إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / القدس (سياسياً... وتاريخياً... ودينياً)




وثيقة الأمان العمري
باب ستنا مريم
قبة الصخرة

مملكتي اليهودية وإسرائيل
إنشاء الوحدات السكنية في المستعمرات
مجسم لقبة الصخرة
مجسماً لمدينة إيليا كابيتولينا
الأطواق الاستيطانية حول القدس
الاستيطان اليهودي
الحفريات حول الحرم الشريف
القدس والنفق ـ الأزمة
القدس والانتداب البريطاني
القدس تحت الاحتلال البريطاني
القدس في الثمانينيات
القدس في التسعينيات
القدس في الخمسينيات
القدس في الستينيات
القدس في السبعينيات
خطة الأمم المتحدة للقدس
فلسطين في عهد سليمان وداود

الأوضاع النهائية في فلسطين
الأراضي المصادرة في القدس
القدس منذ عام 1967
القدس بين عامي 1949-1967
قرار تقسيم فلسطين



الملحق الرقم (11)

ملحق

تقرير اللجنة الملكية لفلسطين

7 يوليه سنة 1937

    لقد كانت اللجنة الملكية لفلسطين مؤلفة من الأعضاء التالية أسماؤهم:

    جناب النبيل الأول بيل

جناب النبيل السر هوراس رامبولد (نائب الرئيس)

    السر لوزى هاموند

    السر موريس كارتر

    السر هارولد موريس

    الأستاذ راجينالد كوبلاند.

    وقد قام بمهام السكرتارية المستر ج. م. مارتن.

    وقد عينت اللجنة في شهر آب سنة 1936 وأنيطت بها الصلاحيات التالية:

    التثبت من الأسباب الأساسية للاضطرابات التي نشبت في فلسطين في أواسط شهر نيسان والتحقيق في كيفية تنفيذ صك الانتداب على فلسطين بالنسبة للالتزامات الدولة المنتدبة نحو العرب ونحو اليهود والتثبت يعد تفسير نصوص الانتداب تفسيرا صحيحا مما إذا كان لدى العرب أو لدى اليهود أية ظلامات مشروعة ناجمة عن الطريقة التي اتبعت فيما مضى أو التي تتبع الآن في تنفيذ الانتداب والقيام لدى اقتناعها باستناد أية ظلامة من هذه الظلامات إلى أساس صحيح يرفع التواصي لإزالة تلك الظلامات ومنع تكرارها.

    وفيما يلي خلاصة تقرير اللجنة:

الباب الأول

المشكلة

الفصل الأول - الاستناد التاريخي:

    يتضمن هذا الفصل لمحة موجزة عن عهد اليهود القديم في فلسطين وعن الفتح والاحتلال العربي وتشتت اليهـود المشكلة اليهودية نحو الصهيونية ومعناها.

الفصل الثاني - الحرب والانتداب:

    إن الحكومة البريطانية رغبة منها في نيل معاضدة العرب في الحرب الكبرى قطعت لشريف مكة في سنة 1915 وعدا مآله أنه إذا قيض للحلفاء الغلبة والانتصار فان القسم الأكبر من الولايات العربية التي كانت حينئذ مشمولة في الإمبراطورية العثمانية سيصبح مستقلا ففهم العرب من هذا الوعد أن فلسطين ستكون داخلة في نطاق هذا الاستقلال
    وكي تتمكن الحكومة البريطانية من نيل معاضدة اليهودية العالمية أصدرت تصريح بلفور في سنة 1917 ففهم اليهود من هذا التصريح أنه إذا قيض النجاح لتجربة إنشاء الوطن القومي اليهودي وأم فلسطين عدد كاف من اليهود فقد يتطور الوطن القومي مع مرور الزمن وينقلب إلى دولة يهودية.

    وعندما وضعت الحرب أوزارها وافقت دول الحلفاء والدول المنضمة إليها على العمل بنظام الانتداب كوسيلة لتنفيذ السياسة التي ينطوي عليها تصريح بلفور. وبعد مدة من الزمن أقرت عصبة الأمم والولايات المتحدة صك الانتداب على فلسطين. وهذا الصك نفسه يتناول في الدرجة الأولى التزامات معينة متساوية في الأهمية - وهى التزامات ايجابية فيما يتعلق بإنشاء الوطن القومي والتزامات سلبية فيما يتعلق بحماية حقوق العرب.

الفصل الثالث - فلسطين من سنة 1920 إلى سنة 1936:

    وخلال السنوات الخمس الأولى من عهد الإدارة المدنية التي أسست في سنة 1920 شرع من الجهة الواحدة في إعداد المصالح العامة التي تناول تأثيرها أكثرية السكان العربية وشرع من الجهة الأخرى في إنشاء الوطن القومي اليهودي وقد نشبت اضطرابات في سنتي 1920 و 1921 غير أنه في سنة 1925 تبادر للذهن أن الأمل بوصول العرب واليهود إلى توافق نهائي كان قويا إلى درجة كبيرة مما أدى إلى إنقاص القوى المنوط بها المحافظة على النظام إنقاصا كبيرا. أظهر فيما بعد أن هذه الآمال لم تكن مستندة إلى أساس ذلك لأنه بالرغم من أن فلسطين على وجه الإجمال أصبحت أكثر رفاهية عن ذي قبل فان الأسباب التي أدت إلى اضطرابات سنتي 1920 و 1921 وهى مطالبة العرب بالاستقلال القومي واتخاذهم موقف العداء من الوطن القومي اليهودي لم يطرأ عليها أدنى تبدل أو تغيير والواقع أن وطأتها قد اشتدت من جراء العوامل الخارجية وهى تهافت يهود أوروبا على فلسطين وانتشار الروح القومية عند العرب في البلاد المجاورة.

    وقد كانت هذه الأسباب هي بذاتها التي أدت إلى اضطرابات 1929 - 1933 ولم تحل سنة 1936 حتى كانت وطأة العوامل الخارجية قد اشتدت من جراء:

1.      المصاعب التي تعرض لها اليهود في ألمانيا وبولونيا والتي أسفرت عن زيادة الهجرة اليهودية إلى فلسطين زيادة كبيرة.

