إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / ثورة المعلومات




مؤتمر بالفيديو
موسوعة بروكهاوس
موقع QQ
موقع تويتر
موقع فلكر
موقع فيسبوك
مخلفات أجهزة الحاسبات
إجابات لا داعي لها
محاكي الطيران
إحدى المكتبات العامة
مسافر يقرأ كتاباً الكترونياً
مكتبة الإسكندرية
الإنترنت في الطائرة
الإنترنت في قطار
المكوك أتلانتيس
انتشار المطبوعات الصحفية
استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
استخدام الحاسب في التجارة
استعمال لوحات الطاقة الشمسية
ثورة المعلومات والحرب المعلوماتية
ثاني أكسيد الكربون
تشكيل مواقع "ويب 2"
جندي يتدرب على الهبوط بالمظلة
حاسب محمول مزود بشاشة متحركة
حاسب الشبكة المحمول
خريطة للعالم
خريطة رقمية على هاتف
طائرة بوينج 777
سائق سيارة يتصفح الإنترنت
صاروخ بتقنية "أطلق وانس"
سيارة تحمل ست كاميرات
شخص يتصفح الإنترنت
كاميرا وشاشتا عرض
كتاب إلكتروني
فصل للتعليم المدمج
فصل للتعليم التقليدي
ذاكرة الفلاش
قارئ بصمات الأصابع
قاعة محاضرات افتراضية

نظام قاعدة البيانات
التقاء التقنية الحيوية مع تقنية المعلومات
الربط بين شبكتين موجهتين
تكامل المستشعرات
خريطة رقمية
جزىء DNA
شبكة موجهة
شبكة موجهة تضم مركزاً متخصصاً
شبكة الحرب المركزية
شبكة غير موجهة




خامسا: الجديد فى تقنية المعلومات:

سادسا: الجديد في تطبيقات ثورة المعلومات

خرجت تقنية المعلومات من رحم المؤسسة العسكرية، فقد كانت الحسابات العلمية المعقدة لإنتاج القنبلة الذرية أحد الدوافع الأساسية في ظهور الحاسب، الذي ما إن وجد حتى أصبح قاسماً مشتركاً في تطوير الأسلحة ونظم الدفاع الإستراتيجية والتكتيكية، على حد سواء. وتسللت تكنولوجيا المعلومات إلى داخل عناصر الذخيرة ذاتها، لتشحذ دقة تصويبها، وتزيد من فاعلية قوة النيران لها، وظهر إلى الوجود مصطلح "أطلق وانس"Fire and Forget، بفضل أساليب الذكاء الاصطناعي، الذي أكسب المقذوفات الصماء قدرة التوجيه الذاتي لمطاردة أهدافها (أنظر صورة صاروخ بتقنية أطلق وانس). ومن جانب آخر، فقد ساعدت القيود الصارمة لتصميم وتشغيل المعدات العسكرية على زيادة كفاءة المكونات الإلكترونية الداخلة في صنعها، والاتجاه المتزايد نحو تصغيرها، وهو الأمر الذي أدى في النهاية إلى ظهور تكنولوجيا الإلكترونيات الدقيقة.

انتقلت تكنولوجيا المعلومات من الميدان العسكري لتحط بثقلها في موقع قوة آخر لا يقل في أهميته عن القوة العسكرية، وهو قطاع المال وإدارة الأعمال. وهكذا، تم تحوير تطبيقات المعلومات في الدفاع الجوي ونظم السيطرة والقيادة وإدارة العمليات الحربية، إلى نظم لأتمتة المصارف والحجز الآلي لشركات الطيران، ونظم لمساندة الإدارة. ودارت عجلة التطوير، فمن أقمار التجسس إلى أقمار البث التليفزيوني، ومن نظم الاتصالات العسكرية إلى سنترالات الهواتف الرقمية، ومن استخدام نظم المحاكاة لتدريب المقاتلين على ظروف المعارك، إلى استخدامها لتدريب الطيارين المدنيين والفنيين. ومن مواقع المال وإدارة الأعمال تشق تكنولوجيا المعلومات طريقها إلى عالم التجارة، عندما دخلت بها الصناعة اليابانية إلى عالم الاستهلاك من أوسع أبوابه لتستقر في نهاية المطاف في ساعات اليد، وأجهزة الإرسال والاستقبال، وأدوات المطبخ، وما شابه ذلك.

لم يعد هناك حدود مرسومة مسبقاً لكيفية استعمال التقنيات الرقمية لأغراض عسكرية، أو مدنية، أو مزدوجة الاستخدام. وإذا كانت المعالجات الإلكترونية الرقمية، لا تشكل المجال الوحيد للتدخل الإلكتروني المباشر في عرض المعلومات وتبويبها والاستفادة منها لأقصى حد ممكن، من أجل السيطرة على أوضاع القتال والتحكم بها، فان المعطى الرقمي يعد خطوة نوعية رائدة، مدعوة إلى التوسع، من قبيل تشجيع الاتصالات على أنواعها لتلبية حاجات المجتمع العسكري، بالمقارنة مع حاجات المجتمع المدني، الآخذة في الازدياد.

"الشبكة العنكبوتية" ليست الترجمة "الحرفية للانترنت"؛ ولكنها الوصف الأكثر دقة لتلك الشبكة التي تربط أطراف الكرة الأرضية، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً؛ فبين باحث عن فرصة عمل وبين مسوق لمنتج، وثالث يتصيد الفرصة على شاشات البورصة، وآخر يراسل صديقا، وباحث يطلب العلم دون سفر، وشباب يمارسون حياتهم الافتراضية. ومع كل هؤلاء المستخدمين، الذين يمثلون أكبر شبكة اتصال عرفها الجنس البشرى، سواء من حيث عدد المستخدمين، أو الانتشار، أو حجم البيانات المتداولة تزدهر الإنترنت. وعلى خلاف ذلك شبكة العنكبوت، التي تتسم بالتماثل والتجانس؛ فشبكة الإنترنت لا تتماثل أجزاؤها، فهي تربط عدداً يصعب حصره من أجهزة الحاسبات وقواعد البيانات ومراكز الأبحاث والجامعات والشركات، وذلك من خلال خطوط ربط تتنوع ما بين خطوط نحاسية، وألياف بصرية، واتصالات لاسلكية، وحتى الأقمار الصناعية. وكل هذا التفاوت والتعدد في وسائط النقل كان له أثر كبير في سرعة نقل البيانات من مصادرها إلى المستخدم النهائي، سواء بالإيجاب أو السلب، ومن ثم، في تعدد التطبيقات.

وتوجد أمثلة عديدة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في المجالات المختلفة. (أنظر جدول أمثلة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في المجالات المختلفة).

1. المكتبة الرقمية

إن ثورة المعلومات والاتصالات التي خلفت أثراً عميقاً في مختلف المجالات العلمية المعاصرة، لا يمكن أن تبقى محايدة تجاه تطوير المكتبات الحديثة؛ بل هي تعد بتطوير لا يمكن مقارنته إلا بالأثر الذي خلفه اختراع الطباعة على مسيرة التطور العلمي الإنساني. إن الطرق التقليدية التي كانت مستخدمة في النظم الورقية لم تعد صالحة لمواجهة النمو في حجم المعلومات، الذي بلغ حدا جعل المختصين يستنبطون مصطلحاً لوصف هذه الظاهرة، وهو "انفجار المعلومات". وبداهة، لا يمكن الإحاطة بمختلف التأثيرات التي خلفتها ثورة المعلومات والاتصالات على المكتبات الحديثة، لأن هذه التأثيرات مستمرة.

كانت بداية ظهور المبادرات والمشاريع للمكتبة الرقمية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1994، من خلال تبني مكتبة الكونجرسCongress، وعدد من الهيئات العاملة في مجال الحاسبات، دراسة جدوى تنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع، إضافة إلى مشروع مطبوعات الجمعية الكيميائية الأمريكية، الذي يتيح حوالي 425 ألف صفحة من مطبوعات الجمعية على شبكة الإنترنت، ومبادرة المكتبة البريطانية، التي تتيح ما يقارب من 18 مليون مجلد من مقتنياتها على الشبكة.

وقد تغير الأمر من "حاسبات داخل المكتبة"، إلى "مكتبة داخل الحاسبات"، عبر ثلاث مراحل أساسية:

أ. المكتبة التي تعود تجاربها الأولى إلى نهاية خمسينيات القرن العشرين بإنشاء قواعد بيانات ببليوجرافية Bibliographic للإنتاج الفكري الورقي، بمعنى فهارس إلكترونية؛ ثم ازداد اندماج المكتبة في استخدام وتوظيف الحاسب في باقي العمليات والإجراءات المكتبية.

ب. مع تطور تقنيات المعلومات والاتصالات وزيادة استخدامها، برزت في منتصف ثمانينيات القرن العشرين فكرة المكتبة الرقمية، وإمكانية الوصول إليها على الخط المباشر، وأتاحتها وفق نظام شبكي.

ج. المكتبة الافتراضيةVirtual library ، التي تعنى انتقال عملية إتاحة المعلومات من الإتاحة المباشرة إلى الإتاحة عن بعد. وتحول شكل المكتبة إلى طبيعة افتراضية ليس لها وجود مادي، وغير محدود مكانياً، فهي مجموعة نصوص إلكترونية متاحة على شبكة الإنترنت .وبعد أن كانت تضم بين جدرانها وعلى رفوفها أوعية ورقية من كتب ودوريات ومخطوطات ووثائق، باتت تختفي شيئا فشيئا لتصبح دون جدران. فهي على الرغم من أنها شبه حقيقية، إلا أنها تخيلية، مرتبطة منطقيا بشكل إلكتروني في تكوينه، وهذا الشكل قد يكون متعدد الوسائط، ولكنه غير مرتبط مادياً؛ لأن مصادره قد تكون في أماكن متباعدة من مكتبات وقواعد بيانات وشبكات للمعلومات وغيرها، ما لا يملكها المستفيد أو المكتبة ذاتها.

وكنتيجة طبيعية لما في النشر الإلكتروني من مميزات، فقد ازدادت إتاحة الدوريات الإلكترونية بصورة كبيرة على شبكة الإنترنت. الأمر الذي ساعد على نشأة فكرة المكتبات الرقمية الافتراضية على الشبكة، حيث تقدم هذه المكتبات خدمات معلوماتية، مثل نصوص كاملة لكل ما يستجد من تقارير الاجتماعات الرسمية، وأبحاث ودراسات المؤتمرات والندوات العلمية، إضافة إلى استرجاع الوثائق بصورها المختلفة، وإمكانية الاتصال بمختلف أنحاء العالم.

فبعد أن استمرت المكتبات التقليدية تاريخاً طويلاً، تستند في تلبية الاحتياجات المتزايدة إلى النظم التعاونية، وتبادل الإعارة فيما بينها، مطورة بذلك نظاماً للمشابكة التعاونية، بإدخال الأساليب الحديثة، كالأعمال الإلكترونية متعددة الوسائط، والملفات القابلة للقراءة، ومجموعات المواد التي يتم مسحها من خلال ماسح ضوئي، ثم تخزينها واسترجاعها عند الحاجة، كل ذلك عزز تكوين المكتبة الإلكترونية الرقمية والافتراضية، فيما بعد، وزاد من رضا المستفيد، وشعوره المتزايد بالراحة في تعامله مع المواد الرقمية والعمل على الحاسبات، والإفادة من الخدمات المتاحة على الخط المباشر، الأمر الذي أدى إلى تواري النظم التقليدية للمكتبة القائمة على الإجراءات الفنية التنظيمية، والإجراءات الخدمية للجمهور، التي كانت تتم من خلال أخصائي المكتبات.

وتقلص دور المكتبات العامة كأماكن لقراءة الكتب (أنظر صورة إحدى المكتبات العامة)، خصوصاً مع نشر الكتب على الإنترنت، وتحولها إلى مواد إلكترونية. ولهذا، بدأت المكتبات العامة بتغيير دورها، بعد أن رأت أن كتبها ستحتل مرتبة ثانوية بعد غزوها من قبل العالم الافتراضي، وسيخبو دورها كوسيلة لنشر المعلومات بين الناس. وعوضاً عن ذلك، قررت السماح لروادها باستغلالها كأماكن لإثارة المناقشات والحوارات، سواء العلنية، أو تلك التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويشار هنا إلى تغير دور أمناء المكتبات، لأن المعلومات باتت على الإنترنت وتتعلق بمشاكل الناس الشخصية، فأصبح دور هؤلاء الأمناء أن يكونوا مدراء للنقاشات التي تجري في المكتبات، ومنسقو الدعم التقني في المكتبة، وأن يساعدوا على تواصل رواد المكتبات، بعضهم ببعض.

2. المكتبة الرقمية العالمية

المكتبة الرقمية موقع على شبكة الإنترنت، ينشر مواداً ثقافية من المكتبات، ومن أرشيفات متعددة من مختلف دول العالم. ويتضمن هذا الموقع مخطوطات وخرائط وكتباً نادرة، وأفلاماً، وتسجيلات صوتية، ومطبوعات، وصوراً فوتوغرافية. وهو متاح للجميع بالمجان. وتسهم هذه المكتبة مساهمة مباشرة في تحقيق أهداف منظمة اليونسكو [1] UNISCO، ومنها بناء مجتمع المعرفة، الذي يرتكز على مبادئ أهمها، مثلاً، تحقيق مجتمع مبني على التعدد الثقافي والتعدد اللغوي، وحرية التعبير وحرية النفاذ إلى المعرفة، وإلى المعلومات، وتحقيق تربية ذات مستوى رفيع للجميع.

إن المكتبة الرقمية العالمية ليست موقعاً إلكترونياً عادياً، قدر ما هي أرشيف فريد، يتضمن مجموعة من المراجع والوثائق والمخطوطات النفيسة، التي تعود إلى فترات تاريخية مختلفة، وتسهم فيها جهات عالمية عدة. ومن بين ما توفره المكتبة الرقمية، التي أطلقتها من باريس Paris منظمة اليونسكوUNISCO ، بالتعاون مع مكتبة الكونجرس وجهات عالمية أخرى، مخطوطات صينية قديمة، وأخرى عربية وإسلامية، إضافة إلى وثائق تاريخية من أمريكا وأوروبا، وغيرها من بقاع العالم. وتتيح المكتبة لمستخدميها من القراء والدارسين والمهتمين الاطلاع على كنوز العالم المعرفية والثقافية عبر هذا الأرشيف الإلكتروني، الذي يتضمن مقتنيات أكثر من 30 مؤسسة عالمية (أنظر صورة خريطة للعالم).

