إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / البحث الاجتماعي









الارتباط بالجماعة Sociability

البحث الاجتماعي

Social Research

أولاً: مفهوم البحث الاجتماعي وطبيعته

تتعدد تعريفات البحث الاجتماعي العلمي بتعدد الباحثين، وانتماءاتهم الأيديولوجية، فضلاً عن تعدد وتنوع أساليب البحث في العلوم الاجتماعية. لذا نعرض لبعض التعريفات في هذا السياق، حيث يرى البعض أن البحث الاجتماعي هو استقصاء منظم يستهدف إضافة معارف يمكن توصيلها، والتحقق من صحتها من طريق الاختبار العلمي. بينما يرى فريق آخر بأنه استقصاء دقيق يستهدف اكتشاف حقائق وقواعد عامة يمكن التحقق منها مستقبلاً. أما الفريق الثالث فيرى أنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة، وذلك من طريق الاستقصاء الشامل والدقيق لجميع الشواهد والأدلة، التي يمكن التحقق منها، والتي تتصل بهذه المشكلة المحددة.

إن البحث بشكل عام هو عملية تجميع للبيانات والحقائق عن العناصر المادية والمعنوية، حول موضوع معين دقيق في مجال التخصص، لفحصها وفق مناهج وأساليب علمية مقررة، يكون للباحث منها موقف معين، ليتوصل من كل ذلك إلى نتائج جديدة، هذه النتائج هي ثمرة البحث الاجتماعي.

والغاية التي ينشدها الباحث من وراء العملية العلمية الفكرية ـ سواء كانت نظرية أو تجريبية ـ هي ما يُعبر عنه علمياً بالإضافة الجديدة المطلوبة في البحوث الاجتماعية العلمية، إذ فيها تتمثل الأصالة. وتتخذ الإضافة الجديدة في البحوث صوراً شتى، فإما أن تكون أفكاراً جديدة في المجال العلمي، أو حلاً لمشكلة علمية، أو بياناً لغموض علمي، إلى غير ذلك من الأغراض المطلوبة، مما يتفق ومدلول كلمة البحث الاجتماعي العلمي.

اكتفى بعض الباحثين عند تحديدهم للمقصود بالبحث العلمي، بالاقتصار على المعنى البسيط للبحث، والقول بأن عملية البحث تتم في أبسط صورها في حياتنا اليومية، بأكثر من مظهر وشكل، مثل ما يحدث عندما تصادفنا بعض المشكلات ونحاول الوصول إلى حلول لها بطريقة أو أخرى. إن البحث بهذا المعنى البسيط هو محاولة لحل مشكلة ما. وبقدر زيادة المواقف المشكلة التي تحتاج إلى بحث، تنمو قدراتنا على إجراء البحث والتوصل إلى حلول سليمة، ما أمكن ذلك.

لكن رأى البعض أن هذا التعريف شكلي لا يمس مضمون عملية البحث وجوهره. لذا فكروا في تقديم تعريفات أخرى أكثر دقة، يمكن تصنيفها في ثلاث فئات أساسية، هي:

1. تعريف البحث الاجتماعي من خلال أهدافه

يُعرف البحث بوصفه مسؤولية علمية تعتمد على طرق منسقة ومنطقية في تحقيق الأهداف التالية:

أ. اكتشاف وقائع جديدة، أو التحقق من وقائع قديمة.

ب. تحليل تتابع هذه الوقائع وعلاقاتها المتبادلة، وتفسيراتها العلمية أو السببية، والتي تم اشتقاقها من إطار مرجعي أو نظري مناسب.

ج. تنمية أدوات علمية جديدة ومفاهيم ونظريات، قد تُعين في الدراسة الثابتة والصادقة للسلوك الإنساني.

2. تعريف البحث الاجتماعي من خلال إجراءاته ومنهجه

يُعرف البحث الاجتماعي بوصفه وسيلة لغاية ما، بمعنى أنه يستهدف حل مشكلة عملية أو منهجية، كما يستهدف كشف العلاقات بين البيانات المتراكمة، أو التحقق من صدقها بواسطة المنهج العلمي. بمعنى التطبيق المنطقي والمنسق لأسس العلم على التساؤلات العامة والشاملة للدراسة، واستخدام الطرق العلمية التي تمدنا بالأدوات العلمية والإجراءات الخاصة والوسائل الفنية، التي تستهدف توفير البيانات وترتيبها قبل معالجتها منطقياً وإحصائياً.