2.      توقع بلوغ سوريا ولبنان في القريب العاجل نفس الاستقلال الذي نالته العراق والمملكة السعودية ولقد كانت مصر في ذلك الحين على وشك الاستقلال أيضا.

الفصل الرابع - اضطرابات سنة 1936:

    لقد كانت هذه الاضطرابات (وقد تضمن التقرير وصفا موجزا لها) شبيهة بالاضطرابات الأربعة التي سبقتها وان كانت أشد خطرا وأطول أجلا منها ولم يقتصر الهجوم فيها على اليهود وحدهم بل تناول حكومة فلسطين أيضا كما كانت الحالة في اضطرابات سنة 1933 - وقد كانت الظاهرة الجديدة التي بدرت في هذه الاضطرابات الأخيرة الدور الذي لعبه ملوك العرب وأمراؤهم في البلاد العربية المجاورة في إنهاء الإضراب.

    ولقد كانت الأسباب الأساسية لاضطرابات سنة 1936 كما يلي:

1. رغبة العرب في نيل الاستقلال القومي.

2. كرههم لإنشاء الوطن القومي اليهودي وتخوفهم منه.

    وهذان السببان هما بذاتهما السببان اللذان أديا إلى الاضطرابات السابقة ولقد كانا على الدوام متصلين معا بصورة لا تنفصم عراها. وهناك كثير من العوامل الثانوية الأخرى التي ساعدت على نشوب الاضطرابات نذكر أهمها فيما يلي:

1. انتشار الروح القومية العربية خارج فلسطين.

2. ازدياد هجرة اليهود منذ سنة 1933.

3. الفرصة المتاحة لليهود بالتأثير على الرأي العام في بريطانيا.

4. عدم ثقة العرب في إخلاص الحكومة البريطانية.

5. فزع العرب من استمرار شراء الأراضي من قبل اليهود.

6. عدم وضوح المقاصد النهائية التي ترمى إليها الدولة المنتدبة.

الفصل الخامس - الحالة الحاضرة:

    إن الوطن القومي اليهودي قد خرج عن طور التجربة ولقد كان نمو سكانه مقرونا بتطورات سياسية واجتماعية واقتصادية تطابق الأسس التي وضعت لها في بادئ الأمر والحدث الرئيسي هو ما طرأ على المدن والصناعات من التقدم والتوسع وهناك فرق جلي يسترعى الأنظار بين الصبغة الديمقراطية والعصرية الأوروبية في صميمها التي يصطبغ بها الوطن القومي وبين العالم العربي الذي يحيط به فالروح السائدة في الوطن القومي اليهودي هي ذات صبغة قومية شديدة، وليس ثمة مجال للامتزاج أو الاندماج بين الثقافة اليهودية والثقافة العربية والوطن القومي لا يمكن أن يكون شبه قومي.

    فشكل الحكم القائم في مستعمرات التاج لا يلائم أناسا ديموقراطيين ومثقفين ثقافة عالية كجماعة الوطن القومي وحكومة كهذه من شأنها أن تغذى روح عدم الشعور بالمسئولية غير المحمودة الأثر.

    والوطن القومي يجنح إلى إسراع الخطى في تقدمه لا لمجرد رغبة اليهود في الفرار من أوروبا بل بسبب القلق السائد حول ما سيحل بفلسطين في المستقبل.

     لقد ازداد عدد السكان العرب زيادة كبرى منذ سنة 1920 ونالوا بعض النصيب من رفاهية فلسطين المتزايدة. فكثير من أصحاب الأملاك من بينهم استفادوا من بيوع الأراضي ومن استثمار الأثمان التي جنوها من بيعها استثمارا مربحا والفلاحون هم أسعد حالا على وجه العموم مما كانوا عليه سنة 1920 ويرجع بعض الفضل في هذا التقدم الذي ناله العرب إلى ما دخل فلسطين من رءوس الأموال اليهودية والى العوامل الأخرى ذات الصلة بنمو الوطن القومي - ولقد استفاد العرب بصورة خاصة من الخدمات الاجتماعية التي لم يكن ليتسنى إيجادها بالمقياس الموجودة فيه الآن بدون الإيرادات المستمدة من اليهود.

    غير أن هذه الفائدة الاقتصادية التي جناها العرب من الهجرة اليهودية ستقل إذا استمرت، شقة الخلاف السياسي بين العنصرين على الاتساع.

    إن روح القومية عند العرب شديدة القوة كما هو الحال عند اليهود وقد ظل ما يطلبه الزعماء العرب من تأسيس حكومة ذاتية وطنية وقفل باب الوطن القومي اليهودي ثابتا لم يطرأ عليه تغيير منذ سنة 1920 والروح القومية عند العرب كالروح القومية عند اليهود يغذيها النظام التعليمي ونمو حركة الشبان. ولقد كان للمعاهدة الإنجليزية المصرية والمعاهدة الفرنسية السورية اللتين عقدتا مؤخرا تأثيرهما في إذكاء هذه الروح. إن شقة الخلاف بين العنصرين هي في حالتها الحاضرة واسعة وستستمر على الاتساع فيما لو ظل الانتداب الحالي معمولا به.

    إن وضع حكومة فلسطين بين الشعبين المتنافرين ليس بالوضع الذي تحسد عليه فهنالك هيئتان متنافستان هما اللجنة العربية العليا المتساندة مع المجلس الإسلامي الأعلى من جهة والوكالة اليهودية المتساندة مع المجلس الملي اليهودي من الجهة الأخرى وهاتان الهيئتان تستطيعان اكتساب ولاء العرب واليهود الطبيعي أكثر مما تستطيعه حكومة فلسطين والجهود الصادقة التي بذلتها الحكومة لمعاملة كلا العنصرين بدون تحيز لم تؤد إلى تحسين العلاقات بينها. كما أن سياسة استمالة المقاومة العربية لم تنجح ولقد أثبتت حوادث السنة الماضية أن الاستمالة لا تجدي نفعا.