ويهدف هذا المشروع الكبير إلى توسيع حجم الاطلاع على المنتج الثقافي والمعرفي الكوني، عبر الوسيلة التي يتسع انتشارها واستخدامها في أرجاء المعمورة، أي شبكة الإنترنت، الأمر الذي يسهم في ردم الهوة الحضارية بين أطراف العالم، ويعمق التفاهم الإنساني، ويصبح أداة تعليم وبحث نادرة، ويعزز الرغبة في الاطلاع على المنجزات الثقافية على الصعيد الإنساني.

تتضمن المكتبة الرقمية العالمية نفائس المراجع، بما في ذلك أرشيف مكتبة الكونجرس، التي تأسست عام 1800، ومواد من مختلف أنحاء العالم، منها وثائق ومقتنيات من الجهات المشاركة، مثل مكتبة الإسكندرية. ومن الجهات المساهمة، أيضاً، بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والبرازيل، والصين، واليابان. وكان القائمون على المشروع، الذي بدأ التفكير فيه عام 2005، قد وجهوا الدعوة إلى المكتبات والمتاحف ومكتبات الأرشيف والمعاهد ذات الصلة، التي ترغب بالمشاركة في مجموعاتها من الوثائق والبحوث، للمشاركة في خزائن المكتبة الإلكترونية، لتصبح أداة واسعة للبحث والتعليم.

من أهم المستفيدين من المشروع الجديد، الذي يمكن استخدام محتوياته مجاناً، الدارسون والأكاديميون، وغيرهم من المهتمين بالاطلاع على ما أنتجته وتنتجه البشرية من معرفة. ويمكن الأرشيف الإلكتروني الضخم مستخدميه من الوصول إلى مخطوطات ووثائق تاريخية وخرائط ومطبوعات وأرشيف موسيقي، وآخر للصور، وملفات باللغات السبع المستخدمة في الأمم المتحدة[2].

3. الوثائق الرقمية

هناك بعض الوثائق التي تصبح أعظم قيمة ونفعاً في الشكل الرقمي، بحيث يندر استخدام نسختها الورقية. فمثلا، قررت شركة "بوينج" Boeing الأمريكية لصناعة الطائرات، تصميم طائرتها النفاثة من نوع ٧٧٧ (أنظر صورة طائرة بوينج 777) باستخدام وثيقة إلكترونية عملاقة، تضم كل المعلومات الهندسية. وكانت الشركة تستخدم لتنسيق التعاون فيما بين فرق التصميم ومجموعات التصنيع والمتعاقدين الخارجيين، خلال عمليات تطوير الطائرات السابقة، طبعات زرقاء، عبارة عن صورة فوتوغرافية لرسم ميكانيكي، كما بنت نموذجاً مكلفاً بالحجم الطبيعي للطائرة. وكان النموذج ضروريا للتأكد من أن أجزاء الطائرة، المصممة من قبل مهندسين مختلفين، متناسبة بعضها مع بعض بالصورة الصحيحة. أما خلال تطوير الطائرة ٧٧٧ ، فقد تخلت الشركة عن الطبعات الزرقاء ونموذج الحجم الطبيعي، واستخدمت، منذ البداية، وثيقة احتوت على نماذج رقمية، ثلاثية الأبعاد، لكل أجزاء الطائرة، ولكيفية توافقها معاً. وكان المهندسون عند النهايات الطرفية لأجهزة الحاسب، يستطيعون مراقبة التصميم ورؤية منظورات مختلفة للمحتوى، كما كان بإمكانهم متابعة التقدم في أي منطقة، ودراسة أي نتائج اختباريه مثيرة للاهتمام، وإضافة الحواشي التفسيرية المتعلقة بالتكلفة، وتغيير أي جزء من التصميم بطرق لم تكن لتتاح أبداً على الورق. وكان كل شخص يشتغل على البيانات نفسها، يستطيع أن يتابع ما يهمه هو بشكل نوعي، وكذلك كل تغيير بإمكانه المشاركة فيه. كما يمكن لكل فرد أن يعرف من أدخل هذا التغيير، ومتى أدخله، ولماذا أدخله. واستطاعت الشركة أن توفر بذلك مئات الألوف من الأوراق، والعديد من سنوات العمل الفردي في رسم اﻟﻤﺨططات ونسخها، من خلال استخدام الوثائق الإلكترونية.

4. الموسوعات الرقمية

لطالما كانت الموسوعات العلمية تزين رفوف المكتبات الشخصية بمجلداتها، التي تعكس، في غالب الأحيان، المستوى الثقافي لأصحاب المنزل. وتتألف الموسوعات المطبوعة على الورق من أكثر من عشرين مجلدا، بها ملايين الكلمات وآلاف الصور، وتتكلف كثيراً، وبخاصة إذا ما أخذ بعين الاعتبار السرعة التي تفقد بها المعلومات جدتها. وأخذ الكثير من الناس يلجئون إلى محركات البحث في الإنترنت، أو الموسوعات الحرة في تلك الشبكة، بحثاً عن أجوبة لأسئلتهم واستفساراتهم مجانا. وزاد الإقبال بشكل ملحوظ على الموسوعات الحرة القائمة على مبدأ المشاركة الجماعية في بناء المحتوى، ما حدا بالموسوعات العريقة إلى التفكير في كيفية الوقوف في وجه هذه المنافسة القوية، وتعزيز مكانتها كمرجع معرفي.

أنتجت أول موسوعة إلكترونية عام 1985، لصالح وزارتي الصناعة والتعليم الأمريكيتين، على قرص مدمج، ولم تكن أكثر من تفريغ إلكتروني للنص اللغوي الورقي في 18 مجلدا. وفى عام 1990، صدرت الطبعة الثانية من هذه الموسوعة، مزودة بالصور والخرائط والرسوم، وبعد عامين صدرت طبعة ثالثة في قرصين، ولكنها أصبحت موسوعة متعددة الوسائط، تضمنت النص اللغوي، والصور، والخرائط، والرسوم المتحركة، والصوت الناطق، وأصبحت الموسوعة أشبه بمكتبة، وقاعة دراسة، ومتحف متحرك، ومعمل. وفى عام 1993، أصدرت شركة مايكروسوفت Microsoft موسوعة "انكارتا"[3] Encarta، المزودة بالخرائط والرسوم الساكنة، على قرص مدمج، ويبلغ مجموع كلمات نصوصها تسعة ملايين كلمة، وبها ٨ ساعات من المواد الصوتية، و ٩ آلاف صورة فوتوغرافية وتوضيحية، و ٨٠٠ خريطة، و ٢٥٠ من الرسوم البيانية والجداول، ومائة من أفلام الرسوم المتحركة والفيديو. وإذا ما أراد شخص أن يعرف كيف يكون صوت آلة العود، أو أن يشاهد رسوما متحركة تشرح كيف تعمل آلة ما، فسوف يجد كل هذه المعلومات موجودة فيها.

وفى عام 1995، أصدرت الموسوعة البريطانية طبعتها الإلكترونية الأولى، متعددة الوسائط، ويصحبها النص الناطق الكامل لواحد من أكبر معاجم اللغة الانجليزية.

وفي الموسوعات المطبوعة، غالبا ما تُتبع المقالة بقائمة بأسماء مقالات حول الموضوعات المتصلة بها، ولقراءتها، سيتعين البحث عن المقالات المشار إليها، والتي قد تكون في مجلد آخر. أما في الموسوعة الرقمية، فإن كل ما يلزم فعله هو ضغطة على اسم المرجع لتظهر المقالة. وقد تتضمن مقالات الموسوعة إحالات للموضوعات المتصلة، والموجودة في مصادر أخرى. ومن أجل ذلك أصدرت أكبر موسوعة ألمانية "بروكهاوس" BROCKHAUS (أنظر صورة موسوعة بروكهاوس) نسخة رقمية إلى جانب النسخة المطبوعة. وعلى الرغم من أن الحصول على الموسوعة الرقمية ليس مجانا، إلا أن القائمين على إصدارها يراهنون على جودة المعلومات ودقة مصادرها، مقارنة مع الموسوعات الحرة المجانية على الإنترنت.

نشرت موسوعة بروكهاوس  طبعة ضمت ثلاثين مجلداً، وبها 24 ألف صفحة. وتشتمل هذه النسخة على مقالات تشرح 300 ألف مصطلح. وهذا العدد الضخم من المجلدات يزن نحو سبعين كجم، ويحتاج عرضها إلى مكتبة بطول مترين. أما إذا كانت رفوف خزانات الكتب الشخصية لدى من يرغب في اقتناء النسخة الحديثة للموسوعة لا تسع لهذا العدد الكبير من المجلدات، فخياره عندئذ الحصول على الموسوعة الجديدة مخزنة بالكامل في ذاكرة إلكترونية.

ربما لا يروق لعشاق الموسوعات التقليدية أو المطبوعة، الانفتاح على العالم الرقمي وميزاته في هذا المجال، بعدما ظلت النسخ المطبوعة لزمن طويل العمود الفقري ومركز ثقل المكتبات الجيدة. فواقع الأمر يثبت أن الموسوعات الرقمية تملك جوانب إيجابية عديدة. فهي توفر، بالدرجة الأولى، الجهد الذي يكلفه البحث في المجلدات الكبيرة عن المقال أو المعلومة، التي يرغب القارئ في الإطلاع عليها. وتمتاز الموسوعة الرقمية في هذا الإطار بقدرتها على الإجابة حتى على الأسئلة السهلة. ويدرك أصحاب فكرة الموسوعة الرقمية أن مستخدميها سرعان ما سيكتشفون مزاياها وتفوقها على الموسوعة التقليدية. ومن جملة تلك المزايا التي تزخر بها الموسوعة الرقمية، على نقيض الموسوعة المطبوعة، هو أنه يمكن لصاحبها تحديث محتواها، ومواكبة مستجدات العلوم، في حين تتقادم النسخة المطبوعة يوما بعد يوم، مع أنه يحق لمالك الموسوعة المطبوعة الدخول عبر الإنترنت لأرشيف الموسوعة. وتشمل الموسوعة الرقمية، إضافة إلى النصوص المكتوبة، عدداً من الوسائط المتعددة، كالفيديو، والخرائط، والصور، والملفات الصوتية. والأهم أيضا أن الموسوعة الرقمية تقدم لمستخدميها غرفة علمية ثلاثية الأبعاد، وهذا يعني أن الباحث يحصل، إلى جانب المعلومة أو المادة التي يبحث عنها، على مواد ومعلومات إضافية ذات صلة، ما يسهم في تقاطع مجالات معرفية مختلفة، الأمر الذي يضفي على الموسوعة نوعاً من الديناميكية والحياة.

5. مواقع التواصل الاجتماعي

دخلت شبكة الإنترنت كل مجالات الحياة، وأصبحت تعد أحد أهم مصادر المعلومات على الإطلاق. وفي بعض المناطق النائية تعد الشبكة الوسيلة الوحيدة للوصول إلى المعلومات. أما في المجتمعات المغلقة، فتلعب الإنترنت دوراً مهما في الإفلات من الرقابة، والتحكم في تدفق المعلومات، ومن ثم، تتجاوز الحدود الوطنية، والتحرر من القيود الاجتماعية والسياسية، حيث يكون التواصل في الشبكة، بالدرجة الأولى، عبر البريد الإليكتروني وغرف الدردشة. وأصبحت الإنترنت جزءا لا يتجزأ من حياة الشباب، وتحولت إلى عالم كامل يلتقون فيه بالأصدقاء، وحتى بشريك الحياة، أحيانا. ولا يمر يوم في حياة معظم الشباب دون الإبحار في عالم الإنترنت، ولو لمدة قصيرة، يقضون معظمها في الدردشة، سواء بهدف التعارف، أو البحث عن أصدقاء ذوي اهتمامات مشتركة، أو البحث عن معلومات في المنتديات المتخصصة في موضوعات ما.

أضحت مواقع التواصل الاجتماعي سمة من سمات مستخدمي الإنترنت (أنظر صورة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي)، ولا تقتصر اهتمامات مستخدمي هذه المواقع على الجوانب السياسية من تعبئة الرأي العام الداخلي أو الخارجي تجاه قضية ما، ولكن الجانب الاجتماعي أضحى أحد اهتمامات مستخدمي هذه المواقع، فهي تتيح لمستخدميها تشكيل شبكات اجتماعية على نطاق واسع، تستكشف آراء واتجاهات المستخدمين لسلعة ما أو خدمة، ذلك أن وسائل التسويق التقليدية، التي تعتمد على التركيز على مجموعة معينة والقيام باستطلاعات، مكلفة ماليا، ومهدرة للوقت. وعلى خلاف ذلك، توفر مواقع التواصل الاجتماعي فرصة للتوصل إلى الآراء بصورة سهلة، والوقوف على ما يريده مستهلكو سلعة معينة، ومطالبهم وطموحاتهم، وأوجه القصور في الخدمة والسلعة، ومن ثم تجنبها، والعمل على تفاديها في المرحلة المقبلة.

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أداة مهمة لمراقبة وسائل الإعلام الرئيسة، والحكم على مدى مهنيتها أو تحيزها في تغطية الأحداث والاضطرابات. وهو الأمر الذي يضع حداً لدور وسائل الإعلام في تزييف العقول، أو نشر معلومات غير صحيحة. فالتكنولوجيا الجديدة، التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي، مكنت العامة من أن يكون لهم دور مراقب لوسائل الإعلام الرئيسة، والأعمال التجارية، والمحاسبة السياسية، بدرجة لم تكن موجودة من قبل.

وتتجه عديد من الحكومات إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل نشر المعلومات بسرعة بين أكبر عدد من المواطنين. ويتوقع بعض الناس أن الرسائل العاجلة المنذرة بإعصار أو فيضان أو انتشار وباء فتاك، سيكون مصدرها هذه المواقع.

وبظهور الشبكات الاجتماعية على الإنترنت أصبح ترويج المنتج يعتمد على الناس أنفسهم، عبر تداول وتبادل المعلومات حول المنتج فيما بينهم على الشبكة العنكبوتية. فقد بدأ العصر الجديد الذي يعتمد على المستهلكين أنفسهم ومساهمتهم في ترويج السلع والمنتجات، من خلال تبادل الفيديو كليب، والرسائل الإلكترونية المختلفة. فهذه الطريقة تعتمد في بعض مواقع الإنترنت على فكرة أن المستهلك الذي جرب منتجاً ما وشعر بالرضا، أو عدم الرضا عنه، فانه يخبر أفرادا آخرين، سواء عبر البريد الإلكتروني، أو إرسال الرابط الخاص بالمنتج، أو ما إلي ذلك.

