إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) الجمهورية العربية المتحدة
" المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336 - 377 "

بريطانيا لتنفيذ وعد " بلفور " الذي صدر في عام 1917. وكان العراق من حصة الإنكليز أيضا وطبيعي بعد هذا التجزؤ ان تصدر مشروعات مختلفة وتوجيهات مختلفة وتعليم مختلف وقضاء يختلف في منطقة عن منطقة، يغذي ذلك عنعنات من جهة وأنانيات للحكام من جهة أخرى إلى ان وصلنا إلى عهدنا الحاضر هذا فصرنا نرى أنفسنا أمام صعوبات في معالجة هذه القضايا التي هي رواسب ثلاثين عاما. ولكن اما وقد قيض الزمن لنا ان نفلت من أيدي الغربيين وان نقرر مصيرنا في بلادنا لا ان يفرض علينا ما يقرر لنا في لندن أو باريس أو واشنطن، فكانت ثورة مصر التي سمعنا بها واستغربنا جميعاً - أقول جميعاً بلا استثناء - لاننا لم نكن ننتظر هذه الوثبة من مصر التي طوحت بالملك السابق واتجهت هذا الاتجاه العربي القومي الصحيح مما حدا بكل عربي، ليس في سوريا ومصر فقط، بل في جميع البلاد العربية ان يبارك حركة عبد الناصر، لانهم رأوا ان في التضامن مع هذه الحركة انقاذاً للبلاد العربية جمعاء من بقايا الاستعمار. وطبيعي ان يختلف الناس في بادئ الأمر أمام الأحداث غير المنتظرة فتتكون هناك آراء مختلفة حول موضوع الاتفاق مع مصر ولئن وجدت نزعة قوية معارضة بالمجلس في الماضي بالنسبة للاتفاق الثلاثي فاننا نرى الآن تطوراً محموداً في هذا المجلس، نرى المجلس يجمع على تأييد الاتحاد مع مصر الذي هو امل كل عربي يهدف إلى وحدة البلاد العربية جمعاء. ان هذه الوثبة طبعاً لا تروق للغربيين ورجعت في ظرف قد رجعت فيه روسيا بعد ثورتها التي كانت نتيجة للضغط القيصري وللصدمة العنيفة التي أصابت روسيا في انكسارها عام 1917 فعاد الغربيون الآن يفكرون بتطبيق خططهم السابقة التي ولدت مع المسألة الشرقية في التاريخ. فأرادوا ان يضعوا الحزام الشمالي وجعلوا ممن يتبنون ويتمنطقون هذا الحزام ان يقولوا ان العدو الأول أو الخطر الأول هو روسيا بينما ان الواقع في السياسة ان ليس هناك عدو دائم وليس هناك صديق دائم. وانما من يساعدنا على استكمال وسائل استقلالنا ووحدتنا الشاملة هو صديقنا ومن يقف في طريقنا ويعرقل مسعى وحدتنا هو عدونا ولو كان عربيا مقيما في بلادنا فيا أخي الدكتور عدنان انه كان يخطر في بال الكثيرين ان النتائج بعد الحرب العالمية الأولى ستكون على هذا الشكل لان المسألة الشرقية التي ولدت منذ مائة وخمسين عاما لا تزال تشغل الغربيين حتى الآن فإذا لم نكن يقظين متضامنين متحدين لنرد كل دس في الخفاء من قبل هؤلاء عن هذا الطريق أو ذاك. وإذا لم نكن متحدين فسيجدون من بلادنا ومن بعض رجالنا ثغرة لشل هذه الحركات القومية الوثابة، ولكن يطمئننا ان هذه القضايا القومية أصبحت الآن واضحة

<22>