    إن الشهادات التي أدلى بها زعماء العرب واليهود كانت متضادة كل التضاد ولم تترك أملا في إمكان التوفيق بين وجهتي نظر الفريقين. وقد كان الحل الوحيد للمعضلة الذي تقدمت به اللجنة العربية العليا هو تشكيل حكومة عربية مستقلة في الحال وأن يترك لهذه الحكومة أمر معاملة الأربعمائة ألف يهودي الموجودين في البلاد على الوجه الذي تستصوبه. والجواب على ذلك أن الثقة بحسن نية الحكومة البريطانية لن تزداد في أية ناحية من أنحاء العالم فيما لو سلم الآن أمر الوطن القومي للحكم العربي.

    وقد أكدت الوكالة اليهودية والمجلس الملي اليهودي أن في الإمكان حل المعضلة عن طريق تطبيق الانتداب بحذافيره تطبيقا حازما على أساس مطالب اليهود. وذلك بأن لا يوضع قيد جديد على الهجرة وألا يكون هناك ما يمنع صيرورة اليهود أكثرية في فلسطين مع مرور الزمن. والجواب على ذلك أن مثل هذه السياسة لا يمكن تنفيذها إلا باللجوء إلى القوة ثم انه ليس من المحتمل أن يورط الرأي العام البريطاني أو الرأي العام لليهودية العالمية نفسه في اللجوء إلى استعمال القوة على الدوام إلا إذا اقتنع بعدم وجود وسيلة أخرى لأداء العدالة.

الباب الثاني

تنفيذ الانتداب

    لقد بحثت اللجنة بحثا مستفيضا فيما يمكن عمله لتنفيذ الانتداب طارقة كل النواحي الواحدة بعد الأخرى سعيا وراء فسح المجال لتوطيد دعائم السلام في المستقبل وقد أدرجت نتائج تحقيقها هذا في القسم الثاني من التقرير وشرحت المشاكل التي تواجه مختلف فروع إدارة الدولة المنتدبة كما شرحت ظلامات العرب واليهود تحت كل باب.

    وفيما يلي المقررات الرئيسية التي توصلت إليها اللجنة:

الفصل السادس - الإدارة:

    إن الموظفين الفلسطينيين الذين هم في خدمة الحكومة يحسنون العمل في الأوقات الاعتيادية أما في أوقات الاضطرابات فلا يعتمد عليهم وينبغي أن لا يكون ثمة تردد في الاستغناء عن خدمات الذين يرتاب في إخلاصهم أو عدم تحيزهم.

    أما فيما يتعلق بالموظفين البريطانيين فالملاك (الكادرو) هو أصغر من أن يسمح بتشكيل خدمة مدنية منهم لفلسطين وحدها. وعلى ذلك يترتب على الإدارة أن تستمر على الاستعانة بموظفي المستعمرات غير أن مدة الخدمة الاعتيادية في فلسطين يجب أن لا تقل عن سبع سنوات وينبغي صرف العناية الفائقة في اختيار الموظفين وتدريب الذين يقع الخيار عليهم تدريبا تمهيديا.

    إن اللجنة تعترف بالمشاق التي تعانيها الإدارة البريطانية التي كانت مسوقة منذ البدء على العمل تحت ضغط شديد دون أن تتسنى لها فرصة للتفكير الهادئ فهنالك مركزية زائدة عن الحد والصلة الموجودة بين الرئاسات العليا للدوائر وإدارة الألوية غير وافية بالمرام.

     إن ظلامات العرب واليهود ومطالبهم فيما يتعلق بالمحاكم لا يمكن التوفيق بينها وهي تكشف القناع عن التنافر العنصري الذي يتخلل فروع الإدارة بأجمعها. ومما يزيد في صعوبة إيجاد نظام قضائي يتفق واحتياجات شعوب فلسطين المختلطة وجود لغات رسمية ثلاث وأيام عطلة أسبوعية ثلاثة وأعياد رسمية ثلاثة ونظم قانونية ثلاثة.

    أما فيما يتعلق بالشكوك التي تخامر اليهود حول كيفية تعقيب الدعاوى الجنائية. فاللجنة تلفت النظر إلى الصعوبات التي تجابه دائرة النيابة في بلاد تكثر فيها شهادات الزور، ويتعذر فيها الحصول على البيانات في كثير من الدعاوى. وهي ترى أن البغضاء المستحكمة بين العنصرين وعلى الأخص عند وقوع الأزمة قد أثبتت أن لها تأثيرها السيئ في أعمال تلك الدائرة. واللجنة توصى بأن يكون محامى الحكومة الأول بريطانيا.

     ومن الضروري إنجاز تعبيد طرق يافا - حيفا بما أمكن من السرعة.

     ولابد من القيام بتحقيق آخر بواسطة أحد الخبراء للفصل فيما إذا كانت البلاد في حاجة إلى مرفأ ثان عميق المياه. ويفضل بناء هذا المرفأ فيما لو تقرر بناؤه في مكان متوسط بين يافا وتل أبيب بحيث يكون في متناول كل من البلدين على السواء.

    ليس ثمة فرع من فروع الإدارة لا تتدخل به الوكالة اليهودية غير أن الوكالة لا يصح أن تكون موضعا للانتقاد بسبب ذلك فالمادة الرابعة من صك الانتداب تخولها حق إبداء المشورة والتعاون مع الحكومة في كل أمر من الأمور التي تمس مصالح السكان اليهود تقريبا وهى تشكل حكومة موازية تقوم إلى جانب حكومة الدولة المنتدبة والمركز الممتاز الذي تتمتع به يزيد في حدة خصومة العرب.

    لقد كانت اللجنة العربية العليا مسئولة لدرجة كبيرة عن مواصلة الإضراب في السنة الماضية وتحديد أجله ويجب أن يتحمل مفتى القدس بصفته رئيسا لهذه اللجنة قسطه الوافر من المسئولية ومن سوء الحظ أنه لم يكن في الإمكان منذ سنة 1929 القيام بأي عمل لوضع انتخابات المجلس الإسلامي الأعلى ومركز رئيسه على أساس نظامي فالوظائف التي جمعها المفتى في نفسه واستعماله لتلك الوظائف قد أدى إلى إنشاء حكومة عربية ضمن حكومة ويمكن وصفه بأنه رئيس حكومة موازية ثالثة وقد بحثت اللجنة في اقتراح يرمى إلى إنشاء وكالة عربية واسعة النطاق مؤلفة من ممثلي البلاد العربية المجاورة ومن ممثلي عرب فلسطين لحفظ التوازن مع الوكالة اليهودية فإذا ظل الانتداب الحالي قائما فلابد من البحث في مشروع كهذا.