إن الإعلان التقليدي، سواء التلفزيوني أو المطبوع، يعيش أزمة حالية، حيث أصبح يفقد أهميته وقيمته لدي المستهلك. وعلى الرغم من إنفاق 90 في المائة من ميزانية الإعلانات عالمياً للإعلان في وسائل الإعلام التقليدية، ومنها 10 في المائة فقط للإعلان على الإنترنت، إلا أن تأثير الإعلان عبر الإنترنت على المستهلك يحتل المرتبة الأولي، ويأتي بعده الإعلان التليفزيوني. كما أن الإعلان عبر الإنترنت له تأثير قوي، وخاصة في مجالات شراء أجهزة إلكترونية جديدة، وعروض شركات السياحة والخدمات الصحية، ذلك أن المستخدمين يأخذون أراء بعضهم عبر المنتديات أو صفحات الإنترنت الخاصة بتقييم المنتجات، أو مواقع تحميل الفيديو.

ومن هنا تساعد وكالات الإعلانات الشركات على ترويج منتجاتها عبر شبكة الإنترنت، باختيارها مواقع وصفحات الإنترنت الأفضل لوضع الإعلانات، والتي تشهد تواصلا جماهيريا عالميا، وباللغات المختلفة. ومن المهم اختيار أنسب المواقع لزرع هذه المنتجات عليها حتى يراها المستخدمون، ويشرعوا في فتح حوار ونقاش حولها، ما يسهم في انتشارها والإعلان عنها بصورة كبيرة عبر حملات تسويقية يقودها المستهلكون أنفسهم، خاصة أن الشبكات الاجتماعية أصبحت قناة إعلانية مهمة، وستزداد فاعليتها بصورة أكثر في المستقبل. كما أن هذه الوسيلة عبر الإنترنت تجعل أصحاب الشركات يتابعون أراء العملاء حول منتجاتهم، ما يعطيهم الفرصة للاستجابة والتغيير السريع، خلافاً للوسائل الإعلانية التقليدية.

ومن ناحية أخرى، فان قراصنة المعلوماتية، سعياً وراء الربح السريع، بدءوا بتنظيم أنفسهم في مجموعات أشبه ما تكون بتلك الخاصة بالجريمة المنظمة، وذلك لاختراق الحسابات الخاصة للحصول على أموال أصحابها، عبر سرقة أرقام أرصدتهم المصرفية، أو بطاقاتهم الائتمانية. واللافت أن القراصنة، عادة، ما يحاولون، إن لم يطلب منهم أحد مهمة معينة، الدخول إلى المواقع الإلكترونية الاجتماعية، وذلك للعثور على ضحاياهم، والطريف أنهم يستخدمون هذه المواقع نفسها للتخاطب فيما بينهم، حيث كُشفت غير مرة مجموعات منهم عبر مراسلاتهم الاجتماعية.

وفي العقد التاسع من القرن العشرين، كان القراصنة يستخدمون البريد الإلكتروني، ولكن الناس اعتادوا عدم التعامل مع الرسائل الإلكترونية المشبوهة التي تردهم، غير أنهم لا يفعلون ذلك على مواقع التعارف، ما يفسر ارتفاع هجمات القرصنة، وتحويل أنظارهم نحو هذه المواقع، التي تضم ملايين المشتركين. وعلى الرغم من أن اختراق مواقع التعارف لا يضمن للقراصنة مكاسب مالية مباشرة، إلا أنهم يسعون للحصول على كلمات السر الخاصة بالمستخدمين، لإدراكهم أن الكثيرين يعمدون إلى استخدام كلمة سر بعينها لكل المواقع التي يستعملونها، بما في ذلك حساباتهم المالية.

إن مواقع التعارف تمنح المشتركين فيها شعورا مزيفا بالأمان، لأن كل مشترك يتعامل حصراً مع مجموعة من الأصدقاء ضمن شبكة واحدة، ويفترض، من ثم، أن كل ما يرده منهم هو موضع ثقة.

أ. موقع فيسبوك

جاءت فكرة إنشاء موقع "فيسبوك" Face book (أنظر صورة موقع فيسبوك) من خلال حلم لأحد طلاب جامعة هارفارد Harvard الأمريكية المولعين بالحاسب، عندما جلس أمام شاشة الحاسب في حجرته بمساكن الطلبة في الجامعة، وبدأ يصمم موقعاً جديداً على شبكة الإنترنت. كان لديه هدف واضح، وهو تصميم موقع يجمع زملاءه في الجامعة، ويمكنهم من تبادل أخبارهم وصورهم وآرائهم. وفكر، ببساطة، في إنشاء موقع لتسهيل عملية التواصل بين طلبة الجامعة، على أساس أن مثل هذا التواصل، إذا تم بنجاح، سيكون له شعبية جارفة.

أصبح موقع "فيسبوك" على شبكة الإنترنت يعمل على تكوين الأصدقاء، ويساعدهم على تبادل المعلومات والصور الشخصية ومقاطع الفيديو والتعليق عليها، ويسهل إمكانية تكوين علاقات في فترة قصيرة، وهو أكبر موقع على الشبكة يسمح للمستخدمين بمشاهدة ومشاركة مقاطع الفيديو مجاناً، ويعد واحداً من أسرع المواقع تطورا على شبكة الإنترنت .

ب. موقع فلكر

موقع فلكر Flickr هو صفحة أو معرض صور شخصي على الإنترنت، بحيث يستطيع الآخرون أن يروا الصور التي صورها صاحب الصفحة (أنظر صورة موقع فلكر)، ويمكنهم إضافة التعليقات عليها. ولمحبي التصوير، فان هذا الموقع يفيدهم في عرض صورهم للعالم، ويمكن الحصول منه على صور نادرة لمعلم أثري، أو حيوانات.

ج. موقع تويتر

"ماذا تفعل؟"، هذا التساؤل البسيط هو ملخص فكرة موقع "تويتر" Twitter المجاني، الذي ظهر عام 2006 من قبل مجموعة أمريكية صغيرة في البداية (أنظر صورة موقع تويتر). ويسمح الموقع لمستخدميه بإرسال واستقبال رسائل عبر الهاتف الخلوي، وكذلك الرسائل الفورية، أو رسائل على الموقع. وكل رسالة تتألف من 140 كلمة، كحد أقصى، تأتي ردّا على سؤال مباشر: ماذا تفعل؟. ويشارك المستخدم إجابته على التساؤل مع شبكة أصدقائه على الموقع.

وخلافا لخدمات إرسال الرسائل التقليدية، يتيح موقع "تويتر" لمستخدميه تبادل أماكنهم وحالاتهم المزاجية بسهولة ويسر بين مجموعة كبيرة من الأصدقاء. ويمكن الموقع من تعبئة الرأي العام، وربط جماعات المصالح بصورة كبيرة، وجعل وسائل الاتصال والالتقاء فيما بينها أمراً يسيراً، طارحاً أمامهم وسائل اتصال جديدة، تتلقى قبولاً غير معهود.

وفى 11 يونيه 2009، أدخل رائد فضاء أمريكي موقع "تويتر" التاريخ، بتحديث مدونته على الموقع عن رحلة المكوك "أتلانتيس" Atlantis (أنظر صورة المكوك أتلانتيس)، من الفضاء الخارجي، حيث أتاح الموقع لرائد الفضاء الوفاء بوعوده بالتواصل عبر مدونته من على متن المكوك، الذي كان ينفذ مهمة لإصلاح المرصد الفضائي "هابل" Hubble. وجاء في تحديثه: "من مدار الأرض: الإطلاق كان رائعا، أشعر بالارتياح، وأجتهد في العمل، وأستمتع بالمنظر الرائع، إن مغامرة العمر قد بدأت".

د. موقع QQ

أكثر موقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت هو موقع QQ الصيني، الذي يزيد عدد مستخدميه عن 300 مليون مشترك (أنظر صورة موقع QQ). وكان هذا الموقع يعرف رسميا باسم Tencant QQ، وهو أكثر شبكة إلكترونية اجتماعية استخداما في الصين، وكان قد أنشئ بإحدى المدن جنوبي الصين عام 1998.

هـ. موقع يوتيوب

يوتيوب YouTube هو موقع مجاني لوضع أشرطة الفيديو، على ألا يتجاوز الواحد منها أكثر من 100 ميجابايت[4]. أسس هذا الموقع في شهر فبراير 2005، واستطاع الزوار استخدامه بداية من شهر مايو في العام نفسه، وبعد ذلك بستة شهور انطلق الموقع بشكل رسمي، ومع ذلك يعد من أكبر 10 مواقع على مستوي العالم من ناحية الزيارات.

و. المدونات

ظهرت كلمة مدونة Blog بعد أن كتب بيتر ميرهولز Peter Merholz، وهو من أوائل المهتمين بهذا النوع من المواقع عام 1999 المصطلح Weblog في موقعه لتصبح we blog، ما جعل كلمة Blog تتحول وتقبل كاسم noun في اللغة الإنجليزية، ثم كفعل to blog يعني التحرير Edit. أما المصطلح Weblog نفسه فقد ابتكره جورن بارجر Jorn Barger في ديسمبر 1997 لوصف عملية تسجيل الويب أو logging the web.

وتعد المدونات أحد أشهر أمثلة الشبكات والمواقع الاجتماعية المُعتمدة على المستخدمين، ويرجع السبب في شهرتها وسرعة انتشارها، تميزها بالتفاعلية، والوصول المباشر إليها من قبل المستفيدين. وهي تشكيل التجمعات الإلكترونية بين محرريها والمستفيدين منها، بصورة أكثر فعالية من غيرها من وسائل الاتصال الأخرى، مثل البريد الإلكتروني، والقوائم البريدية.

وتتناول المدونات العديد من الموضوعات السياسية والاقتصادية والترفيهية والتثقيفية، وغيرها من الموضوعات، ومنها المدونات التعليمية، وهي وسيلة تعليمية جديدة يشترك فيها كل من الطلاب والمعلمين والمدراء والخبراء للاتصال فيما بينهم. وتمنح الطلاب فرصة المشاركة بآرائهم وإبداء ملاحظاتهم على المعلومات التي يقدمها المعلمون، وكذلك على أسلوب الإدارة التي تدار بها المدرسة، ويعتني الطلاب في المدونة التعليمية بالكتابة حول الأحداث الجارية والموضوعات، التي لها علاقة بموضوع التعليم.

المدونة تطبيق من تطبيقات شبكة الإنترنت، وهي تعمل من خلال نظام لإدارة المحتوى، وهو في أبسط صوره صفحة على شبكة الإنترنت تظهر عليها تدوينات مؤرخة ومرتبة ترتيباً زمنياً تصاعدياً، يُنشر منها عدد محدد، يتحكم فيه مدير أو ناشر المدونة. كما يتضمن النظام آلية لأرشفة المدخلات القديمة، والتي لكل منها مسار دائم لا يتغير منذ لحظة نشرها، ما يمكِن القارئ من الرجوع إلى تدوينة معينة في وقت لاحق عندما لا تعود متاحة في الصفحة الأولى للمدونة. وهذه الآلية للنشر على شبكة الإنترنت تعزل المستخدم عن التعقيدات التقنية المرتبطة عادة بهذه الشبكة، وتتيح لكل شخص أن ينشر كتابته بسهولة.

يتيح موفرو خدمة عديدون آليات أشبه بواجهات بريد إلكتروني على شبكة الإنترنت، تتيح لأي شخص أن يحتفظ بمدونة ينشر من خلالها ما يريد، حال ملء نماذج وضغط أزرار. كما يتيحون أيضاً خصائص مكملة؛ تهدف إلى تسهيل متابعة التحديثات التي تطرأ على المحتوى المنشور، دون الحاجة إلى زيارة المواقع بشكل دوري، ودون الحاجة للاشتراك في قوائم بريدية، وخدمات أخرى للربط بين المدونات، إضافة إلى الخاصية الأهم وهي التعليقات التي تحقق التفاعل بين المدونين والقراء.

6. التعليم الإلكتروني

الحديث عن تطوير التعليم لا يتوقف لاقتناع الحكومات والشعوب، معاً، أن النهضة الحقيقية في أي بلد لا تأتي إلا بنهضة تعليمية حقيقية. فالتعليم الجيد يؤدى إلى استثمار جيد، لذا بدأت الحكومات تفكر في تغيير الأنظمة التعليمية، والتحول من التعليم التقليدي (أنظر صورة فصل للتعليم التقليدي)، القائم على المعلم كمصدر أساسي ووحيد للمعلومات، إلى تعليم إلكتروني، المعلم فيه مساعد ومكمل للتعليم، ويعتمد على مصادر شبكات المعلومات.

يُطلق مصطلح التعليم الإلكتروني E-Learning على وسائل التعليم من خلال الإنترنت[5]، ويتطلب هذا النوع من التعليم وسائل اتصال عالية السرعة، تربط بين الطلبة في المنازل وبين المدرسين؛ فمثلاً، تستخدم شبكات اتصالات سريعة لإعطاء الطلبة الدروس من خلال تقنية مؤتمرات الفيديو، حيث يمكن للطلبة والمدرسين التفاعل بالصوت والصورة من خلال الشبكة. ويوجد على الشبكة نفسها العديد من المواقع لشرح الدروس والمواد العلمية، علاوة على الاستفادة من التدريبات والاختبارات، التي توجد على هذه المواقع.

التعليم الإلكتروني هو طريقة للتعليم تُستخدم فيها آليات الاتصال الحديثة، من الحاسب وشبكاته، ووسائطه المتعددة، من صوت وصورة، ورسومات، وآليات بحث، ومكتبات إلكترونية، وكذلك الإنترنت، سواء كان هذا التعليم يتم عن بعد أو في الفصل الدراسي؛ فالمقصود هو استخدام التقنيات بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم، بأقصر جهد وأقله وأكبر فائدة.

وأصبح على المعلم القيام بأدوار جديدة، تتمشى مع التقدم العلمي والتكنولوجي، من جهة، ومع مطالب ثورة المعلومات والاتصالات، من جهة ثانية. وتركز دوره في أنه مطور للمقررات والمناهج المدرسية. وهذه المهمة الجديدة تمثل الدور الأساسي الذي ينبغي عليه القيام به.

للتعليم الإلكتروني مدخلاته، وعملياته، ومخرجاته، كما أنه لا يهتم بتقديم المحتوى فقط، بل يهتم بعناصر ومكونات البرنامج التعليمي كاملا، ويحتاج إلى بيئة متكاملة، تتوافر فيها قنوات الاتصال الرقمية والتفاعل بين الطلاب والمعلمين، من خلال تبادل الآراء والمناقشات والحوارات، بالاستعانة بقنوات الاتصال المختلفة، مثل البريد الإلكتروني، والتحدث Chatting وغرف الصف الافتراضيةVirtual Classrooms . كما أن من أهم مميزاته أنه يتوافر في أي وقت، وفقاً لمقدرة المتعلم.