3. تعريف البحث الاجتماعي بوصفه سلوكاً

يحدد البعض الآخر البحث الاجتماعي بوصفه سلوكاً مناسباً، يتمسك بقيم معينة في علاقات الباحث بإخبارييه، وبمن يمدونه بالبيانات. ويحتاج الباحث، بالإضافة إلى تدريبه على فنون العلم والبحث وخبرته بها، إلى أن يكون متميزاً بالحساسية للعلاقات الإنسانية.

على الرغم من تعدد وتنوع تعريفات البحث الاجتماعي، إلا أنها تشترك في بعض العناصر التالية:

·   أن البحث الاجتماعي محاولة علمية منظمة، تتبع أسلوباً أو منهجاً علمياً محدداً، يسعى للوصول إلى حقائق معينة.

·   أن البحث الاجتماعي يعني التنقيب عن الحقائق الجديدة للوصول إلى إضافة جديدة إلى معارفنا، وبالتالي زيادة دائرة المعارف والحقائق التي يعرفها الإنسان.

·   أن البحث الاجتماعي يسعى للوصول إلى حل لمشكلة محددة في جميع ميادين الحياة.

·   أن البحث الاجتماعي يختبر المعلومات والعلاقات التي يتوصل إليها، بفحصها وتأكيدها تجريبياً.

·   أن البحث الاجتماعي يسعى إلى تفسير الظواهر الاجتماعية، وتوضيح المشكوك فيها، وتصحيح الحقائق المتعلقة بالحياة الاجتماعية التي أُسيئت معرفتها أو فهمها.

وعلى هذا فالبحث الاجتماعي يعني بشكل أكثر تحديداً، طريقة في التفكير، وأسلوب للنظر إلى الوقائع، بحيث يًصبح معنى المعطيات التي تم جمعها واضحاً في ذهن الباحث. كما أنه أسلوب يحل به المتخصصون المشكلات الصعبة، ويحقق فهم السلوك الإنساني والحياة الاجتماعية، حتى تزيد قدرتنا على التحكم فيها.

ثانياً: خصائص عملية البحث الاجتماعي

يتميز البحث الاجتماعي بخصائص متعددة، تظهر تباعاً، بحيث تبدو وكأنها خطوات ومراحل متعددة، وهي:

1. يبدأ البحث بسؤال في ذهن الباحث

فالإنسان كائن محب للاستطلاع، ينظر إلى الظواهر التي تثير ذلك الحب، وتثير لديه الدهشة والتأمل، وتجعله يطرح التساؤلات في وجود ظاهرة ما قد لاحظها الباحث ووجد أنها تثير في نفسه الحيرة، ويجد من خلال طرح الأسئلة المناسبة ما يعينه على تحديد وجهته في مطلبه من أجل الحقيقة.

2. البحث يتطلب خطة محددة   

يسير البحث في اتجاه هدف محدد، ابتداءً من الشعور بالحاجة إلى المعرفة، حتى النقطة التي تتحدث فيها الوقائع ذات الصلة إلى الباحث وتمده بإجابة. وبين هذين الطرفين يجب أن تكون هناك قضية واضحة تعبر عن مشكلة البحث، وتطوير للفروض، وتصميم على جمع وتفسير الوقائع، ثم اختبار الفروض، ثم التوصل إلى النتائج المستمدة من الوقائع. وهكذا فإن البحث يعد إجراء منظماً ومخططاً ومنطقياً في تصميمه.

3. يحتاج الباحث إلى عرض مشكلته في تعبير واضح

يبدأ البحث بعبارة واضحة وبسيطة، تعبر عن مشكلته. تتبلور تلك المشكلة في التساؤلات المحيرة التي لم يجب عنها، ويجد الباحث أنها أساسية منذ بداية العمل في البحث. ويجب أن تكون المشكلة دقيقة، لتحدد مقدماً وبوضوح ما الذي يسعى الباحث إلى اكتشافه، وأن تكون دقيقة الصياغة.

4. معالجة البحث للمشكلة الرئيسية من خلال مجموعة مشكلات فرعية

إنه من الملائم عملياً أن نقسم المشكلة الأساسية للبحث بين مشكلات فرعية مناسبة، بحيث يؤدي حل كل واحدة منها تلو الأخرى إلى حل مشكلة البحث الأساسية.