الفصل السابع - الأمن العام:

    على الرغم من أن نفقات الأمن العام قد ارتفعت من 265.000 ج في سنة 1923 إلى ما يتجاوز 862.000 جنيه في سنة 1935 -1936، (وإلى 2.230.000 جنيه في سنة 1936 - 1937 وهي السنة التي وقعت فيها الاضطرابات) فمن الثابت أن الواجب الأولى وهو الواجب الذي يفضى بالمحافظة على الأمن العام لم يؤد.

    وإذا حدث أن نشبت الاضطرابات مرة أخرى بشكل يتطلب تدخل السلطات العسكرية فيجب ألا يكون ثمة تردد في تطبيق الأحكام العرفية على البلاد بكاملها تحت إشراف عسكري غير مجزأ. ومن مثل تلك الحالة ينبغي تجريد الأهالي من السلاح وإقامة هيئة فعالة على الحدود لمنع التهرب والهجرة غير المشروعة وتسرب الأسلحة وإذا لم يعمد إلى نزع السلاح فيجب الاحتفاظ بالبوليس الإضافي كقوة مدربة للدفاع عن المستعمرات اليهودية.

    لقد كانت الاستخبارات خلال الإضراب غير مرضيه. إن أكثرية ضباط البوليس الفلسطيني في دائرة التحقيقات الجنائية مخلصون كل الإخلاص لعملهم أما أفراد البوليس الذين ينتمون إلى الرتب الدنيا كغالبية أفراد البوليس في الأقضية فهم ليسوا ممن يعتمد عليهم عند وقوع الاضطرابات وان كانوا نافعين في أوقات السلم. وسيكون من الخطر بمكان عظيم تعريض البوليس العربي في فلسطين غلى مثل ذلك التوتر العصبي الذي عرض له في الصيف المنصرم.

    ينبغي تعيين ضباط بريطانيين في المناطق المختلطة.

     ويجب أن يكون هناك بوليس احتياطي مركزي ومحلى ومن الأمور الأساسية أيضا أن تكون هناك قوة كبيرة متحركة من الفرسان سواء أكان ذلك عن طريق تشكيل قوة من الدرك أو عن طريق زيادة أفراد البوليس البريطاني الخيالة.

    عقب اضطرابات سنة 1929 لم ينفذ حكم الإعدام إلا في ثلاثة أشخاص من القتلة بينما أحكام الإعدام المبرمة بلغت 27 حكما. وفي سنة 1936 بلغت حوادث القتل التي تم التبليغ عنها 260 حادثة وأدين 67 شخصا ولم يحكم بالإعدام على أحد. إن معاقبة المجرم بسرعة وإنزال العقاب الملائم به هو عامل أساسي في حفظ القانون والنظام.

    لقد بلغ مجموع ما فرض من الغرامات المشتركة في المدة الواقعة بين سنة 1929 وسنة 1936 - 60.000 جنيه غير أنه لم يجمع منها لغاية هذا التاريخ سوى 18.000 جنيه وإذا كانت الغاية أن يكون للغرامات المشتركة أثر رادع فمن الواجب قصرها على المبلغ الذي يمكن جمعه وإقامة قوة من البوليس التأديبي في القرية أو المدينة على نفقة أهلها إلى أن تدفع الغرامة.

    إن العقوبات المنصوص عليها في قانون المطبوعات والإجراءات التي اتخذت بمقتضى القانون المذكور ليست كافية. فمن الواجب سن قانون يقضى بإيداع تأمين (ديبوزيتو) نقدي يمكن مصادرته وبفرض عقوبة الحبس ودفع الغرامة ويجب أن ينص القانون أيضا على مصادرة المطبعة.

    وهناك ضرورة ماسة لإنشاء ثكنات للبوليس في بعض المدن وإقامة بيوت لكل الأفراد المتزوجين منهم.

    إن إيرادات فلسطين لا يمكن أن تفي بجميع ما تتطلبه التدابير المقترحة من النفقات وسيستلزم الأمر أن تدفع حكومة جلالته في المملكة المتحدة إعانات سخية لتلك الغاية. أما الأثر الفوري لهذه التدابير فسيكون توسيع شقة الخلاف بين العرب واليهود مقرونا ذلك برد فعل يتخطى أثره حدود فلسطين ويتجاوزها إلى أبعد منها بكثير.

الفصل الثامن - الشئون المالية:

    لم تكن الخزينة حتى السنين الأخيرة تبيح القيام بإصلاح واسع النطاق في الشئون والخدمات الاجتماعية فان تراكم وفر كبير في الخزينة أمر انفردت به السنين الأربع الأخيرة التي بدأت بسنة 1932. ولقد كان ثمة ما يبرر اتخاذ موقف التحفظ والتؤدة في إجراء الإصلاحات المشار إليها. أما الاستنتاج بأن هذا الوفر الكبير ناشئ عن تقتير لا موجب له في الصرف فهو أمر لم يؤيده التحليل الدقيق لأن الوفر بأجمعه مثقل بالرهون إلى درجة لا يبقى منه معها إلا ما يزيد قليلا على المقدار المعقول لسد الذمم الحالية.

    وإذ توقف تدفق رءوس الأموال على فلسطين وهو الأمر الذي تمتاز به اقتصاديات فلسطين بصورة خاصة فليس هناك ما يستدعى أن يكون زوال هذه الخبرة الاستثنائية مؤديا إلى وقوع البلاد في الفاقة وان كان ذلك قد يؤدى إلى خفض مستوى المعيشة إلى درجة ما ريثما تستقر اقتصاديات البلاد على أساس جديد. غير أن إمكان خروج رءوس الأموال من فلسطين في حالة ركود الحالة الاقتصادية فيها ركودا طويل الأمد هو أمر لا يمكن تجاهله بالكلية.