وثمة عدد من النماذج المتعلقة بتوظيف التعليم الإلكتروني في عمليتي التعليم والتعلم، منها النموذج الذي يوظف فيه التعليم الإلكتروني جزئياً لمساعدة التعليم التقليدي، وأيضا نموذج التعليم المدمج Blended ، وفيه يوظف التعليم الإلكتروني مدمجا مع التعليم التقليدي، بحيث يتشاركا معا في انجاز عملية التعلم، وفى تلك الصيغة يكون المعلم هو الموجه لعملية التعليم لدى الطلاب والمرشد لها، فهذا النموذج يجمع بين مزايا كل من التعليم الإلكتروني والتعليم التقليدي.

وتستخدم التعليم المدمج وسائل إيصال مختلفة لتعليم مادة معينة. وقد تتضمن هذه الوسائل مزيجاً من الإلقاء المباشر في قاعة المحاضرات، والتواصل عبر الإنترنت، والتعليم الذاتي. ويشتمل التعليم المدمج على مجموعة من الوسائط، التي تصمم لتكمل بعضها بعضاً، ويحتاج إلى معلم من نوع خاص، لديه القدرة على التعامل مع التكنولوجيا والبرامج الحديثة، واستخدام الإنترنت، وتصميم الاختبارات الإلكترونية، بحيث يستطيع أن يشرح الدرس بالطريقة التقليدية، ثم يجرى التطبيق العملي على الحاسب، وحل الاختبارات الإلكترونية، والاطلاع على روابط تتعلق بالدرس الذي يشرحه، والبحث عن الجديد في الموضوع، وجعل الطالب يشاركه في عملية البحث، بحيث يكون دور الطالب مهماً، ومشاركاً مع المعلم، وليس متلقيا فقط. ويحتاج هذا النوع من التعليم إلى معلم يستطيع أن يصمم الدرس بنفسه، بما يتناسب مع الإمكانيات المتوافرة في المدرسة (أنظر صورة فصل للتعليم المدمج).

وتتطلب منظومة التعليم المدمج تزويد الفصول بجهاز حاسب متصل بالإنترنت، وجهاز عرض Data Show، وتوفير مقرر إلكتروني E-course لكل مادة، وبرامج التقييم الإلكتروني E-evaluate، ويحول المعلم كل ما يقوم بشرحه من صورته الجامدة إلى واقع حي، يثير انتباه الطلاب من طريق الوسائط المتعددة Multimedia والإنترنت.

وتسمح الوسائط التكنولوجية المتاحة في التعليم المدمج بالتعلم وسط المجموعات؛ فالفرد يشارك مع زملائه في بلد آخر من خلال الشبكة، أو من خلال مؤتمرات الفيديو في مشاهدة فيديو عن المعلومة، ولذلك، يحتاج الطالب في ظل التعليم المدمج أن يتدرب على المحادثة عبر شبكة الإنترنت، وعلى التعامل مع البريد الإلكتروني.

اتخذ التعليم الإلكتروني مكانة وأهمية لما يحققه للمتعلم من فوائد وامتيازات، منها إتاحة الفرصة لأكبر عدد من فئات المجتمع للحصول على التعليم والتدريب، والتغلب على عوائق المكان والزمان، وتقليل تكلفة التعليم على المدى الطويل، والاستغلال الأمثل للموارد البشرية والمادية، مع حل مشكلة التخصصات النادرة. وتكون المادة التدريبية، المعدة من قبل إحدى المؤسسات، متاحة لمن يرغب في الاستفادة منها. كما أنه يحقق المساواة في الاستفادة من المعلمين المتميزين لدى جميع الطلاب.

أسهمت أجهزة الحاسبات في جميع عمليات التعليم والتعلم في العالم‏،‏ وأصبح المعلمون والطلاب في مختلف المراحل بالدول المتقدمة يستخدمون الإنترنت في التعلم، بما يسمي "التعليم عن بعد"، وبما يفيد الطالب العادي، أو حتى المعوق سمعياً وبصرياً أو ذهنياً‏.‏ فالطالب، من خلال بالتعليم الإلكتروني، يستخدم مهارات كثيرة في التعامل مع المادة التعليمية المستحدثة، ويكتسب مهارات الاستماع، والقراءة، والكتابة، والإملاء، والقواعد، والمفردات، والنطق، واستخدام القواميس ودوائر المعارف‏،‏ ويصحح أخطاءه اللغوية والنحوية‏،‏ كما يمكنه أن يجري حوارات مباشرة بالإنترنت مع المدرسين والزملاء والخبراء، ويتعرف علي آخر الأبحاث من المؤتمرات العلمية؛ لأن الكتاب التقليدي لم يعد هو حدود العلم فقط‏.‏

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن استخدام الإنترنت، وبرامج الحاسب، والوسائط التعليمية المتعددة، في تدريس المواد الدراسية، كانت له آثار ايجابية في عملية التعليم‏،‏ وزاد دافع الطلاب للتعلم‏،‏ وأتاح لهم فرصا للاطلاع علي كثير من المصادر، والقدرة علي المناقشة وحل الواجبات الكتابية، شرط أن يكون المعلم متقناً للتعامل مع الإنترنت لإدارة نقاش مفتوح مع جميع الطلاب، في مواقع مختلفة‏.

وثمة عدة خطوات لدخول مرحلة التعليم الإلكتروني، منها البدء في حصر حاجات المعلمين الذين يحتاجون الدراسة الإلكترونية، وتوفير الحاسب لكل منهم، وتلقي دورات لإتقان مهارات الحاسب من خلال تنمية قدرات المعلم في برامج التصفح ومحركات البحث،‏ واستخدام البريد الإلكتروني، وإرسال رسائل للطلاب، وإجراء حوارات معهم عبر الشبكة، وطرق استخدام القواميس ودوائر المعارف والبرامج التعليمية، ودخول المواقع المناسبة للعملية التعليمية وبرامجها المستحدثة‏،‏ والقدرة علي تصميم الاختبارات بالبرنامج الخاص بذلك، وتصميم الدروس والمقررات‏.‏

7. التجارة الإلكترونية

التجارة الإلكترونية E-commerce هي أحد الأمثلة الواضحة على الطريقة التي يمكن فيها لتقنيات المعلومات أن تسهم في النمو الاقتصادي. وتختص هذه التجارة بمجموع المبادلات الإلكترونية المرتبطة بنشاطات تجارية، كما يمكن النظر إليها على أنها تلك العلاقات ما بين المؤسسات، أو العلاقات ما بين المؤسسات والإدارات، أو المبادلات ما بين المؤسسات والمستهلكين. والتجارة الإلكترونية مصطلح مختصر لمجموعة مركبة من التقنيات والبنى الأساسية والعمليات والمنتجات، وهى تجمع معا صناعات كاملة، ومنتجين ومستخدمين، ومعلومات متبادلة، ونشاطاً اقتصاديا داخل سوق عالمية، تسمى الإنترنت.

إن التجارة الإلكترونية مفهوم يشرح عملية بيع، أو شراء، أو تبادل المنتجات والخدمات والمعلومات، من خلال شبكة الإنترنت. وهى وسيلة من أجل إيصال المعلومات أو الخدمات أو المنتجات عبر خطوط الهاتف، أو عبر شبكات الحاسب، أو أي وسيلة تقنية أخرى، من أجل جعل المعاملات التجارية تجري بصورة تلقائية وسريعة، لتلبية رغبات الشركات والمستهلكين في خفض كلفة الخدمة، والرفع من كفاءتها، والعمل على تسريع وصول الخدمة (أنظر صورة استخدام الحاسب في التجارة). ويمكن تشبيه التجارة الإلكترونية بسوق إلكتروني، يتواصل فيه البائعون والوسطاء والمشترون، وتقدم فيه المنتجات والخدمات في صيغة افتراضية، أو رقمية.

بدأت تطبيقات التجارة الإلكترونية في أوائل السبعينيات من القرن العشرين، وأكثرها شهرة هو تطبيق التحويلات الإلكترونية للأموال، ولكن مدى هذا التطبيق لم يتجاوز المؤسسات التجارية العملاقة، وبعضاً من الشركات الصغيرة. وبعدها أتى التبادل الإلكتروني للبيانات، الذي بدوره أسهم في توسع وانتشار تطبيق التجارة الإلكترونية من معاملات مالية فقط إلى معاملات أخرى، وتسبب في ازدياد الشركات المساهمة في هذه التقنية، من مؤسسات مالية إلى مصانع وبائعي التجزئة، ومؤسسات خدمية جديدة. وظهرت تطبيقات أخرى مثل بيع وشراء الأسهم وتذاكر السفر، على شبكة الإنترنت.

تقدم التجارة الإلكترونية العديد من المزايا التي يمكن أن تستفيد منها الشركات والأفراد، على حد سواء. فهي تحقق تسويقاً أكثر فعالية، لأن اعتماد الشركات على شبكة الإنترنت في عملية التسويق يتيح لها عرض منتجاتها وخدماتها في مختلف أصقاع العالم، دون انقطاع، طوال ساعات اليوم، وأيام السنة. وتعد عملية إعداد وصيانة مواقع التجارة الإلكترونية على شبكة الإنترنت أقل تكلفة من بناء أسواق التجزئة، أو صيانة المكاتب. ولا تحتاج الشركات إلى الإنفاق الكبير على الأمور الترويجية، ولا تبدو هناك حاجة في الشركة لاستخدام عدد كبير من الموظفين للقيام بعمليات الجرد والأعمال الإدارية، إذ توجد قواعد بيانات على الإنترنت تحتفظ بتاريخ عمليات البيع في الشركة وأسماء الزبائن، ويتيح ذلك لشخص بمفرده استرجاع المعلومات الموجودة في قاعدة البيانات، لتفحص تواريخ عمليات البيع بسهولة.

ويوجد على الإنترنت العديد من الشركات التي تبيع السلع بأسعار منخفضة، بالمقارنة بالمتاجر التقليدية، وذلك لأن التسوق على الإنترنت يوفر الكثير من التكاليف، ما يصب في مصلحة الزبائن. وتوفر الإنترنت اتصالات تفاعلية مباشرة، ما يتيح للشركات في السوق الإلكتروني الاستفادة من هذه الميزات للإجابة على استفسارات العملاء بسرعة، ما يوفر خدمات أفضل لهم، ويستحوذ على رضاهم.

ويُعد السفر أحد ميادين التجارة الإلكترونية، حيث تتحمس شركات الطيران كثيراً لفكرة بيع تذاكر السفر مباشرة عن طريق الإنترنت، من أجل حسم العمولة التي يتقاضاها وكلاء السفر، وهى مرتفعة في بعض الدول، وتبلغ نسبتها في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، 10% من قيمة التذكرة.

كما تعد تجارة السيارات من أكثر أنواع التجارة الإلكترونية رواجاً، إذ يمكن للعملاء الاتصال بمواقع متخصصة، مع تحديد نوع السيارة التي يرغبون في شرائها، فيتلقون العروض من البائعين والشركات، ويختارون من يقدم العرض الأفضل، وبعدها يذهبون إلى مقر البائع لتسلم السيارة. وتقل أسعار السيارات المعروضة عبر الإنترنت 10% تقريبا عن أسعار السيارات المبيعة بالطريقة التقليدية، والسبب في ذلك هو أن تكلفة اشتراك بائع السيارات في شبكة لتأمين خدمات البيع عبر الإنترنت، هي أقل بكثير من تكاليف الدعاية والتسويق بالأسلوب التجاري التقليدي.

ومع المزايا الكثيرة للتجارة الإلكترونية يأتي التحدي المتمثل في كيفية إدارة المعلومات الشخصية؛ فالتجارة الإلكترونية تخلق مسارات للمعلومات تسمح بتعقب معلومات المعاملات وجمعها، ما يؤدى إلى توفير كميات هائلة من المعلومات عن البيانات الشخصية عن حياة الأفراد. وفى حين ظلت المعلومات الشخصية تتعرض للتعقب والمتابعة، فان الأمر الذي اختلف اختلافا جوهريا هو السهولة التي يتم بها ليس فقط جمع المعلومات، بل، أيضاً، التلاعب بها واستغلالها، حيث يجمع 92% من جميع المواقع التجارية على شبكة الإنترنت بعض المعلومات التعريفية الشخصية.

إن ما يتطلبه الأمر للتخلص من الورق، هو أن تدرك الشركات مزايا تقديم الفواتير والسداد إلكترونياً، والذي يتيح للبائعين إرسال الفواتير الإلكترونية إلى المشترين، ويتيح للمشترين تسوية الفواتير بطلبات الشراء. ويمكن أن يسهم تقديم الفواتير والسداد إلكترونيا في تخفيض حسابات النفقات العامة. إضافة إلى ذلك، يمكن معالجة الفواتير على نحو أسرع، وتسريع المعالجة يمّكن المشترين من التفاوض بشأن الخصومات بسبب السداد في الموعد تماما.

أصبحت التجارة الإلكترونية ركنا مهما في الإستراتيجية المتبعة لدى قطاع الأعمال، بشكل عام. وتحاول الشركات الاستفادة من المقومات التي توفرها الإنترنت في انجاز التعاملات التجارية إلكترونياً، بهدف خفض التكلفة، وزيادة الأرباح.  ولعل من المقومات الأساسية لزرع الثقة والأمان لدى المتعاملين في التجارة الإلكترونية، هو وجود تنظيم قانوني ملائم ومناسب يضع القواعد المنظمة لمختلف جوانبها في المراحل كافة على المستوى الوطني، وكذلك على المستوى الدولي، وخاصة في مجالات حماية الملكية الفكرية للتجارة، والسرية، والضرائب الجمركية.

إن التفاوت في نسب الوصول إلى الإنترنت يترجم بالضرورة إلى فروق في استخدام التجارة الإلكترونية؛ فالولايات المتحدة تسيطر على معاملات التجارة الإلكترونية في العالم، حيث تستأثر بنحو 85% منها، وما تبقى موزع بين أوروبا الغربية وآسيا. ويلاحظ أن نحو 80% من جميع مواقع الشبكة باللغة الانجليزية، ومعظم المعلومات، وكذلك المنتجات المطروحة على الإنترنت، مصممة لكي تناسب المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية.

ونتيجة للأهمية المتنامية للتجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، عدتها الولايات المتحدة الأمريكية منطقة تجارة حرة، لا تجنى من مبيعاتها أي ضريبة لتشجع القطاع الخاص الأمريكي في تسويق منتجاته عبر الإنترنت، وبهذا أصبحت الإنترنت أكبر منطقة تجارة حرة عرفها التاريخ.