5. اعتماد البحث على فروض مناسبة

بعد تحديد المشكلة والمشكلات الفرعية المرتبطة بها، يجب أن ينطلق البحث من فروض مناسبة لمعالجة مشكلات الحياة اليومية، والفرض عبارة عن قضية منطقية أو تخمين معقول أو علاقة مدروسة، قد توجه أو تحدد وجهة الفكر للمشكلة، الأمر الذي يساعد على حلها.

6. البحث يتناول وقائع ويحدد معانيها

بعد عزل المشكلة وتقسيمها بين مشكلات فرعية مناسبة، ووضع الفروض التي سوف تُشير إلى الوجهة، التي قد نجد فيها الوقائع، تأتي الخطوة التالية وهي جمع الوقائع التي تبدو أن لها صلة بالمشكلة، ثم تنظيمها في مجموعات ذات معنى تمكن من تفسيرها.

7. البحث عملية حلزونية

لأنه في العملية الحلزونية لحل المشكلات، ستظل تطرح مشكلات أكثر، ونتيجة لذلك يستمر البحث في السير قدماً إلى الأمام. بالنظر إلى البحث بهذه الطريقة، نجده يمتاز بخاصية دينامية وليست استاتيكية.

ثالثاً: أنواع البحوث الاجتماعية

تعددت تصنيفات البحوث بتعدد المعيار أو المعايير التي أُخذت أساساً للتصنيف. فهناك من اعتبر المنهج معياراً للتصنيف، فيقولون دراسات تاريخية وأخرى تجريبية. ومنهم من وضع الأهداف النهائية للبحث معياراً، كأن يُقال دراسات تطبيقية وأخرى نظرية أو أساسية.

لكن قدم معظم علماء المناهج وعلماء الاجتماع ثلاثة أنماط رئيسية للبحوث الاجتماعية، تركزت في البحوث الكشفية الاستطلاعية، والبحوث الوصفية، والبحوث التشخيصية أو التي تختبر فروضاً سببية.

وقد أوضح بعض الباحثين أهم الفروق بين هذه الأنواع الثلاثة الأكثر تواتراً في كتابات البحث الاجتماعي، الاستطلاعية، والوصفية، والتشخيصية، كما يلي:

1. مقدار المعرفة والبيانات المتاحة حول الظاهرة التي ستُبحث، فكلما كانت هذه البيانات محدودة، كان البدء ضرورياً بالدراسات الاستطلاعية، وبعدها الوصفية، ثم التشخيصية.

2. مقدار الوفاء بخطوات أو أكثر من خطوات المنهج العلمي، فالدراسات الاستطلاعية تحاول الإجابة عن سؤال ماذا حول الظاهرة أو تلك؟ أي استطلاع وجودها وبعض تضاريسها. والدراسة الوصفية تحاول الإجابة عن سؤال كيف توجد هذه الظاهرة؟ أي وصف ملامحها وتحليل أبعادها. أما الدراسة التي تختبر الفروض، فهي تحاول تقديم إجابة، أو المساعدة على الإجابة عن لماذا هذه الظاهرة على ما هي عليه أو ما كانت عليه؟

ونحاول فيما يلي توضيح هذه البحوث بإيجاز، على النحو التالي:

1. البحوث الكشفية Exploratory

ويُقصد بها تلك التي يتمكن فيه الباحث ـ من طريق الكشف عن حلقات مفقودة أو غامضة في تسلسل التفكير الإنساني بوجه عام ـ أن يساعد على الربط والتحليل والتفسير العلمي الذي يُضيف إلى المعرفة الإنسانية ركائز جديدة. وهذا النوع من البحوث هو أكثرها مشقة بالنسبة للباحث، لما يتطلبه من قدرات ذاتية ومهارات استدلالية على درجة عالية من الكفاءة. ويمكن تحديد أهداف هذا النمط من البحوث فيما يلي:

·   صياغة مشكلة البحث تمهيداً لإجراء بحث أدق لها.

·   تنمية فروض البحث وتوضيح المفاهيم.

·   زيادة ألفة الباحث بالظاهرة التي يرغب في دراستها فيما بعد.

·   توضيح القضايا التي ينبغي أن يكون لها السبق في البحث مستقبلاً.

·   جمع المعلومات عن الإمكانيات العملية للقيام ببحث في المجال الواقعي الحي الذي تُجرى فيه الدراسة.

·   الحصول على قائمة بالمشكلات التي يراها الخبراء في الميدان جديرة بالبحث العاجل.