    وبالنظر لعدم وجود إحصاءات وافية يتعذر التثبت من درجة صحة الشكوى التي تقدم بها العرب بأن حماية الصناعات يعود جل فائدتها على اليهود ويقع جل أعبائها على عاتق العرب والمأمول أن تتمكن إدارة الإحصاءات الجديدة عن قريب من التحقيق في مسألة توزيع الضرائب وأن تفرض الضرائب الجديدة على أسا مجموع عبء الضرائب التي ستقوم البلاد بحملة لا بالنسبة لما تحدثه الضرائب من التأثير في أية صناعة خاصة من الصناعات.

    وليس هناك مجال للجدل في حاجة البلاد إلى زيادة صادراتها وإيجاد أسواق لما تنتجه من الأثمار الحمضية الآخذة في التزايد من سنة إلى أخرى وقد وجدت اللجنة بعد إمعان النظر في الوسائل المختلفة التي يمكن اتخاذها لتذليل الصعوبات الناجمة عن سياسة عدم التمييز في التفرقة المنصوص عليها في المادة 18 من صك الانتداب أن أحكام تلك المادة أصبحت لا توافق الزمن الحاضر. فإذا لم تعدل تلك المادة فان فلسطين ستستمر على تحمل الخسائر من جراء القيود التي تعيق التجارة الخارجية ولذلك ينبغي فتح باب المفاوضات بدون إمهال لوضع تجارة فلسطين على قاعدة أعدل من القاعدة التي هي عليها الآن.

الفصل التاسع - الأراضي:

    إن خلاصة من التشاريع المتعلقة بالأراضي التي سنت خلال الحكم المدني تكفى لإظهار ما بذلته الحكومة المنتدبة من الجهود لتنفيذ تعهداتها في هذا الباب. واللجنة تلفت النظر إلى الصعوبات الخطيرة المحيطة بالقانون الذي اقترحت حكومة فلسطين سنه لحماية صغار الملاك.

    ومن الواجب تعديل دستور فلسطين وتعديل صك الانتداب أبضا إذا لزم الأمر بصورة تفسح مجالا لسن فانون يخول المندوب السامي سلطة منع انتقال الأراضي إلى اليهود في أية منطقة معينة وذلك كي يصبح في قيد الإمكان تنفيذ التعهد الذي يقضى بحفظ حقوق العرب ووضعيتهم. وريثما تتم عمليات المساحة والتسوية ترحب اللجنة بمنع بيوع قطع الأراضي المنعزلة والصغيرة المساحة إلى اليهود. على أنها ترجح اللجوء إلى مشاريع أوسع مما سبق لإعادة تنظيم الملكية تحت إشراف الحكومة وهى تبحث الاقتراح القائل بتشكيل شركات خاصة للمنافع العامة لتتولى القيام بمشاريع عمرانية كهذه خاضعة لبعض القيود.

    وينبغي تعيين لجنة من ذوى الخبرة لسن قانون للأراضي وقد أوصت اللجنة بلزوم الإسراع في عمليات التسوية (التي تحتاج إليها البلاد حاجة ماسة) وتحسين الأصول التي تسير عليها عمليات التسوية.

     إن النظام الحالي لمحاكم الأراضي من شأنه أن يساعد على البطء في سير الدعاوى وريثما تتم عمليات المساحة والتسوية يجب تأليف محكمتين أو ثلاث محاكم أراض مستقلة عن المحاكم المركزية بحيث تكون كل منها برئاسة قاض بريطاني منفرد.

    لقد استفاد المزارع القروي بصورة عامة لغاية يومنا هذا مما قامت به الإدارة البريطانية من الأعمال ومن وجود اليهود في البلاد. ألا أنه ينبغي اتخاذ أقصى ما يمكن من الحيطة لتأمين حفظ حقوق المستأجرين والمزارعين العوب في حالة وقوع بيوع أراض أخرى وعلى ذلك يجب أن لا يسمح بانتقال الأراضي (إلى اليهود) إلا حينما يمكن استبدال الزراعة الواسعة بالزراعة الكثيفة. وليس من المنتظر أن تتسع المناطق الجبلية لأية زيادة كبيرة تحدث في عدد سكان القرى. ولذلك يجب على الحكومة أن لا تعمد في الوقت الحاضر ولا بعد مضى عدد كبير من السنين إلى تسهيل حشد اليهود في المناطق الجبلية بوجه عام.

    إن عدم كفاية الأراضي يعود إلى تكاثر السكان العرب أكثر مما يعود إلى ابتياع الأراضي من قبل اليهود. ولا يمكن التسليم بما يدعيه العرب من أن اليهود قد حصلوا على قطعة زائدة من الأراضي الجيدة فكثير من الأراضي المغروسة الآن بأشجار البرتقال لم تكن عند ابتياعها إلا كثبان رمال أو مستنقعات عير مزروعة. ومن الأمور اللازمة إصدار تشريع يقضى بإناطة المياه السطحية في المندوب السامي. واللجنة توصى بزيادة عدد الموظفين الذين يقومون بالتنقيب والبحث عن المياه وبزيادة التجهيزات الموضوعة تحت تصرفهم بغية التوسع في الري. وهى تحبذ المشروع الموضوع لإعمار منطقة الحولة.

    واللجنة تدرك تمام الإدراك ضرورة القيام بتحريج الأراضي على مقياس واسع ولزوم وضع برنامج بعيد الأمد لإنشاء الغابات ولكن بالنظر لما استنتجته من قلة الأراضي الميسورة للسكان الزراعيين في الجبال لا يسعها أن توصى ببرنامج ينطوي على إخراج المزارعين من الأراضي بمقياس واسع إلا إذا وفرت لهم أرض زراعية أخرى أو أوجد لهم عمل مناسب على الأرض. وعلى انه إذا أخذت البلاد كمجموع فان قسما كبيرا من أرضها يصلح للتحريج وليس للزراعة واللجنة تحبذ القيام بمشروع يرمى إلى تحريج سفوح التلال الكثيرة الانحدار منعا لانهيار تربتها ومنع الري في الأراضي الصالحة للتحريج وإنشاء غابات للقرى حيثما أمكن لمنفعة المزارعين المجاورين لها

الفصل العاشر - الهجرة:

    لقد ازدادت مشكلة الهجرة خطورة من جراء عوامل ثلاثة وهي:

1. القيود الشديدة التي فرضتها حكومة الولايات المتحدة على الهجرة إلى بلادها.

