف الدولة الوطنية، خاصة في حالة انضمام دولة جوار جغرافي إلى الحلف أو التكتل.

(و) إنشاء قواعد عسكرية ذات حجم كبير في دولة مجاورة، أو وجود قوات أجنبية بها لدولة كبرى أو عظمى.

(ز) حظر بيع الأسلحة، والمعدات العسكرية، وقطع غيارها، للدولة، من قبل دولة، أو عدة دول، أو تنظيم دولي أو إقليمي، بشكل فعال.


 



[1] حالة لبنان، وقت الحرب الأهلية، بوجود مليشيات مسلحة تابعة للطوائف والأحزاب، كذلك حالة الصومال بعد الانقلاب الأخير، ووجود مليشيات مسلحة تابعة للقبائل وأخرى منشقة عنها.

[2] استضافت المملكة العربية السعودية، قوات محدودة من دول الخليج الأعضاء معها في مجلس التعاون الخليجي، في حشد سمي `قوات درع الخليج`، الذي أثبت أهميته بسرعة وجوده على حدود المملكة مع الكويت بعد الغزو العراقي عام 1990. وقد أثبتت حرب الخليج الثانية، ضرورة وجود نظام أمن دفاعي جماعي، فكل دول المنطقة، باستثناء المملكة العربية السعودية، عاجزة عن بناء قوة عسكرية مؤثرة منفردة، ومن الوجهة الأمنية تعد المملكة وجيرانها من دول الخليج، كلاً متكاملاً.

[3] المعدل العالمي المناسب للكثافة 25 نسمة لكل كم مربع، ويحسب (كمعدل عام) بخارج قسمة تعداد السكان (شاملاً غير الوطنيين المقيمين بالدولة) على مساحة أراضي الدولة.

[4] خارج قسمة عدد السكان في المكان (مدينة ـ قرية ـ حيّ ـ منطقة ـ ولاية ـ محافظة) على مساحته.

[5] مشكلة المنطقة الشمالية (الجليل) في إسرائيل، التي ترتفع بها الكثافة السكانية لكونها ذات نشاط زراعي، وتتعرض لقصف صاروخي من قبل المقاومة اللبنانية (والفلسطينيون في لبنان سابقاً)، مما يزيد من الخسائر البشرية بها (القوى البشرية لإسرائيل محدودة) فضلاً عن الخسائر الاقتصادية لهذه المنطقة، وهو ما حدا بإسرائيل إلى القيام بعملية عسكرية لاحتلال جنوب لبنان (السلام من أجل الجليل) منذ عام 1982، لإقامة منطقة عازلة.

[6] الكثافة السكانية بالقاهرة 28.5 ألف نسمة / كم2.

[7] عادة تنتشر بالأحياء العشوائية ظاهرتي التكدس (وجود أكثر من أسرة في سكن واحد) والتزاحم (زيادة عدد القاطنون في غرفة واحدة)، وما ينتج عنهما من تهديدات اجتماعية، بالإضافة إلى ضعف (أو انعدام) الخدمات الرئيسية بتلك المناطق، وأولها الرعاية الصحية.

[8] تعريف الحد الأمثل `التوازن في النمو السكاني، الذي يتناسب مع النمو الاقتصادي بما يعني زيادة الدخل للفرد طردياً مع النمو السكاني`، وتصل الدولة إلى حد الاستقرار، عندما تصل إلى الحد الأمثل لتعداد السكان بالنسبة لدخل الفرد.

[9] مثال ذلك، الجماعات الإرهابية في مصر، والتي نفذ بعضها اغتيال السياح الأجانب بالأقصر للإضرار بالاقتصاد المصري، كما تحاول بعض الجماعات الإيقاع بين المسلمين والأقباط لإحداث فتنة طائفية، تؤثر على تماسك الشعب المصري، وتهدد أمنه.

[10] محاولة بعض المصريين، المهاجرين هجرة دائمة إلى كندا، تشويه سمعة مصر، بافتعال تظاهرات وأحاديث عن الاضطهاد الذي يلقاه إخوانهم في العقيدة (الأرثوذكس) على أيدي المسلمين في الدولة.

[11] كثير من الدول الإسلامية، تستمد قوانينها الوضعية، في مختلف الأنشطة البشرية، من القوانين الغربية، تاركة الاحكام التي أنزلها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم.

[12] كانت الهند، أهم المستعمرات البريطانية، لذلك احتلت كل المواقع المشرفة على طريق الملاحة البحرية المؤدية إليها (جبل طارق ـ مالطا ـ قبرص ـ مصر ـ السودان ـ عدن، وقد تخلت عنهم جميعاً عندما قررت منح الهند استقلالها).

[13] زادت أهمية مصر بعد حفر قناة السويس، وأدى ذلك إلى احتلالها لاستغلال هذا الممر المائي الحيوي للوصول إلى شبه القارة الهندية. كما أدت طرق المواصلات في سويسرا المرتبطة بكافة الاتجاهات في أوروبا إلى انتهاجها سياسة حيادية، وافق عليها جميع القوى في أوروبا، واحترموها.

[14] كان الفاصل بين إقليمي باكستان، الشرقي والغربي 1600 كم، دون توفر مواصلات بينهما إلاّ من خلال الأراضي الهندية، وهو ما ساعد على انفصال الشرق ليكون دولة مستقلة (بنجلاديش).

[15] تستخدم السودان الموانئ البحرية للدول المجاورة، في تجارتها الخارجية لعدم صلاحية معظم سواحلها على البحر الأحمر لإنشاء الموانئ (وهو ما يؤمن شواطئها ضد الإبرار البحري كذلك، كما أن موانيها على هذا البحر محدودة القدرة، ويفرض ذلك عليها أن تنهج سياسة معتدلة مع دول الجوار، أو تختنق اقتصادياً (مثلما حدث بعد الثورة الأخيرة في يونيو 1989، كما أنها لا تحتاج إلى قوة بحرية كبيرة، أو قوات ساحلية ضخمة للدفاع عن ساحلها.

[16] تقل قدرة وصلاحية المواصلات في المناطق الجبلية، وغالباً ما يتمرد سكان هذه المناطق (خاصة إذا كانت قريبة من الحدود )، على الحكومة المركزية وخير مثال على ذلك الأكراد في منطقتهم الجبلية على حدود ثلاث دول (إيران وتركيا والعراق) وهم متمردون على حكومات الدول الثلاث بصفة دائمة.