2. البحوث الوصفية Descriptive

تتضمن البحوث الوصفية دراسة الحقائق الراهنة المتعلقة بطبيعة ظاهرة، أو موقف، أو مجموعة من الناس، أو مجموعة من الأحداث، أو مجموعة من الأوضاع. إن هذا النوع من البحوث لا يتضمن فروضاً تذهب إلى أن متغيراً معيناً يؤدي إلى متغير آخر.

إن هذا لا يعني أنها تحصر أهدافها في جمع الحقائق فقط، ذلك لأن الباحث يتناول البيانات التي جمعها بالتحليل والتفسير، لكي يفيد من هذه البيانات في توضيح مجموعة من العلاقات المحتملة بين الظواهر دون أن يؤكدها، وهذا يتطلب قدراً كبيراً من المعلومات والمعطيات والبيانات، التي تدور حول المشكلة موضوع البحث. وتقوم البحوث الوصفية على مبدأين أساسيين، هما التجريد والتعميم. والتجريد عبارة عن تحديد وتمييز خصائص أو سمات موقف ما. أما التعميم فهو أحد الأهداف الرئيسية للعلم، ووظيفته سد الثغرة بين ما لاحظناه في الحياة الاجتماعية من وقائع، وبين ما لم نلاحظه.

3. البحوث التشخيصية Diagnostic

يُطلق عليها البحوث التي تختبر الفروض السببية، لأنها تتناول الأسباب المختلفة المؤدية إلى الظواهر الاجتماعية، وما يمكن عمله لتعديل بعضها، والمفهوم الدارج للسببية هو أنها حادث أو واقعة معينة، أو عامل يؤدي إلى حدوث حادث أو ظاهرة أخرى.

وإلى جانب هذه الأنواع الثلاثة المتواترة للبحث الاجتماعي، يُضيف عبدالباسط عبد المعطي نوعين، هما:

1. بحوث الاستشراف الاجتماعي

ويعني هذا النوع من البحوث استشراف أبعاد المستقبل، من خلال مناقشة بدائل تتناول مصير مجتمع ما، أو ظاهرة أو جماعة ما أو طبقة ما. وسواء كانت الدراسة لبنية المجتمع في كليتها أو لأحد أبعادها، ففي الحالتين نحن في حاجة إلى دراسة التفاعلات والعلاقات الجدلية بين مكونات هذه البنية الاجتماعية وبين غيرها من عوالم تشاركها في المرحلة التاريخية، ووحدة المصالح وصراعها، سواء كانت هذه العوالم طبيعية أو نظماً إقليمية أو دولية. وهدف هذا النوع من البحوث هو أن يكون للمجتمع أو الطبقة إرادة في اقتراح إستراتيجيات وسياسات حاضرة ومستقبلية تسهم في تحويل الإمكانات بالقوة إلى إمكانات بالفعل. كما أن هذا النوع من البحوث يجعلنا أكثر استبصاراً بصناعة مستقبل مجتمعاتنا.

2. البحوث التقويمية ودراسات الجدوى الاجتماعية

تُشير عملية التقويم إلى تقدير الأهمية النسبية لبنود الاختلاف والتباين بين مميزات وعيوب الخطط، وغالباً ما يقتصر على وصف المقترحات التخطيطية وإصدار أحكام على أسسها، ومقدار الاتساق الداخلي بين هذه المقترحات. أما عملية التقويم فهي عملية شمولية بالتصور أو بالتناول، فهي تشمل تقويم الإطار الفكري والأيديولوجي للخطة، أو المشروع القائم، ومقارنته بغيره من البدائل والممكنات المتاحة في الخطة الزمنية نفسها. فإذا أردنا تقويم جدوى الانفتاح الاقتصادي، فيجب علينا أن نقارنه بفلسفات وتوجهات تنموية أخرى، كالاعتماد على الذات مثلاً.

كما يشمل التقويم إطار التحليل والقياس المستخدم في المقارنة، ويحمل رؤية تاريخية زمنية معينة. فالجمهور أو الجماعة المستهدفة من التخطيط، يقتضي التقويم تحليلاً وتوقعاً للآثار والمصاحبات التي سيحدثها المشروع في تلك الجماعة عبر الزمن الكلي، وليس عند نقطة زمنية معينة، قد تكون الآثار بعدها سلبية. كما يشتمل التقويم على إبراز الجدوى الاجتماعية للمشروع من منظور الفلسفة والتوجه التنمويين.