8. الحكومة الإلكترونية

مفهوم الحكومة الإلكترونية ليس مقصوراً على الخدمات التي تقدمها القطاعات الحكومية للأفراد، بل إن هذا المفهوم يشكل ثلاثة اتجاهات مختلفة: من الحكومة إلى الأفراد (مثلا، تجديد رخص السير، أو طلبات التأشيرات)، ومن الحكومة إلى الحكومة (مثلا، أوامر الدفع من وزارة إلى وزارة(، ومن الحكومة إلى القطاع الخاص (مثلا، تصاريح المؤسسات، وتحصيل الضرائب(. والتقنيات التي تستخدمها الحكومة الإلكترونية كثيرة، وهي في مجملها لا تختلف عن التقنيات التي تستخدمها الجهات الأخرى، مثل الجهات التجارية. ويكمن الاختلاف عادة في طبيعة الاستخدام فقط وليس في التقنية ذاتها. ومن هذه التقنيات نظم المعلومات الإدارية، ويقصد بها النظم التي صممت لأداء وظيفة أو وظائف محددة، وهي غالبا الأعمال الروتينية اليومية التي تقوم بها دائرة حكومية ما، مثل الاتصالات الإدارية، وإدارة الملفات الطبية في المستشفيات، ونظم المحاسبة، ونظم شئون الموظفين، وغيرها.

تستخدم الماسحات الضوئية لتحويل الوثائق الورقية إلى شكل رقمي يمكن تخزينه وتبادله عبر الشبكات المحلية أو الإنترنت، ويستخدم لهذا الغرض ماسحات سريعة تعادل سرعتها سرعة آلات تصوير المستندات تقريبا، وتكون مرتبطة عادة بنظام للأرشفة الإلكترونية يقوم بتخزين الوثائق وفهرستها بطريقة تمكن من استرجاعها عند الحاجة إليها، كما يمكن حفظ الوثائق بعدة أشكال.

ونظم إدارة المحتويات هي برامج تركب في مواقع الإنترنت، لتسهل عملية إدارة المحتويات[6] . وتستخدم تلك النظم قواعد بيانات لتخزين جميع البيانات، إضافة إلى القوالب الجاهزة، وذلك لإنتاج صفحات على شبكة الإنترنت تكوِِّن في النهاية موقعاً متكاملاً. ويمكن إضافة المحتويات إلى الموقع بسرعة، وتخرج تلك المحتويات في شكل متناسق بواسطة برامج تصفح الإنترنت. والميزة الأساسية في نظم إدارة المحتويات أنها تخزن جميع المحتويات في شكل نصوص، أو صور، أو مواد سمعية وبصرية، في قاعدة بيانات، وعندما تطلب الصفحة فإن النظام ينتج صفحة حسب القالب المحدد مسبقاً، ثم يضع النص به، ويتم ذلك بسرعة عالية. وبعض النظم تضع نسخا مؤقتة لبعض الصفحات التي يكثر عليها الطلب في دليل مؤقت، وتستدعيها عند الطلب، وبذلك يكون الوصول إليها أسرع. كما أن تصميم الموقع يمكن أن يعدل في لحظات. وتحتوي تلك النظم على واجهة استخدام تفاعلية سهلة، تمكن غير المتخصصين من إدارة النظام، وإضافة المحتويات.

والنماذج الإلكترونية e-Forms نماذج تفاعلية تتاح عبر الإنترنت، وتتيح إدخال البيانات بشكل تفصيلي من قبل طرف، ومن ثم إرسالها للطرف الثاني، لتدخل إلى نظام ما يقوم بمعالجتها إلكترونياً. ويمكن تطبيق مفهوم النماذج الإلكترونية على العمليات النمطية بين الجهات الحكومية، بسبب وجود العديد من التعاملات الدورية النمطية بين الأجهزة الحكومية، والتي تتم على شكل تبادل بيانات في صيغة نماذج ورقية، أو تقارير محددة وثابتة؛ ونظراً لكون هذه التعاملات تتم بشكل دوري ومستمر، وتتطلب الكثير من الوقت والجهد لتسجيل البيانات وطباعتها وإرسالها بالبريد أو عن طريق مندوب، ومن ثم إعادة تسجيلها في الأنظمة الآلية للجهة المستقبلة، لذا يتم تطبيق مفهوم النماذج الإلكترونية بين الأجهزة الحكومية.

وهناك طرق عديدة للدفع الإلكتروني e-payment على الإنترنت، مثل استخدام بطاقات الائتمان، وغيرها. وفي مجال الحكومة الإلكترونية يمكن توظيف تلك الطرق وتطويرها للتوافق مع احتياجات القطاعات الحكومية.

يلعب تصميم موقع الحكومة الإلكترونية وواجهة الاستخدام دوراً كبيراً في نجاح الموقع، حيث يساعد المستفيد في الوصول المباشر والسريع إلى المعلومات المطلوبة، ويشمل ذلك استخدام الألوان والصور والمساحات وغيرها. وينبغي تنظيم المعلومات بشكل سهل من الأكبر إلى الأصغر، وباستخدام القوائم، ما يجعل الوصول للمعلومات مباشراً وسريعاً.

يستخدم في الحكومة الإلكترونية التوقيع الإلكتروني، وهو ليس توقيعا بالمعنى المعروف، بل عملية مصادقة من قبل شخص أو هيئة ما، ويتم من خلالها التأكد من ضمان أن الرسالة (وثيقة بيع أو شراء مثلا) أرسلت من الشخص الحقيقي، وليس من شخص آخر غيره، وأن الرسالة وصلت فعلاً بالشكل نفسه الذي أرسله بها المرسل وصادق عليه. وعند وصول الرسالة إلى الطرف الآخر يتم التحقق من سلامة محتوى الرسالة وخلوه من التزوير، وعند تطابق النتيجة مع البيانات المخزنة في التوقيع، يعرف أن الرسالة وصلت بالشكل نفسه الذي أرسلت به دون تغيير.

9. النشر الإلكتروني

النشر الإلكتروني هو استرجاع وعرض وإدخال وتبادل المعلومات إلكترونياً عن طريق الشبكات، مثل الإنترنت، أو عن طريق الوسائط، مثل الأقراص المدمجة. ويعرف النشر الإلكتروني بأنه العملية التي يتم من خلالها تقديم الوسائط المطبوعة، كالكتب، والأبحاث العلمية، بصيغة يمكن استقبالها وقراءتها عبر شبكة الإنترنت أو الوسائط المتعددة، حيث تتميز هذه الصيغة بأنها مضغوطة، ومدعومة بوسائط وأدوات، كالأصوات، والرسوم، ونقاط التوصيل التي تربط القارئ بمعلومات فرعية أو بمواقع على شبكة الإنترنت.

تتجلى مزايا النشر الإلكتروني في عدم وجود تكاليف متعلقة بالطبع والتوزيع والشحن، الأمر الذي يغير المبدأ التقليدي عند الناشرين؛ فبدلاً من مبدأ: "اطبع ثم وزع"، حل مبدأ: "وزع ثم اجعل المستخدم يطبع". ومن بين مزايا النشر الإلكتروني التفاعلية من خلال استخدام ما يعرف بنقاط التوصيل Hyperlinks ، التي تزود القارئ بمعلومات إضافية قد لا تكون أساسية في النص، غير أنها متعلقة به.

ومن مزايا النشر الإلكتروني سهولة البحث عن المعلومات دون الحاجة إلى قراءة النص بكامله، ومن ثم، اختصار وقت الباحث وضمان حصوله على ما يريد، وكذلك سهولة تعديل وتنقيح المادة المنشورة إلكترونيا، وسهولة الرجوع إلى المصادر والمراجع المستخدمة في الدراسات؛ فما على القارئ سوى النقر بمؤشر جهاز الحاسب على اسم المصدر أو المرجع، والذي عادة ما يذكر ضمن النص، ليتصفحه، وربما يتوسع في القراءة إذا أراد، ثم يعود ثانية إلى نصه الأصلي.

تطورت إمكانات التدقيق الإملائي واللغوي للنصوص المطبوعة إلكترونياً، وكذلك أجهزة المسح الضوئي والبرامج الملحقة بها، التي تتعرف على النص الممسوح وتحويله إلى نص إلكتروني يسهل حفظه واسترجاعه والبحث فيه. وهذا يفتح باباً كبيراً لتحويل كل كنوز المكتبات إلى نصوص إلكترونية وإتاحتها للباحثين على شبكة الإنترنت؛ لكن، لا يخلو الأمر من وجود عيوب تمنع الناشرين من نشر معلوماتهم على شبكة الإنترنت، أهمها عدم وجود حماية كافية للمواد المنشورة إلكترونياً، والخوف من النسخ غير المشروع، وكذلك حقوق المؤلفين الفكرية.

10. الكتاب الإلكتروني

يحمل مصطلح الكتاب الإلكتروني (e-book) Electronic Book المعنى المادي كآلة للقراءة الإلكترونية، ومعنى المحتوى كنصوص إلكترونية. وهذا المصطلح يحمل غالبا معنى تحويل النصوص إلى ملفات رقمية، حيث يشار إليه أحيانا بالكتاب الرقمي. والكتاب الإلكتروني آلة محمولة للقراءة، أشبه بجهاز الحاسب، ولكنه في حجم الكتاب العادي من الناحية الشكلية (أنظر صورة كتاب إلكتروني)، أما من ناحية المحتوى، فانه، عادة، يكون مشتملا على نص مضافا إليه الصوت والصورة، مع إمكانية الوصول السريع للمعلومات. وهذا الشكل الجديد للكتاب توظف فيه كل من تقنيات الوسائط المتعددة والوسائط الفائقة.

ويعد الكتاب الإلكتروني مقابلٌ إلكتروني للكتاب التقليدي، وهو عمليا أداة لقراءة الكتب المتوافرة بالملفات الرقمية، وهو في حقيقته ملف نصي، يشبه في ترتيبه الكتاب المطبوع. والفكرة هنا هي تحويل الكتب والمراجع الورقية إلي كتب إلكترونية يسهل تداولها بين مستخدمي أجهزة الحاسب، لتيسير الوصول إلي المعلومات عن طريق البحث السريع.

والكتب الإلكترونية ليست سوى صفائح إلكترونية مسطحة، مصممة لتنزيل مواد القراءة، ولأنها تعتمد على البرمجيات فهي مليئة بأساليب العرض المتطورة، وأحدث أنواع التقنيات الأخرى. وهناك إمكانات جديدة يوفرها المحتوى الرقمي للقارئ، حيث يمكن إدخال الهوامش التي يريدها، وإضافة تعليقاته الخاصة والاحتفاظ بها، كما يمكنه الانتقال مباشرة إلى المصادر التي اعتمد عليها المؤلف، وأرشفة أكثر من 1200 كتاب في جهاز واحد.

إن كل صفحة من الكتاب الرقمي ترافقها شروح قد تكون على شكل شريط فيديو يوضح بعض المفاهيم، أو قطعة موسيقية للمساعدة على التركيز، أو أن يحيلك الكاتب إلى محتوى آخر له علاقة بموضوعه.

يشكل الكتاب الإلكتروني آلة تقنية قادرة على تخزين النصوص الرقمية وإبرازها. ويتميز عن الكتاب المطبوع بأنه يتيح للقارئ، مثلا، البحث عن معنى كلمة في النص الذي يقرأه بواسطة القاموس الإلكتروني، وتعد هذه الآلة فعالة لمن يحب القراءة أثناء السفر (أنظر صورة مسافر يقرأ كتاباً إلكترونياً)؛ لأنها تجمع عدداً كبيراًمن الكتب في وسيط وحيد، من دون أن تأخذ حجما مربكا. ويستطيع ذلك الكتاب، أيضاً، إضافة أمور أخرى على القراءة، كالوقت الذي تستغرقه قراءة إحدى الصفحات، وعدد مرات قراءة كل فقرة، والتذكير بالوقت الذي استهلك في القراءة. وإضافة إلى ما يحمله الكتاب الإلكتروني من معلومات نصية وصور وجداول، فإن باستطاعته حمل الأشرطة المرئية والمسموعة، وبما أنه قادر على تكبير أحرف النصوص وكلماتها، فهو رائع، أيضاً، لأولئك الذين يعانون من إعاقة في النظر.

وطرح عدد محدودة من الكتب الإلكترونية، تبلغ سعتها التخزينية في حدود 4000 صفحة. وبعد شراء أي من هذه الكتب، تكون الخطوة التالية هي تحميل الكتب المرادة من على موقع إحدى الشركات المختصة، وفور أن تتم عملية التحميل، يمكن تصفح الكتاب وفهرسته، كما يمكن تقليب صفحاته إما بالإصبع، أو بأوامر صوتية.

ويسمى النموذج الأول من الكتاب المطبوع Rockete Book، وهو جهاز بحجم قاموس متوسط، يعرض مخزونه من الكتب على شاشة حاسب بمساحة صفحة كتاب صغير، وجوانبه الملفوفة تتيح لليد أن تمسكه بارتياح، وهذه الجوانب ذاتها هي غرف للبطاريات التي تشغل الجهاز، والقابلة لإعادة الشحن، وتكفى لعمله 23 ساعة في كل مرة شحن، وتتسع ذاكرة الكتاب لتخزين 4000 صفحة. ولملء ذاكرة الجهاز يكفى الاتصال بأحد المواقع عبر شبكة الإنترنت فيتم نقل نصوص الكتب المطلوبة مع صورها إلى ذاكرة الكتاب الإلكتروني، عندئذ يكون ممكنا عرض صفحات النصوص المخزونة، بالحجم المعتاد لأحرف الكتاب المطبوع، أو مكبرة، تبعا لرغبة القارئ. وكما في الكتاب المطبوع، تأتى النصوص بحروف سوداء على خلفية بيضاء. والجهاز مزود بأزرار يتيح الضغط عليها قلب الصفحات والبحث عن فقرات بعينها، مع إمكان فتح قاموس خاص يشرح التعبيرات الصعبة في النص.

ويسمى النموذج الثاني من الكتاب الإلكتروني Soft Book، واسمه نابع من ملمسه الناعم، لأنه مكسو بغطاء جلدي داكن، ويشبه في شكله العام النموذج الأول لكن شاشته المضيئة تمكن الإنسان من القراءة ليلا، ويعمل خمس ساعات متواصلة، مقابل كل ساعة شحن، وقدرته التخزينية عشرة آلاف صفحة. والنموذج الثالث اسمه Every Book ، وميزته عن سابقيه أنه يعرض على شاشته صفحتين متقابلتين، بكل ما فيهما من رسوم وألوان، كأنه كتاب مفتوح، ويكفى لتخزين 200 كتاب بكل ما تحويها هذه الكتب من نصوص ورسوم. وتتكرر النماذج بلا جديد يذكر، لكن هناك نموذجا شديد الاختلاف يسمى Audio Mobile Player، وهو، كما يتضح من اسمه، لا ينتظر العين لتقرا صفحات ما تختزنه ذاكرته من كتب، بل يذيع النص صوتياً على أذن القارئ، وهو يخزن سبع ساعات للقراءة الصوتية.

