إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) الجمهورية العربية المتحدة
" المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336 - 377 "

الخطوط التي رسمها الطرف الآخر لنفسه، أو ان يتفق على خطوط مشتركة، وسواء أكان مصدر الفشل بالنسبة لهذا الميثاق استمساك أحد الطرفين بوجهة نظره، أو أي سبب آخر، فإن الميثاق قد فشل، ولم تكن الحكومة يومئذ قادرة داخلياً على إملاء الحلول المشتركة التي يمكن ان تقبل بها بالنسبة إلى حياة سوريا الاقتصادية. واليوم أعلن مشروع أعم وأشمل من الميثاق، وهو الاتحاد مع مصر، أو جاء هذا الاعلان بعد ان تساءلنا في جلسة الثقة قبل بضعة أيام عن السبب الذي حدا بالحكومة بأن لا تنص عنه صراحة في بيانها الوزاري.

فانا اتساءل، لماذا سكتت الحكومة عن موضوع الاتحاد في بيانها أمس وأعلنته اليوم، مع العلم ان الجميع يعلمون ان أزمة وقعت واخرت انجاز صيغة البيان الوزاري بسبب عدم الاتفاق على اعلان كلمة الاتحاد في البيان، وقد خذلت يومئذ الفكرة، ولم يعلن الاتحاد في البيان الوزاري، وهذا ما قلته في خطابي في جلسة الثقة التي شوهته إحدى الصحف وقلبت الحقيقة رأساً على عقب قائلة: " ان فيصل العسلي انتقد الاتحاد في البيان الوزاري "، والحقيقة ان البيان الوزاري جاء خالياً من كلمة الاتحاد.

وسأبين برؤية واعتدال وتجرد وجهة نظري في هذا الموضوع اليوم ملتمساً لسكوت الحكومة عنه في بيانها أمس بعض المعذرة، إذا صح لي ان استنتج ان مصاعب كانت قائمة فذللت، وأن أمورا كان لا بد من استدراكها والاتفاق عليها بين سوريا ومصر مسبقاً، حتى يطمئن عملياً إلى نجاح الاتحاد، حتى إذا ذللت هذه المصاعب واتفق على المبادئ الأساسية أعلنت اليوم فكرة الاتحاد من فم رئيس مجلس الوزراء.

اننا أمام فكرة جذابة جميلة، ولكنها غير مدروسة، فلا بد للفكرة من ان تقوم على قناعات الناس، وان تجد لها عرشاً في قلوبهم جميعاً، أي في قلب الشعب العربي بكامله، وان تكون للفكرة فلسفة تغذي أجزاء هذا الشعب ويرعاها فلاسفة كبار يغذونها ويدعمونها ويوطدون قواعدها في أذهان وقلوب الشعب العربي المجاهد، فصيحتنا اليوم أطلقت دون فلسفة ودون فلاسفة يرعونها، فهي محرومة من أسس ثابتة مدروسة، لتكون اليوم قاعدة لاتحاد صحيح يمكن ان يكون أساساً سليماً لكيان عربي موحد ووحدة عربية كاملة شاملة، انني اسأل: أين الدراسات الموحدة، وأين فلسفة الاتحاد، بل اين الفلاسفة؟؟ الجواب انهم غير موجودين.

<27>