2. استلام الحكومة الوطنية الاشتراكية لمقاليد الحكم في ألمانيا.

3. ازدياد الضغط الاقتصادي على اليهود في بولونيا.

    إن بقاء عنصر وافر الذكاء والنشاط مدعما بمقادير كبيرة من الأموال على اصطدام متواصل مع شعب متواطن في البلاد يعتبر فقيرا بالنسبة إلى ذلك العنصر ويختلف عنه من حيث مستوى الثقافة قد يؤدى مع الزمن إلى رد فعل خطير. وان مبدأ الاستيعاب الاقتصادي الذي مؤداه أن يتوقف مقدار الهجرة إلى البلاد على أساس قدرة البلاد الاقتصادية على استيعاب المهاجرين دون أن يكون لغير هذه الاعتبارات الاقتصادية شأنه في ذلك هو مبدأ غير ملائم في الوقت الحاضر وهو يضرب صفحا عن بعض العوامل التي تنطوي عليها الحالة مما لا يسع السياسة الحكيمة أن - تتجاهله أو تهمله. فمن اللازم أن يحسب للعوامل السياسية والاجتماعية والنفسية حسابها في هذا الشأن وينبغي على حكومة صاحب الجلالة أن تضع حدا سياسيا أعلى للهجرة اليهودية. وهذا الحد السياسي الأعلى يجب أن يحدد بـ 12.000 في السنة للسنوات الخمس المقبلة.

الفصل الحادي عشر - شرق الأردن:

    إن مواد صك الانتداب المتعلقة بالوطن القومي اليهودي لا تسرى على شرق الأردن. واحتمال توسيع الوطن القومي عن طريق هجرة اليهود إلى شرق الأردن يتوقف على افتراض وجود الوفاق بين اليهود والعرب. غير أن مقاومة العرب للهجرة اليهودية ليست أقل شدة في شرق الأردن منها في فلسطين ولا يسع حكومة شرق الأردن إلا أن ترفض تشجيع الهجرة اليهودية إزاء المقاومة الشعبية التي تجابه تلك الهجرة.

الفصل الثاني عشر - الصحة العامة:

    لقد لخصت ظلامات اليهود في هذا الفصل بأنها عبارة عن شكواهم من عدم صرف الحكومة المنتدبة لمقادير كافية من المال على مساعدة المصالح الصحية التي أنشأوها من أموالهم الخاصة. فالمال الذي يصرف على أية مصلحة من المصالح يؤخذ حتما من حساب مصلحة أخرى وقد يغرب عن الذهن أحيانا أن فلسطين لا تزال فقيرة بالنسبة إلى غيرها بالرغم من تقدم الوطن القومي من الوجهة الاقتصادية والمسألة بمجموعها توضح صعوبة إنشاء المصالح في دولة واحدة لشعبين اثنين يختلفان اختلافا بينا من حيث مستوى المعيشة.

الفصل الثالث عشر - الأشغال العامة والمصالح الأخرى:

    إذا كان المفروض أن توزع الوظائف بين العنصرين بالنسبة لعدد أفراد كل عنصر منهما فان الحكومة قد حافظت على هذه النسبة بقدر الإمكان في الخدمة المدنية عموما بالرغم من أن سرعة تزايد العنصر اليهودي قد جعلت هذا الأمر من الصعوبة بمكان.

    وفي فلسطين حيث تختلف أجور العمال العاديين من العرب واليهود ويكثر تقلب الأجور يستحيل جعل الاستخدام في الأشغال العامة موقوفا دائما على أساس نسب ثابتة بين العنصرين واللجنة لم تتقدم بأية توصية فيما يتعلق باستخدام اليهود وغير اليهود في دوائر الحكومة وفي الأشغال العامة والمصالح الأخرى وهى تشير إلى الصعوبات الناجمة عن استحكام روح التنافر بين العنصرين والاختلاف بين مستوى معيشتهما والفرق بين معدل الأجور والصعوبات الأخرى الناشئة عن أيام العطل الثلاثة المختلفة. وتعرب عن اقتناعها بأن الحكومة قد عالجت الحالة بسعة صدر وأن القول بأن موقف الحكومة من استخدام اليهود لا ينطوي على العطف قول لا يستند إلى أساس.

الفصل الرابع عشر - المسيحيون:

    إن مصلحة المسيحيين الدينية فيما يتعلق بالأماكن المقدسة لا تقل شأنا عن مصلحة اليهود أو المسلمين. ومسيحيو العالم لا يسعهم أن يقفوا موقف عدم المبالاة فيما يتعلق بإنصاف ورفاهية إخوانهم بالدين في البلاد المقدسة.

1.      المذكرة المتضمنة ظلامات الطائفة العربية الأرثوذكسية وشكايتهم من الموقف الذي وقفته الحكومة بترك الأمور تجري في مجراها قد وصلت متأخرة لدرجة حالت دون درسها بالتفصيل غير أن اللجنة تشير إلى ما قامت به اللجنة الحالية المعينة بمقتضى قانون البطريركية الأرثوذكسية لسنة 1928 من الإصلاح الناجع في مالية البطريركية والى البحث الذي جرى بين الحكومة والبطريركية والعلمانيين حول إعادة تنظيم الشئون الداخلية للبطريركية من جديد بما فيه تشكيل مجلس مختلط وتلك المسائل لا تزال موضع نظر الحكومة.

    وقد أشارت اللجنة إلى مسألة اشتغال الموظفين المسيحيين في أيام الآحاد بسبب محافظة اليهود الدقيقة على السبت واللجنة تميل إلى الموافقة على أن الوضع الحاضر يلقى على كاهل الموظفين المسيحيين عبئا زائدا من العمل ويضر بالنفوذ الروحي للكنيسة المسيحية.