سوف تصبح الكتب الإلكترونية يوماً أداة شعبية بديلة للكتب الورقية لمطالعة الروايات، وقراءة أكثر الكتب مبيعاً، وفى حال إنضاج تقنية العرض، والوصول إلى التوازن الصحيح في عمر البطارية، وإمكانية القراءة في ضوء الشمس، سيشرع أغلب الناس في شراء هذه الكتب.

لكن، وعلى الرغم من الإقبال المتزايد على الكتاب الإلكتروني، والتوقعات المتفائلة للناشرين بشأن مستقبل النشر الإلكتروني، لا يشعر بعض الناس بانجذاب كبير نحو هذا الكتاب الرقمي، مفضلين النسخة الورقية الأكثر حميمية. إن من يقضون يوم عمل كامل أمام شاشة الحاسب، فآخر شيء يفكرون فيه عندما يعودوا إلى البيت، ويريدوا قراءة كتبهم المفضلة، أن يجلسوا مرة أخرى أمام شاشة الكتاب. ومن عيوب الكتاب الإلكتروني أنه بحاجة إلى كهرباء، إضافة إلى صعوبة إدارة حقوق النشر والتأليف.

11. الصحافة الإلكترونية

القراء والمعلنون يفرون إلى الشبكة العنكبوتية، كما أن المطبوعات الصحفية التقليدية، كالجرائد والمجلات (أنظر صورة انتشار المطبوعات الصحفية)، تلجأ أكثر فأكثر إلى صفحات الإنترنت، نافرة من الطبعات الورقية. وفي الوقت نفسه، بدأت القنوات التلفزيونية والبرامج الإخبارية تفقد العديد من مشاهديها لصالح العالم الذي تقدمه الإنترنت. وبينما تراجع معدل توزيع الصحف والمجلات، وانخفض عدد المشاهدين، ظهرت وسائل جديدة تقدم المعلومات بسرعة أكبر، وسهولة غير مسبوقة. فقد عوضت الإنترنت، على نطاق واسع، فورية المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، كما أن المدونات الإلكترونية أصبحت أكثر قدرة على توفير الآراء والتحليلات الإخبارية، دون مقابل.

وأصبح القراء والمشاهدون ممن كانوا في السابق أمام خيارات محدودة لاستقاء الأخبار، تتوفر لديهم اليوم وسائط إعلامية متعددة تمنح خدمات أسرع وأسهل. والأكيد أن الصحف والمجلات، كما باقي وسائل الإعلام التقليدية، أمامها فرصة تاريخية للاستفادة من الطفرة التكنولوجية في عالم الاتصال والإنترنت، من أجل صناعة الأخبار وارتياد آفاق جديدة، من خلال الصحافة الإلكترونية.

وبينما كانت السنوات الأولى من تسعينيات القرن العشرين حافلة بالمخاوف التي يبديها رجال الصحافة والإعلام، حول مستقبل مهنتهم بسبب دخول الإنترنت حلبة التنافس في مجال توفير الأخبار، وجد بعضهم الآخر فرصة جديدة لصناعة الأخبار، لكن بطريقة جديدة، وبتكلفة أقل، حيث لا حاجة إلى غرفة تحرير وعدد كبير من الصحفيين لكي ينافسوا وسائل الإعلام التقليدية، ويطلقوا جريدتهم الخاصة، بل كل المطلوب هو جهاز حاسب موصول بالإنترنت.

وكانت البدايات صعبة لوسائل الإعلام التي سعت إلى المزاوجة بين محتواها الورقي ومحتواها الإلكتروني. فقد حاول بعضها فرض رسوم على مستخدمي الإنترنت لضمان دخول إضافية، مطبقين مبدأ الاشتراك المالي في النسخ الورقية للحصول على المحتوى. غير أن هذه المساعي لاقت صعوبات جمة بسبب قلة المشتركين، ما حدا بالعديد من الصحف إلى إلغاء الاشتراك، وفتح محتواها للعموم.

إذا كان إنشاء الصحيفة الورقية اليومية يحتاج إلى دفع رسوم للحصول على تراخيص، وإيداع مبلغ مالي في البنوك كتأمينات قبل الصدور، فان الصحيفة الإلكترونية لا تحتاج إلى ذلك كله. وتحتاج الصحافة الورقية إلى مبالغ ونفقات أكبر عند شروعها بالصدور، إذ تحتاج إلى مقرٍ رئيسٍ، يضم هيئة التحرير والإدارة والحسابات، إلى جانب أقسام الطباعة والمعالجة والتصميم والإخراج، ومكاتب فرعية أخرى كثيرة مساندة، ثم نفقات المطابع بكل أقسامها وآلياتها، ونفقات التوزيع، فضلاً عن أجور الموظفين والصحفيين وضمانهم الاجتماعي والصحي، ناهيك عن ثمن الورق والأحبار؛ بينما الصحافة الإلكترونية تستطيع اختصار نفقات الإنتاج فقط في أجور الصحفيين والقليل من الإداريين، ومبلغ الاشتراك في شبكة الإنترنت، وقيمة الأجهزة والبرامج العاملة في إصدار الصحيفة.

وتنطبق على الصحيفة الإلكترونية مواصفات الصحيفة المطبوعة لجهة وتيرة الصدور، وتنوع الموضوعات والمواد الصحفية،؛ ولكن أهم ما يميزها هو توافر المادة الصحفية على شكل نص إلكتروني يمكن البحث فيه وتحريره من جديد، ومن ثم، خزنه كمادة جديدة. والصحيفة الإلكترونية يمكن تحديثها، وربما تصحيح أخطائها بشكل مستمر، بينما الذي ينشر في الصحيفة الورقية لا يمكن تغييره إلا في العدد التالي. كذلك، فان الموضوعات التي تناقلها الصحافة يتم تعزيزها وتغييرها وتحديثها، كلما وصلت حزمة من الأخبار والمعلومات عن الموضوع ذاته. يضاف إلى ذلك العمق الذي يمكن أن تغطى به الأخبار في النشرات الإلكترونية، فكل خبر ينشر يرتبط بكل الأخبار السابقة، ذات الصلة به، علاوة على كل البيانات والأحداث المرتبطة به، بحيث يستطيع القارئ معرفة كل ما يحيط بالموضوع، وليس قشور الخبر، وهذا ما يبرر إحالة العديد من مذيعي الأخبار مشاهديهم إلى مواقع محطاتهم على الإنترنت، للحصول على مزيد من المعلومات حول الأخبار المذاعة في النشرة.

من ناحية أخرى، فإن الصحافة الإلكترونية يسرت قراءة جميع الصحف العالمية وقت صدورها، وأينما كان القارئ، طالما توفر له مدخل على الإنترنت، دون الحاجة للانتظار حتى وصول الصحيفة الورقية.

12. الإنترنت في الطائرات والقطارات والسيارات

بات تصفح الإنترنت على متن الطائرات متوافراً في عشرات الطائرات والرحلات الجوية (أنظر صورة الإنترنت في الطائرة). وكانت شركة "بوينج" Boeing الأمريكية لصناعة الطائرات أول من بادر إلى تخطيط نظام "اتصال" Connextion[7] داخل مقصورات الطائرات في أواخر تسعينيات القرن العشرين. وعلى الرغم من أن هذه الخدمة انطلقت في عام 2004، مع التركيز على توافرها في الرحلات الطويلة فوق البحار والمحيطات، فإن ثقل المهمة، وزمن التركيب الطويل، والكلفة العالية، والعائدات القليلة التي كانت تجنى من ذلك، لعبت كلها دورا في عدم استمرارها. وفي ديسمبر من عام 2006، توقفت هذه الخدمة نهائياً.

وقد كانت المشكلة تكمن في الزمن الذي يستغرقه تركيب هذه الخدمة على الطائرات، وهو أسبوعين تقريباً، إضافة إلى وزن المعدات، والذي يعد أمراً حساساً بالنسبة إلى حمولة الطائرات، مع كلفتها التي تراوحت بين نصف مليون ومليون دولار للطائرة الواحدة. وفي الوقت الذي شهد نهاية هذه الخدمة، كانت هناك شركتان تخططان لتقديم عرض مشابه، لكن عن طريق استخدام هوائيات أصغر لتقليص مقاومة الهواء، مع استخدام معدات أخف وزناً، وأقل كلفة، للتخفيض من استهلاك الوقود، إضافة إلى عملية تركيبها في وقت أقل.

تُدخل العديد من شركات الطيران بتؤدة، خدمات إنترنت. ويبدو أن شركات الطيران تستميت لاستقطاب المسافرين، مع إمكانية جني مكاسب وأرباح أكثر عن طريق فرض رسوم إضافية على المقعد الواحد، مقابل تقديم هذه الخدمة. ثم إن الوصول الدائم للانترنت قد يكون أداة تنافسية للاستحواذ على الركاب من الشركات الأخرى، كما قد يكون أسلوبا لإقناع المسافر بالطيران، بدلاً استخدام وسيلة مواصلات أخرى مختلفة.

تعتمد أساسيات الإنترنت على الطائرات على هوائي يوضع على سطح الطائرة للحصول على الخدمة من الأقمار الصناعية، أو تحت الهيكل لالتقاط الخدمة من الأرض. ولا تتداخل الأجهزة الخاصة بتأمين الإنترنت مع أجهزة الملاحة والاتصالات الإلكترونية بالطائرة. ومن حسن حظ المسافرين، الذين يفضلون أن تكون رحلاتهم هادئة وبعيدة عن الضجيج، أن شركات الطيران لا تسمح بالاتصالات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت.

وتسعى خطوط الطيران إلى تقاضي رسم إضافي (عن هذه الخدمة) تأمل ألا يمتنع المسافرون عن دفعه، أو يدفعونه على مضض، وهو الرسم الذي تنوي تحصيله مقابل تقديم وصلة إنترنت لاسلكي أثناء الرحلة. وتخوض شركات الطيران الكبرى سباقاً من أجل تركيب هذه الوصلات، التي سيتمكن الركاب عن طريقها من استخدام الإنترنت اللاسلكي أثناء اختراق الطائرة للأجواء. وقد أعلن بعض هذه الشركات المضي قدماً نحو تركيب شبكات لاسلكي ذات نطاق عريض، تعمل عن طريق الأقمار الاصطناعية، على كافة طائراتها.

أجرى مسح تبين منه أن معظم المسافرين على درجة رجال الأعمال، سوف يفضلون حجز مقاعد على شركات طيران توفر لهم هذه الخدمة على رحلاتها، إضافة لخدمات تقديم وجبات الطعام والأفلام السينمائية المجانية، من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من الراحة قبل الانخراط في دوامة العمل، في المدن التي يسافرون إليها. وتبين من هذا المسح أن 76% من المسافرين المنتظمين على درجة رجال الأعمال أكدوا أنهم سيختارون الشركة التي يسافرون عليها بناء على توافر خدمة الإنترنت اللاسلكي أثناء رحلات الطيران، في حين قال 55 في المائة منهم إنهم على استعداد لتأخير رحلتهم لمدة يوم، من أجل الحجز على طائرة تقدم تلك الخدمة أثناء رحلتها.

يُشار إلى أن معظم خطوط الطيران تقدم هذه الخدمة مقابل جدول سعري، يتزايد مع تزايد مسافة الرحلة؛ فكلما طالت تلك المسافة ازداد هذا السعر، والعكس صحيح. وفي الوقت نفسه، تخطط بعض شركات الطيران لتقديم خدمة إطلاع مجاني على البريد الإلكتروني والرسائل النصية على طائراتها.

وتستثمر بعض شركات الاتصالات الألمانية في مشروع يتيح للمسافرين بالقطارات (أنظر صورة الإنترنت في قطار) دخول شبكة الإنترنت، بهدف منافسة وسائل النقل الأخرى، وفي مقدمتها السيارات والطائرات. وتوسع شركة القطارات الألمانية نطاق خدمة الدخول على شبكة الإنترنت داخل القطارات السريعة، التي تربط بين المدن، لتجتذب بذلك عددا أكبر من الركاب، خاصة من رجال الأعمال، حيث يتم تركيب أجهزة إرسال داخل أنفاق القطارات، وكذلك هوائيات في القطارات، يمكنها استقبال الإشارات اللاسلكية. وكل ما يحتاجه المسافر للدخول على شبكة الإنترنت داخل القطار هو أجهزة معدة للدخول على الإنترنت لاسلكيا، مثل أجهزة الحاسب المحمول.

وبعد أن أصبح اندماج التلفزيون والهاتف الخلوي بالسيارات أمراً واقعاً، طرحت بعض الشركات سيارات ضمنتها حاسباً صغيراً مع لوحة مفاتيح، لتتيح للمتعاقدين ورجال الأعمال وغيرهم تصفح الإنترنت ومراجعة الوثائق على الحاسب، وغيرها من الأمور. وأجرت عدة شركات لصناعة السيارات تجارب ميدانية على تكنولوجيا "الاتصال بين السيارات"، أو التقنية المعروفة باسم "من سيارة لأخرى" Car-2-Car. (أنظر صورة سائق يتصفح الإنترنت)

13. محاكاة الواقع الافتراضي

الواقع الافتراضي Virtual Reality هو ذلك الفضاء الذي يتخلق عندما يدخل المرء إلى الإنترنت أو الحاسب، ويتحلل من واقعه المادي، ويذوب في الواقع الجديد الذي تتيحه الشبكة أو الحاسب، ويصبح جزءا منه؛ فيكون هو ، مثلاً، اللاعب نفسه الذي بداخل لعبة الحاسب. ومع تزايد تحسن مدى الدقة في استقبال ونقل الأصوات والصور، سيصبح بالإمكان محاكاة الواقع بكل وجوهه، بإحكام متزايد، وسيتيح هذا الواقع الافتراضي للمستخدم أن يذهب إلى أماكن، وأن يفعل أشياء لن يتسنى له أبدا أن يذهب إليها ، أو أن يفعلها، بأي طريقة أخرى.

وتوفر محاكيات الطيران لمحة من هذا الواقع الافتراضي (أنظر صورة محاكى طيران)، وتبدو هذه المحاكيات، عند النظر إليها من الخارج، مثل اﻟﻤﺨلوقات صندوقية الشكل، القائمة على ركائز، وهي من الداخل، توفر وحدات عرض الفيديو المثبتة في ركن الطيار، ويتم ربط أدوات الطيران والصيانة بالحاسب الذي يحاكي السمات المميزة لرحلة الطيران، بما في ذلك حالات الطوارئ. ولكي يعمل الواقع الافتراضي بنجاح فإنه يحتاج إلى التقنيات التي توفر المنظر وتجعله يستجيب للمعلومات الجديدة، والأجهزة التي تتيح للحاسب إمكانية نقل المعلومات، ويتعين على البرمجيات أن تحل المشكلة المتعلقة بوصف مظهر، وصوت، وجو العالم المصطنع، حتى أدق التفصيلات (أنظر صورة جندي يتدرب بالمظلة).