رابعاً: أهداف البحث الاجتماعي

يسعى البحث الاجتماعي العلمي إلى تحقيق هدف فما فوقه من الأهداف التالية:

1. الوصف: ويعني رصد وتسجيل ما نلاحظه من الأشياء والوقائع والظواهر، وما ندركه بينها من علاقات متبادلة، وتصنيفها وترتيبها، واكتشاف العلاقات بينها. أي أنه كشف دلالات المعطيات الحسية بالاعتماد على الملاحظة والتجربة، ودراسة ما بينها من علاقات متبادلة. ويلاحظ أن الوصف يعتمد أساساً على المدركات الحسية، ولكنه ينطوي مع ذلك على عمليات عقلية يتفاوت تعقيدها، كتصنيف الأشياء وتصنيف خصائصها، وبيان العلاقات بينها، وتحديد مدى ما بينها من ارتباط، وكشف دلالتها.

2. التفسير: وهو محاولة الكشف عن أسباب وقوع الظواهر والأحداث. ويُفترض في التفسير الإيمان بمبدأ العلية الذي يربط بين الأسباب والنتائج، ويعتمد التفسير على العقل بدرجة أكبر من الوصف الذي يعتمد أساساً على الحواس والملاحظة والتجربة. فإذا كان الوصف هو كشف الدلالات الظاهرة في المعطيات الحسية، فإن التفسير هو كشف الدلالات التي تتجاوز تلك المعطيات. وإذا كان الوصف يمدنا بخبرات ومعلومات عن الظواهر والأحداث، فإن التفسير يحول تلك الخبرات والمعلومات إلى فروض تخضع للاختبار التجريبي.

3. الوصول إلى معارف وحقائق جديدة: يستهدف العالم من بحثه الوصول إلى حقائق علمية جديدة، إما عن الكون الذي يعيش فيه وظواهره المختلفة، وإما عن المجتمع الذي نعيش فيه والظواهر الاجتماعية والثقافية التي قد تميزه عن أي مجتمع آخر مثل الظواهر الاقتصادية والاجتماعية والدينية.

4. التنبؤ: ويعني استنتاج حقائق ووقائع جديدة ممكنة الحدوث في المستقبل من الحقائق التي وصلنا إليها وعبرنا عنها بالقوانين العلمية. أي الاستفادة من القوانين والحقائق التي توصلنا إليها في التنبؤ بالمستقبل. وكلما كان القانون أكثر عمومية، أمكن التنبؤ بحالات أكثر، وكلما كان القانون أكثر احتمالاً وأقرب إلى الواقع، كان التنبؤ صحيحاً أو ذا احتمال أكبر.

5. التحكم: ويعني إيجاد الظروف والشروط المحددة التي تتحقق فيها ظاهرة معينة، وبالتالي الحصول على الظاهرة في الوقت الذي نريده والمكان الذي نختاره. وقد يعني منع حدوث الظاهرة بمنع حدوث الظروف التي تحدث فيها. كما قد يعني التحكم السيطرة على القوى الطبيعية وتسخيرها لخدمة الإنسان، وذلك بعد أن تعرف القوانين المتحكمة فيها. ويُلاحظ أن التحكم قد يكون فعلياً، وقد يكون فرضياً، حين يتعذر بناء الظاهرة بصورة عملية.

6. التطبيق العملي: يستهدف البحث العلمي تحويل المبدأ الذي عبر عنه تولستوي بقوله "العلم من أجل العلم"، إلى "العلم في خدمة المجتمع"، لأن كل شيء يُقدر بفائدته أو منفعته أو بما له من استخدام أو تطبيق. ولم يقتصر هذا الاتجاه على الأشياء المادية، بل تعداها إلى الأفكار والمعاني العقلية.

7. حل المشاكل الإنسانية والعلمية: ويمثل حل مشاكل المجتمع الهدف الأخير من البحث الاجتماعي. وهذه المشاكل قد تنشأ عن الظروف الطبيعية كالجفاف والتصحر، وقد تنشأ عن التجمع البشري، كالانفجار السكاني وأزمة المساكن، وتفشي الأمراض والأوبئة، وازدياد الجريمة، وغيرها. وبالتالي فالعلماء يحاولون إيجاد حلول ملائمة للمشاكل التي تعترض طريق التقدم، أو التي تهدد حياة البشرية، أو التي تقلل من رفاهية الإنسان وسعادته، أو حتى تُهدد بانقراض بعض الأنواع الحيوانية والنباتية.