     أما في المسائل السياسية فقد ربط المسيحيون العرب مقدراتهم بمقدرات إخوانهم المسلمين.

الفصل الخامس عشر - قانون الجنسية واكتساب الجنسية الفلسطينية:

    أما فيما يتعلق بظلامة أولئك العرب الذين غادروا فلسطين قبل الحرب (الذين يقال أن عددهم يبلغ 40.000) بنية العودة إليها فيما بعد ثم لم يتمكنوا من الحصول على الجنسية الفلسطينية فاللجنة تقترح أن تمنح الجنسية الفلسطينية لمن يستطيع أن يثبت منهم عدم انقطاع صلته الشخصية بفلسطين واستعداده لتقديم تأكيد رسمي صريح بنيته العودة إلى البلاد هذا إذا لم تمنح الجنسية الفلسطينية إلى جميع هؤلاء. أما فيما يتعلق باليهود فالتشريع الحالي يفي بالالتزام الوارد في صك الانتداب حول هذا الموضوع. غير أن اليهود لم يقدموا على الاستفادة من الفرصة التي أتيحت لهم لاكتساب الجنسية الفلسطينية والسبب في ذلك هو أن مصلحتهم الأساسية مرتبطة بالشعب اليهودي نفسه.

    أما الإخلاص لفلسطين وحكومتها فمن الأمور الثانوية في نظر الكثيرين منهم. واللجنة لا تؤيد النقد الموجه إلى حصر حق التصويب في الانتخابات البلدية في الفلسطيني الجنسية. فمن المرغوب فيه جدا أن يصبح جميع الأشخاص الذين ينوون الإقامة الدائمة في فلسطين. فلسطيني الجنسية. وتوفر هذا الشرط في الناخبين هو حافز مباشر من شأنه أن يحمل أولئك الأشخاص على السعي لاكتساب الجنسية الفلسطينية.

الفصل السادس عشر - المعارف:

    من دواعي الأسف أن لا تكون الإدارة قد فعلت أكثر مما فعلته في سبيل نشر المعارف فالتعليم يجب أن لا ينظر إلى أهميته من حيث هو تعليم فقط إذ أن ما يبذل لتحسين حالة الفلاح المادية لن يقيض له النجاح إلا إذا تلقى الفلاح تربية عقلية كافية تمكنه من الاستفادة من التعليم الفني. وبالنظر لعدم كفاية الاعتمادات الحالية المخصصة لتعليم العرب فيرتب على الإدارة أن تعتبر أن النصيب الذي يستحقونه من الخزينة العامة لهذه الغاية هو الثاني في الأهمية بعد الاعتمادات المخصصة للأمن العام ومع ذلك فان الأمر الذي يفوق تأثيره السيئ نقص المدارس العربية هو الطابع القومي المحض الذي تصطبغ - به مدارس كل من الشعبين وليس في وسع اللجنة أن تجد علاجا لهذا الأمر على الإطلاق. قد يكون المثل الأعلى لنظام التعليم في هذه البلاد جعل ذلك النظام نظاما واحدا ثنائي القومية للعنصرين معا. غير أن ذلك يتعذر تحقيقه بموجب صك الانتداب الذي يخول كلا من الشعبين حق صيانة مدارسه الخاصة لتعليم أبنائه بلغته الخاصة. ونظام المدارس العربية واليهودية المعمول به الآن يزيد حتما في توسيع شقة الخلاف بين العنصرين وسيظل ذلك شأنه في المستقبل. أيضا يجب تشجيع التعليم المختلط حيثما أمكن ذلك أي في المدارس الفنية والصناعية التي تنشأ حديثا مثلا. أما بصدد ما يطالب به اليهود من زيادة مقدار الإعانة التي تمنح لمدارسهم فاللجنة ترى أنه ليس هناك ما يبرر زيادة هذه الإعانة مهما كانت تلك الزيادة مرغوبا بها في ظروف أخرى إلا بعد أن يكون قد صرف على ترقية التعليم لدى العرب مبالغ تفوق كثيرا ما صرف عليه لغاية الآن بحيث يصبح مستوى التعليم عندهم موازيا لمستوى التعليم عند اليهود. إن مدى ما حمل اليهود أنفسهم من الضرائب في سبيل نشر التعليم هو صفة من أحسن الصفات التي يمتاز بها الوطن القومي اليهودي. ومثل هذه المساعدة التي يقدمها الإنسان لنفسه حرية بكل تأييد.

    ولكن هذا التأييد يجب أن لا يأتي عن طريق تغيير النسبة الحالية بين الإعانة المنوحة لليهود والمبالغ المصروفة على العرب بل ويجب أن يكون نتيجة لزيادة مجموع المبالغ المصروفة على التعليم.

    والتباين بين نظام التعليم عند اليهود وبين نظام التعليم عند العرب أكثر ما يكون بروزا في درجات التعليم العليا. فلليهود جامعة من طراز عال والعرب ليس لديهم جامعة وليس في وسع الطبقة المثقفة من شبانهم أن يتموا تعليمهم إلا إذا حملوا أنفسهم عبء السفر إلى الخارج وإذا وضع المشروع الذي يرمى إلى تأسيس جامعة بريطانية في الشرق الأدنى على بساط البحث من جديد فيجب أن ينظر بمنتهى الإمعان في إمكان إنشاء تلك الجامعة في جوار القدس أو حيفا.

الفصل السابع عشر - الحكم الذاتي:

    إن نظام الحكم الذاتي الحالي الذي تمارسه (المجالس المحلية) في مناطق القرى يشتمل على نقصين أولهما فقدان المرونة وثانيهما المركزية التي لا موجب لها، ولابد من القيام بمحاولة لتقوية المجالس المحلية القليلة التي لا تزال موجودة في مناطق القرى العربية غير أن اللجنة لا تحبذ في الوقت الحاضر إعادة نشكيل المجالس المنحلة أو تشكيل مجالس جديدة إلا إذا كان ذلك مقرونا بطلب جدي. ولا يمكن أن يعود توسيع الحكم الذاتي في القرى بفائدة فعالة إلا بعد أن تكون التدابير المتخذة للتعليم الأولى قد أثمرت ثمرها بفعل الزمن.