في مجال الواقع الافتراضي، أيضاً، ظهرت خدمة جديدة يقدمها محرك "جوجل" Google البحثي لمستخدميه، وهي الهبوط بهم علي سطح القمر عن طريق برنامج "جوجل مون" ‏googlemoon‏، الذي يأتي بتضاريس القمر، ويضعها على الشاشة، سواء بالصورة الفوتوغرافية، أو الفيديو، أو الجولات السياحية التي يقوم بها رواد الفضاء أنفسهم‏، ويمكن متصفحيه من زيارة المواقع التاريخية التي هبطت فيها المركبات الفضائية، ورؤية رواد الفضاء وهم يعملون علي سطح القمر،‏ والتحليق فوق السطح، بحثا عن فوهات البراكين.

وفي الجامعات والمدارس الافتراضية يجلس الطالب مسترخياً في غرفته وهو يتابع محاضرة المدرس الافتراضي، التي يلقيها عليه من صالة الجامعة الافتراضية، ويستطيع الطالب أن يتفاعل مع المحاضر بالصوت والصورة، وكذلك مع الطلاب الآخرين، أينما كانوا، فيناقش ويسأل كما لو كان الجميع في غرفة واحدة. ويتم التواصل من خلال غرف الحوار، حيث يقف المحاضر في قاعة افتراضية (أنظر صورة قاعة محاضرات افتراضية) ليعرض المادة العلمية، التي يريد إيصالها إلى طلابه.

وبما أن بعض الجامعات اعتمدت، بشكل كلي أو جزئي، هذا النظام، الذي لقي حماساً من قبل الطلاب، فإنه، وعلى الرغم مما يوفره من محيط تعليمي يحاكي الواقع الحقيقي في صفوف الدراسة، إلا أنه لا زال غير جذاب بشكل كاف، ما يعني ضرورة عمل الكثير، بما في ذلك إدخال نظام الأبعاد الثلاثة، لإضفاء أجواء على الصف المدرسي الافتراضي، تحاكي الأجواء الحقيقية في الواقع العملي. إن حصص التدريس الافتراضية ستشكل جزء لا يتجزأ من التعليم عن بعد عبر الإنترنت في المستقبل، لأن العالم يتجه نحو اعتماد أنظمة المحاكاة، على الرغم من أن بعض الأمور لن تنجز دون المقابلة الشخصية، كما أن الحضور الشخصي إلى المحاضرة، والالتقاء بالآخرين، ومعايشة الأجواء الدراسية عن كثب، ستظل تحتل أولوية التعليم.

أعلنت شركة "جوجل" عن إضافة خدمة، أطلقت عليها اسم "محيط" Ocean. وهذه الخدمة هي أداة متطورة لتصفح واستكشاف المحيطات حول العالم، تمكن المستخدمين من الغوص تحت سطح الماء لمشاهدة التضاريس في قاع البحر بأبعاد ثلاثية. وتضم الخدمة تضاريس قيعان المحيطات، ومحتوي علمي غني بالحقائق والمعلومات، وهي تمكن المستخدم من الوصول إلي أصعب النقاط في الأعماق، ومن الغوص افتراضيا إلي الأعماق، والتجول بين البراكين، ومشاهدة مقاطع فيديو عن الحياة البحرية، والقراءة عن بقايا سفن غارقة، إضافة إلي المساهمة في زيادة المحتوي من خلال إضافة معلومات وصور ومقاطع فيديو عن أفضل الأماكن للغوص أو ركوب الأمواج.

14. مؤتمرات الفيديو

تعني مؤتمرات الفيديو تنفيذ اتصالات يُنقل فيها الصوت والصورة والمعلومات الحية بين مجموعة من الأشخاص، عبر خطوط الاتصالات، ليرى كل شخص مشارك في المؤتمر صورة الآخرين، ويسمع صوتهم، وفى اللحظة نفسها، يكون هو مرئياً ومسموعا ً لديهم، بحيث يعمل هذا الاتصال كما لو كان ثم مؤتمر أو مقابلة جماعية أو ثنائية حية بين هؤلاء الأشخاص عبر شبكات الاتصالات، ومن هنا يطلق عليها مؤتمرات الفيديو اللحظية، أو الحية (أنظر صورة مؤتمر بالفيديو).

إن كل من يشاهد برامج إخبارية في التلفزيون فهو، بالفعل، يشاهد مؤتمر فيديو. فالمضيف وضيوف البرنامج ربما فصلت بينهم قارات كاملة، ومع ذلك، فهم ينخرطون في نقاش كما لو كانوا يجلسون معا في الغرفة نفسها، والأمر يبدو كذلك بالفعل للمشاهدين.

يتطلب عقد مؤتمر فيديو اللجوء إلى تسهيلات مزودة بمعدات وخطوط تليفونية خاصة، ويعد تجهيز غرفة مؤتمرات الفيديو أمراً مكلفاً (أنظر صورة كاميرا وشاشتا عرضوسوف تصبح مثل هذه الاجتماعات واسعة الانتشار لأنها توفر الوقت والمال، وغالباً ما يكون مردود نتائجها أعلى من المؤتمرات التليفونية، السمعية فقط، أو حتى الاجتماعات الشخصية المباشرة ، بالنظر إلى أن الناس يكونون أكثر يقظة إذا علموا أنهم تحت عين الكاميرا.

من الناحية التكنولوجية، يتكون مؤتمر الفيديو من ثلاثة أجزاء: الجزء الأول هو جهاز صغير الحجم، يطلق عليه "محور أو مركز النظام"، وهو مقسّم قادر على نقل وتبادل الصوت والصورة والبيانات والمعلومات بين الأطراف أو الأشخاص المتصلين به، من خلال شاشة عرض ضخمة تظهر عليها في وقت واحد صور المشاركين في المؤتمر.

والجزء الثاني خطوط اتصالات، عالية السرعة، وعريضة السعة، تسمح بنقل وتبادل صور المتحدثين وأصواتهم لحظيا، سواء كانت هذه الخطوط أرضية، أو بالأقمار الاصطناعية. والجزء الثالث أجهزة طرفية لدى كل من لهم حق المشاركة في مؤتمر الفيديو، وهى إما أجهزة هاتف مزودة بشاشة وكاميرا، ومتوافقة مع الجهاز المحوري في مركز النظام، أو حاسبات محمولة، يتم تجهيزها بكاميرا وبرمجيات خاصة تجعلها قادرة على المشاركة في مؤتمرات الفيديو.

وعند عقد مؤتمر الفيديو، يتصل المشاركون برقم معين عبر الوحدة الطرفية الموجودة لدى كل منهم، سواء كان حاسباً أو تليفوناً. أما وحدة التحكم في النظام أثناء التشغيل، فهي تدير عملية الاتصال بأساليب عديدة؛ فمن الممكن أن تقسم الشاشة إلى مجموعة من الأجزاء يظهر عليها وجوه المشاركين في اللقاء، أو يكون هناك إطار نشيط تظهر به صورة المتحدث، ويتغير بتغير المتحدث، ومن الممكن أن تظهر صورة المتحدث فقط، وهكذا.

15. انتشار الحاسبات المحمولة

حدث تراجع كبير في مبيعات أجهزة الحاسب التقليدية في مواجهة الحاسب المحمول، خاصة وأن المستخدمين يتطلعون إلي استخدام أجهزة حاسب خفيفة الوزن، ذات تصميمات غير تقليدية، للاستخدام في المنزل والمقهى وفي الطريق إلي العمل. ومن أبرز العوامل التي أسهمت في انتشار الحاسبات المحمولة التقدم في تكنولوجيا الاتصال اللاسلكي، والانخفاض الملحوظ في أسعار أجهزة الحاسب المحمول، ما جعلها الخيار المفضل لملايين من مستخدمي الحاسب الشخصي في أنحاء العالم.

وعند المقارنة بين النوعين من أجهزة الحاسب، سواء علي صعيد السعر أو الأداء، فإن أجهزة الحاسب المحمول قادرة علي المنافسة بدرجة كبيرة. وفيما مضي كانت أجهزة الحاسب المحمول تكلف، سواء في إنتاجها أو شرائها، أكثر من مثلي أجهزة الحاسب التقليدية ذات الخصائص نفسها. إلا أن التقدم التقني، والإنتاج الإجمالي، خفضا من الأسعار، حتى لم يعد هناك فرق كبير لمعظم المستهلكين الذين يبحثون عن جهاز حاسب شخصي للاستخدام اليومي. وربما يؤدي نجاح أجهزة الحاسب المحمول الصغيرة، منخفضة التكلفة، إلي طفرة قادمة في منتجات تقدم نطاقاً كبيراً من الأسعار والمميزات. وهناك خيارات، حيث يمكن الحصول علي أجهزة حاسب محمول بأبعاد معقولة.

وأما علي صعيد التقدم علي المستوي الفني، فإن هناك شركات تطرح مجموعة أوسع من أجهزة الحاسب المحمول المتخصصة، بأحجام وسرعات معالجة وقدرات لاسلكية. ومن أهم العوامل التي يختار علي أساسها المشترون الجهاز الذي يحتاجونه هو زمن البطارية. ويجري الترويج، أيضاً، لمزايا متعددة أخري، مثل زمن تشغيل أسرع، وشاشات تعمل باللمس، مع سعي الشركات لجذب المزيد من المستخدمين.

ظهرت فئة حاسب الشبكة المحمول Net book، وحققت انتشاراً واسعاً في الأسواق، وسرعان ما طرحت نفسها كبديل قوى ومناسب لشريحة عريضة من مستخدمي الحاسبات، كثيري التنقل، والمعتادين على حمل حاسباتهم في حقائبهم دوماً. ثم حققت نجاحا أكبر مع شرائح المستخدمين الراغبين في حاسبات محمولة، خفيفة الوزن، صغيرة الحجم، وظهرت هذه الحاسبات بشاشات صغيرة المساحة. (أنظر صورة حاسب الشبكة المحمول).

أعلنت بعض الشركات الأوروبية المتخصصة في مجال تصميم وتصنيع الحاسبات المحمولة والأجهزة النقالة القوية والشاشات والأنظمة الجوالة المقاومة للصدمات، عن إصدارين جديدين من الحواسب المحمولة. والجهازان مزودان بشاشة متحركة (أنظر صورة حاسب مزود بشاشة متحركة) وفلتر نشط يبعث ضوءاً يضمن رؤية مثالية، أيا كان مكان توجيه الشاشة، وحتى تحت أشعة الشمس القوية. لذا، فالجهازان مثاليان للنشاطات الخارجية، ولقطاعات النقل، والقطاعات اللوجستية، والجهازان يتمتعان بقدرة تشغيل ذاتية، تدوم 8 ساعات، وحتى 20 ساعة عند امتلاك بطارية قادرة على ذلك.

16. الخرائط الرقمية

أصبحت الخرائط الرقمية ركيزة أساسية لعشرات الملايين من مستخدمي الإنترنت في جميع أنحاء العالم، ممن يعتمدون عليها للتخطيط للرحلات، والعثور على المتاجر والمطاعم، وتحديد أماكن الأصدقاء. فبين أجهزة تحديد الموقع في السيارات الحديثة، والخرائط الرقمية لأي مكان في العالم، تقريباً، والموجودة في بعض الهواتف الخلوية (انظر صورة خريطة رقمية على هاتف) وأجهزة الحاسب المحمولة، والأجهزة المساعدة، أصبح من الصعب أن يضل الإنسان الطريق. على أنه وسط هذا كله، مازال الإنسان يسعى إلى الكمال تقريباً، من حيث دقة البيانات والمعلومات المتاحة على تلك الأجهزة، التي باتت من مقومات تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين.

أما الجزء الرئيسي من الخرائط، فهو البيانات الأساسية الخام، وتتمثل في الطرق السريعة، والشوارع، والإشارات الضوئية، وإشارات مخارج الطرق، وهي المعلومات التي تحتاجها شركات الملاحة كنقطة بداية قبل إضافة تطبيقاتها الخاصة بها، وإضافة الشوارع والطرق والمباني والإشارات الضوئية الجديدة. أما كيفية تنفيذ ذلك فيرتكز على دمج صور الأقمار الصناعية بالخرائط التي توفرها الدول.

تعتمد فكرة الخرائط الرقمية على تحويل كل خطوط التضاريس وارتفاعاتها عن سطح البحر إلى أرقام، بحيث يتمكن الحاسب من رسم المسار المطلوب بأبعاده الثلاثة. ويعتمد برنامج الحاسب على معلومات مستمدة من الخرائط العادية والأقمار الصناعية، التي تعطى صوراً دقيقة. ولإعداد الخرائط الرقمية، ترسم خريطة جغرافية للأرض بواسطة الأقمار الصناعية، أو طائرات الاستطلاع، ثم تُجرى عملية الترميز العددي لتضاريس الخريطة الجغرافية، وحفظ هذا الترميز في ذاكرة الحاسب، الذي يرسم خريطة على شكل نقاط أو خطوط، ويجري معالجتها لتظهر على شكل صورة حية، تمثل الواقع، بدرجة كبيرة.

وفي السابق، كانت خرائط الطرق تُرسم يدوياً، مع كل ما يرافقها من مشكلات. ثم جهزت فرق خرائط الطرق بسيارات مزودة بأحدث الكاميرات القادرة على تصوير والتقاط حقيقة الشوارع والطرق. ويجري تحليل ملفات الفيديو ومعالجتها في مكاتب الشركة. ولأجل تصوير الأحياء والشوارع، بما فيها البنايات المختلفة وإشارات المرور، تقوم الشركات المختصة ست كاميرات على سيارات صغيرة (أنظر صورة سيارة تحمل ست كاميرات)، إضافة إلى أجهزة مسح بواسطة أشعة الليزر وجهاز لتحديد الموقع. وتثبيت الكاميرات بحيث تغطي كافة الاتجاهات، بما يعطي صورة كاملة، فيما يحدد جهاز تحديد الموقع موقع السيارة بدقة، تصل إلى متر واحد، بما يتيح للسائق أن يشاهد على شاشة حاسب إلى جانبه كل الصور التي يتم التقاطها بواسطة الكاميرات المثبتة في أعلى السيارة الصغيرة. ومن مهام السائق أن يتأكد من أن الصور التي تلتقطها الكاميرات على درجة عالية من الدقة والوضوح، وفي حال لم تكن واضحة، فإنه يعمل على توضيح الصور بواسطة التحكم بعدسات الكاميرات (أنظر شكل خريطة رقمية لأحد مناطق مدينة باريس).

وتسير الحافلة وفقاً للسرعة المحددة أثناء قيامها بعملية التصوير، وتلتقط ثلاث صور في الثانية الواحدة، ما يعني أن كل سيارة تلتقط أكثر من 100 مليون صورة كل عام. وهناك العشرات من السيارات الصغيرة التابعة للشركة المختصة، التي تجوب مختلف المدن في أكثر من 200 دولة في العالم. وفي نهاية عملية التصوير، تجمع الشركة كافة البيانات والصور بحيث توفر صوراً ثلاثية الأبعاد، لمختلف مناطق العالم.

وترسل الشركات المتخصصة في فن رسم الخرائط، فرقها العاملة كل يوم لمسح الطرق، في كل زاوية من زوايا العالم، لأجل تصحيح خطأ ما ورد في الخريطة، أو إضافة كل ما هو جديد عليها. وتشهد سوق الخرائط الرقمية تغييرات جذرية متصلة بعرض هذه الخرائط بصيغة ثلاثية الأبعاد، وبطفرة خدمات الخرائط الرقمية عبر الهواتف المحمولة. ومرت هذه التقنيات بتطورات عديدة، أبرزها تحديث فرق العمل النقالة. إن الخرائط الرقمية ليست أبدية، إنما ينبغي تحديثها عن طريق إصدارات فصلية. فكل سنة، تتغير ملامح 20% تقريباً من الطرق، ودون شراء التحديثات تصبح أجهزة الملاحة بلا فائدة.

17. بعض التطبيقات العسكرية لثورة المعلومات

تكتسي الحروب شكلاً مميزاً في كل عصر، حيث تُستعمل فيها أنواع جديدة من الأسلحة؛ ففي الربع الأول من القرن العشرين، كانت الدبابات والمدرعات هي الأسلحة الرئيسية، وخصوصا في الحرب العالمية الأولى. ثم لعبت الطائرات والسفن الحربية الدور الأساسي خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن تلعب الأسلحة النووية والصواريخ الإستراتيجية الدور الأساسي بدءاً من خمسينيات القرن العشرين، وحتى أوائل التسعينيات.

ومع الانتشار الواسع لتكنولوجيا المعلومات، على مختلف المستويات، يبدو أن حروب المستقبل سوف تعتمد على أسلحة معلوماتية، من خلال تطوير برامج ومعدات قادرة علي تخريب الأنظمة المعلوماتية المعادية، أو التنصت عليها، سواء ببرامج الفيروسات، أو بأجهزة التشويش. فأهداف الأسلحة المعلوماتية تتمثل في خلق حالة من الفوضى الكاملة في شبكات المعلومات، التي تتحكم بأنظمة الأسلحة، والمبادلات المالية، وتوزيع المياه والتيار الكهربائي، وغيرها. ويعد القضاء على البنى التحتية في دولة ما، من الشروط الأساسية التي تؤمن النصر العسكري لدولة معادية. والبنى التحتية المقصودة هي خطوط الاتصالات، والمصانع الأساسية، وشبكات المواصلات. وقد تحولت الأنظمة وشبكات الحاسبات منذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين إلى جزء أساسي من البنى التحتية، حيث تستخدم هذه الأنظمة في جميع أنواع الأعمال، من صناعية ومالية وثقافية، فضلا عن اعتماد شبكات الحاسبات لتأمين الاتصالات وتبادل المعلومات.

وتتركز الحرب المعلوماتية، وفق المفهوم التقليدي للكلمة، على عرقلة أو قطع تدفق البيانات، وتتميز بأنها حرب من دون جبهات؛ بمعنى أن أعمال القتال تجري في كل موقع، وتشمل جميع طبقات المواطنين، وليس العسكريين وحدهم. ومع أن الحرب المعلوماتية لا تؤدي إلى إلحاق الأضرار المادية وسقوط الجرحى والقتلى بصورة مباشرة، ولكن يمكن أن تكون نتائجها شبيهة ـ إلى حد بعيد ـ بنتائج استعمال أسلحة الدمار الشامل.

أقامت وزارة الدفاع الأمريكية نظام معلومات مصمم لمساعدة السفن والطائرات والعموديات والأسلحة الأرضية، على التعاون في توجيه أسلحتها. ويعرف هذا النظام باسم "شبكة التهديف المشتركة" Joint Targeting Network ، وعمله مقارنة وعرض المعلومات، التي تجمع بواسطة مستشعرات مختلفة، بحيث تستطيع طائرة للإنذار المبكر، تابعة لسلاح الجو الأمريكي، مثلاً، من أن تنذر قائد سفينة بحرية باقتراب سفينة مراقبة معادية، وهو ما يتيح إمكانية توجيه طائرة عمودية تابعة للجيش في مهمة مواجهة السفينة المعادية. وقد تبلورت الحاجة إلى مثل هذه الأنظمة المعلوماتية عندما تبين أن ضباط سلاح الجو والبحرية الأمريكيين وجدوا صعوبة في تبادل المعلومات عن الأهداف بسرعة، واضطروا، في بعض الأحيان، إلى تبادل رسائل مكتوبة بهذا الصدد، وهو ما كان يستغرق ساعات عدة بدلا من ثوان، كما هو مفترض في الحرب الحديثة. كما أن بعض مشكلات الاتصالات نجمت من كون القوات الأمريكية كانت تستخدم أكثر من 200 نظام لجمع المعلومات، وغالبا، لم تكن هذه الأنظمة متوافقة في ما بينها.

تتمثل المهمة الأولى للشبكة المشتركة للأهداف في حل مشكلة تعدد الأنظمة، بحيث يمكن، مثلا، أخذ المعلومات الخاصة عن هدف جديد اكتشف بواسطة رادار تابع لسلاح الجو الأمريكي، وتحويله آلياً إلى أنظمة تستطيع الحاسبات فهمها، وبعد ذلك تنقل المعلومات عبر الشبكة، ما يتيح أمام الطائرات والسفن والأسلحة البرية مشاهدة الهدف بسرعة، على خريطة لمنطقة العمليات. كما أنه يتيح لقائد فرقة متخصصة استعمال شبكة من أجل توجيه أسلحة محددة لضرب أهداف معينة، حال ظهورها، وتنقل المعلومات عبر الشبكة بواسطة الأقمار الاصطناعية، الخاصة بوزارة الدفاع الأمريكية. كما يتيح النظام مشاهدة مواقع العدو والقوات الصديقة على شاشاته، للعديد من المستخدمين.

وقد أطلق برنامج شبكة التهديف المشتركة في ديسمبر 1989، وكان العنصر الأساسي فيه هو النظام المعلوماتي الذي يتولى ترجمة المعلومات الواردة من المستشعرات، والتي تجمع بواسطة الأقمار الاصطناعية والطائرات ومواقع الرصد البرية المختلفة. كما يمكن وصل نظام نقل المعلومات التكتيكية بالشبكة، وهو يستعمل نفس نظام اتصالات الأقمار الاصطناعية، ويمكنه تجديد المعلومات كل عشر ثوان. ويمكن توصيل نظام نقل المعلومات التكتيكية بعشرة أجهزة حاسوب في وقت واحد.

وتمت التجارب العملية على الشبكة باستعمال طائرات للمراقبة من نوع P-3 وE-3 وRC-135، والتي تولت جمع المعلومات ونقلها عبر الشبكة، لتنقل إلى قاذفات من نوع B-52 وسفن وغواصات، تابعة لسلاح البحرية الأمريكية، وعموديات من نوع "أباتشي" AH-64 Apache، تابعة للجيش الأمريكي، لكي تتولى هذه الأخيرة ضرب الأهداف. وهذه الطائرات والسفن والعموديات تابعة لكل من أسلحة البر والجو والبحر من القوات المسلحة الأمريكية.

دخلت البحرية الأمريكية مرحلة جديدة، تلعب فيها أنظمة شبكات الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات دوراً قد تزيد أهميته على أهمية السفن الحربية والطائرات والغواصات، التي تستفيد من هذه المعلومات، من خلال مفهوم الحرب الشبكية، الذي يعتمد على الاستفادة من الاستثمارات المكثفة للبحرية الأمريكية في مجالات أنظمة الاتصالات والاستخبارات والقيادة والسيطرة. ذلك أنه يمكن للوحدات البحرية، المتمركزة بالقرب من السواحل، زيادة قدراتها العسكرية، من خلال ما توفره أنظمة المعلومات لهذه الوحدات من الاستخبارات اللحظية اللازمة عن مواقع العدو، وإمكانية رد الفعل السريع للتهديدات المتوقعة. وتفرض حرب شبكات المعلومات تحديات عديدة لوسائل الحرب البحرية المعروفة حالياً، ولتنظيم الأساطيل البحرية، وحتى لأنظمة وأنواع السفن المطلوب تطويرها لتتوافق مع هذه الحرب.

ترددت القيادة الأمريكية غداة انتهاء الحرب الباردة باعتماد إستراتيجية واضحة المعالم تبني على أثرها قواتها المسلحة. ففي مرحلة أولى كانت الفكرة السائدة تقضي بانتقاء عمليات محدودة، تنفذ بواسطة ضربات جراحية، من خلال استخدام القوتين، الجوية والبحرية، المتقدمتين تكنولوجيا. لكن التطورات المتسارعة في الحاسبات والمعلومات أدت إلى استنباط طرق جديدة لتنظيم القوات المسلح، وتنفيذ العمليات العسكرية، ما دفع عدداً من الشركات الدفاعية الرئيسية في العالم إلى تطوير مفاهيم جديدة تجسد التحولات في القطاع الدفاعي، عبر ما يسمى بحرب الشبكة المركزية Network Centric Warfare NCW. (أنظر شكل شبكة الحرب المركزية)  

تستند الفلسفة الأساسية لهذه الشبكة على وصل الأنظمة الدفاعية المختلفة، بمساعدة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الحديثة. وبما أن كل وحدة أصبح في إمكانها الاستفادة من المعرفة الجماعية للشبكة الشاملة، فمن الطبيعي أن تتضاعف القدرات الدفاعية. فكل من الغواصة، والسفينة، والطائرة، وعربة القتال، وحتى المقاتل الفرد، يستطيع، وبصورة دائمة، إيجاد مدخل في الشبكة للحصول على أفضل المعلومات المتوافرة.

تستخدم في حرب الشبكة المركزية شبكة المستشعرات، التي تتكون عمليا من مختلف أجهزة المراقبة والاستطلاع، والرادارات على مختلف أنواعها، وأجهزة التنصت الراديوية والمراقبة التلفزيونية، وأنظمة البصريات الإلكترونية، مثل الرؤية الليلية الحرارية، وأنظمة المكثفات الضوئية، والأنظمة البصرية والسمعية، إضافة إلى العنصر البشري. وهذه المستشعرات تستخدم منصات على الأرض، وفي البحر، وفي الجو والفضاء، بعضها يكون ثابتاً، والآخر متنقلاً، يتحرك تبعا للطلب والحاجة من مكان إلى آخر (أنظر شكل تكامل المستشعرات). ومن مهمات شبكة المعلومات نقل بيانات المستشعرات، والأوامر الميدانية، والمعلومات المخابراتية، ومعلومات آنية حول العمليات واللوجستيات، ووظائف أخرى، وهي معلومات يحتاجها القادة على مختلف مستوياتهم، لتخطيط العمليات ومراقبة تنفيذها والتحكم بها.

وقد أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية نظاماً للاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية مخصصا لدعم مؤتمرات الفيديو اللحظية، فيما بين وحداتهم المقاتلة على الأرض وقيادتها في منطقة الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية. وهو يقدم خطوط اتصالات تصل سرعتها في نقل البيانات والمعلومات إلى 24 ميجابايت في الثانية للخط الواحد، وتبثها مباشرة إلى الهوائيات المتصلة بالحاسبات الشخصية، والتي يصل قطر كل هوائي منها إلى 22 بوصة، وجرى تثبيتها داخل دبابات القيادة أو في مركبات القيادة الأخرى، مثل العربات المدرعة "برادلى" Bradley، أو في المواقع الميدانية التكتيكية، التي يتم إنشاؤها على عجل، طبقا لتطورات القتال. وتسمح هذه الخطوط فائقة السرعة للقادة التكتيكيين بإجراء مؤتمرات الفيديو، واستقبال الصور والبيانات من القيادة المركزية، أو من المركبات، أو الطائرات، التي تعمل من دون طيار. ويستطيع ضابط العمليات أو القائد الميداني أن يجلس داخل دبابته أو عربته المدرعة ويدير القتال، وفى الوقت نفسه، يكون على الهواء مباشرة، بالصوت والصورة، في مؤتمر فيديو مع قادته، ويشترك معه في المؤتمر عشرات من الضباط والقادة الآخرين، سواء الذين يقاتلون بجانبه على الأرض، أو داخل مراكز القيادة والسيطرة.

 

 



[1] منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة United Nations Educational Scientific and Cultural Organization، أو ما يعرف اختصاراً باليونسكو UNESCO، هي وكالة متخصصة، تتبع منظمة الأمم المتحدة، تأسست عام 1945، وهدفها الرئيسي هو المساهمة بإحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة، لإحلال الاحترام العالمي للعدالة، ولسيادة القانون، ولحقوق الإنسان، ومبادئ الحرية الأساسية. ويشترك في اليونسكو 191 دولة، ومقرها الرئيسي في باريس.

[2] هذه اللغات هي: الإنجليزية، والعربية، والصينية، والفرنسية، والروسية، والاسبانية، والبرتغالية.

[3] هي موسوعة إلكترونية، تطبعها وتحدثها دورياً شركة ميكروسوفت Microsoft، وهي موجودة على أقراص مدمجة، أو عبر الاشتراك، وفي اللغات الإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، والألمانية، واليابانية، والإيطالية، والهولندية. وتشمل نسخة عام 2005 ما يقارب السبعين ألف مقال، مع الكثير من الصور، والمقاطع المصورة، والرسوم التوضيحية، وتتوافر بعض المقالات مجاناً على موقع الشركة.

[4] البايت byte هو جزء من ذاكرة الحاسب، ويتسع لتخزين الأحرف، وكل 1024 بايت تسمى كيلوبايت، وكل 1024 كيلوبايت تسمى ميجابايت، وكل 1024 ميجابايت تسمى جيجابايت.

[5] يطلق عليه أيضا اسم Web Based Learning، أي التعليم المعتمد على الوب.

[6] المقصود بالمحتويات جميع أشكال المعلومات، التي يراد إتاحتها مثل: وثائق، نماذج، صور، ملفات صوتية، ملفات فيديو، أخبار، معلومات عامة ... الخ.

[7] Connexion هي أصل الكلمة الانجليزية connection، وتعنى توصيل، وظلت تستخدم حتى القرن الثامن عشر، ومازالت مستخدمة في بريطانيا.