    أما عيوب نظام البلديات الحالي فهي:

1.      فقدان روح التشبث في البلدان المتأخرة عن غيرها.

2.      القيود الموضوعة على تشبثات البلديات المتقدمة على غيرها بموجب القانون الذي جعل جميع البلديات خاضعة على السواء لإشراف الحكومة والإدارة المتركزة ويرجع السبب في عدم الاهتمام الذي يبديه سكان المدن في أكثر المجالس البلدية إلى تحديد السلطات والمسئوليات.

    إن لمدينة تل أبيب مشكلاتها الخاصة وهى مشكلات فذة ناشئة عما حصل في سكانها من التزايد العجيب خلال السنوات الخمس الأخيرة فالأهداف التي وضعها سكان تل أبيب نصب أعينهم فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية هي بحد ذاتها موضع التقدير وقد اظهر دافعو الضرائب استعدادا يحمدون عليه لتحمل عبء الضرائب الباهظة بغية الوصول إلى تلك الأهداف ولقد واجهت المدينة صعوبات استثنائية وتمكنت بدرجة كبيرة من التغلب على تلك الصعوبات دون أن تتأثر وضعيتها المالية تأثيرا خطيرا.

    ومن الضروري سن قانون جديد يقضى بتصنيف البلديات وأهم المجالس المحلية تصنيفا جديدا وتقسيمها إلى أصناف مختلفة بحسب اتساعها وأهميتها.

    وفي هذه الحالة يمكن تغيير مدى السلطة والاستقلال الممنوحين للمجالس بحيث يكون ذلك ملائما لكل صنف على حدته. فالسلطات الممنوحة للصنف الأول من البلديات بموجب القانون الحالي هي غير وافية ومن الضروري توسيعها.

    ويجب استقدام شخص خبير في مسائل البلديات للاستعانة به على وضع صيغة القانون الجديد وتحسين واتساق العلاقات التي تربط بين الحكومة والبلديات سيما في البلدان الكبيرة على أن يتناول عمله بصورة خاصة إزالة أسباب التأخير الذي يحصل في الوقت الحاضر في تصديق ميزانيات البلديات.

    ومن الضروري أن ينظر على الفور وبعين العطف في حاجة مدينة تل أبيب إلى قرض كبير.

    إن الصلة العادية التي تقوم عادة بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية هي في فلسطين غير ممكنة التحقيق.

الفصل الثامن عشر - مؤسسات الحكم الذاتي:

    إن الآمال التي كانت معقودة في سنة 1922 على التقدم بخطوات سريعة نحو الحكم الذاتي قد أصبحت أبعد منالا من ذي قبل - فالحائل الواقف في سبيل تحقيقها وهو موقف العرب العدائي من الوطن القومي قد اشتدت وطأته مع الزمن بدلا من أن تخف.

    إن الزعماء اليهود قد يرضون بتشكيل مجلس تشريعي على أساس المساواة بين العرب واليهود غير أن اللجنة مقتنعة بان هذه المساواة ليست حلا عمليا تطبق تطبيقا فعالا أو أن تدوم طويلا وعلى كل فان الزعماء العرب لن يقبلوا المشكلة إذ إن من الصعب الاعتقاد أن مثل هذه الوسيلة الاصطناعية يمكن أن تطبق تطبيقا فعالا أو أن تدوم طويلا وعلى كل فان الزعماء العرب لن يقبلوا بها واللجنة لا توصى بالقيام بأية محاولة لبعث الاقتراح المتعلق بتشكيل مجلس تشريعي من جديد غير أنه لما كان من المرغوب فيه أن يكون لدى الحكومة وسيلة منتظمة فعالة تستعين بها في سبر غور الرأي العام فيما يتعلق بسياستها فاللجنة ترحب بتوسيع المجلس الاستشاري عن طريق ضم أعضاء غير موظفين إليه ومن الممكن أن يشكل هؤلاء الأعضاء أغلبية المجلس وأن ينتخبوا انتخابا. ويكون في وسع هؤلاء الأعضاء عرض ما يودون عرضه بقرارات يتخذونها في المجلس ولكنهم لا يعطون صلاحية تخولهم إقرارا أو رفض الميزانية أو التدابير التشريعية الأخرى غير أن العرب ليس من المحتمل أيضا أن يقبلوا بهذا الاقتراح.

    ومن المسلم به أن عرب فلسطين يصلحون لحكم أنفسهم كعرب العراق أو سوريا ثم إن يهود فلسطين يصلحون لحكم أنفسهم بأنفسهم كأي شعب منظم مثقف من شعوب أوروبا. غير أنه بالنظر لكون هذين الشعبين خاضعين معا لانتداب واحد فمنح الحكم الذاتي لكليهما معا أمر غير عملي. إن الانتداب لا يمكن تنفيذه تنفيذا تاما ولا إنهاء أجله بصورة مشرفة عن طريق استقلال فلسطين كوحدة غير مجزأة إلا إذا كان في الإمكان تسوية النزاع القائم بين العرب واليهود.

الفصل التاسع عشر - الاستنتاجات والتواصي:

    لقد أجملت اللجنة في هذا الفصل ما توصلت إليه من الاستنتاجات الوارد بيانها في هذا الباب من التقرير ولخصت ظلامات العرب واليهود والتواصي التي تقدمت بها لإزالة الظلامات المشروعة منها - وقد أضافت اللجنة إلى ذلك أن التواصي التي تقدمت بها هي ليست تلك التواصي التي تقتضيها الصلاحيات التي أنيطت بها فهي لن " تزيل " الظلامات ولن " تمنع تكررها " غير أنها أفضل السكنات التي تستطيع اللجنة أن تصفها للداء الذي تعانى فلسطين آلامه وهى لا تخرج عن كونها مسكنات ليس إلا ولا يمكنها أن تستأصل شأفة هذا الداء فهو مؤصل إلى درجة حملت اللجنة على الجزم في الاعتقاد بأن الأمل الوحيد بشفائه لا يأتي إلا عن طريق إجراء عملية جراحية.