إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) الجمهورية العربية المتحدة
" المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336 - 377 "

الاستعمار منذ عام 1945 تقرع نذير الخطر المقبل من العالم العربي، متلاقية على هدف واحد في قمع حركة الانطلاق ووضع السدود في طريق الركب المتصاعد. وعبثاً كانوا يهولون وعبثا كانوا يكيدون، وعبثاً ما كانوا يضعون في طريقنا من مصاعب وعقبات، فقد شببنا على الطوق، وخرجنا إلى النور، وعبثا نقبل لحريتنا بديلاً.

لقد رفضنا كل مساومة على حريتنا، ونبذنا كل مشروع يمس سيادتنا وكرامتنا. وشعرنا منذ أيام الاستقلال الأولى ان المستعمر ينظر إلى بلادنا الحرة، نظرته إلى فراغ يطمع به، ويطمح إلى ملئه، فوقفنا بوجه المطامع الجديدة وقفة إيمان وعز، وكان جوابنا على كل محاولة سافرة أو مقنعة بأننا لم نجل الغاصبين، ليحل محلهم غاصبون آخرون، مهما كانت أزياء صداقاتهم ومجاملاتهم، بل قد خيل إليهم أن متاعب أيام الاستقلال ستطفئ في صدورنا جذوة الطموح إلى استكمال أسباب الحياة الحرة العزيزة فراحوا يترقبون ويتربصون، ثم أدركوا اننا طلاب حرية ووحدة فلوحوا لنا بمشاريع ذات أشكال خادعة من الاتحاد والوحدة كمشروعي سوريا الكبرى والهلال الخصيب، وأدركنا بلا وناء، ان هذه المشاريع ليس وراءها سوى سوق استقلالنا إلى مزالق النفوذ الأجنبي وربط حريتنا بمعاهدات مفروضة، ومحالفات باطلة فجمعنا أمرنا على مقاومتها، وأنفذنا إرادة شعبنا في نبذها وتوهينها، وكدنا ان نتفرد ذات يوم في ساحة النضال، ونحن نمسك بقبضتنا على شرف استقلالنا، بينما لم نفتر يوما واحداً عن دعوتنا إلى توسيع ساحات العمل القومي المشترك، والتبشير بالحرية طريقاً إلى الوحدة.

على هذه العزيمة النضالية أسسنا الجامعة العربية وأردناها لتنسيق الأعمال، وتوحيد الجهود وإكثار مجالات اللقاء خطوة نحو لقاء قومي دائم. وعلى هذه العزيمة أردنا أن نخرج من كارثة فلسطين إلى تضامن عربي أقوى وثوقاً، وأعز جانبا، وقد وضعتنا الكارثة ومن سببوها ازاء عدو سفاح جعل منه المستعمرون جبهتهم الأولى لكرهم على بلادنا وتخليد نفوذهم وسيطرتهم عليها. وبقي جزءنا السوري هذا في خضم الهول، وتلاطم تيارات الاستعمار صخرة تتحطم عليها المكائد، وترتد المطامع خاسرة فاشلة.

ومهما تكن طبيعة الأحداث العربية والدولية وتقلباتها خلال الأعوام العشرة الأخيرة، فقد بتنا على يقين بعد طول التجارب والوقائع أن الوعي العربي القومي قد بلغ أشده، وهو آخذ بالتوسع والرسوخ. وان ما تعرضنا له من مخاطر ومكائد، لم يكن بالواقع سوى سبب بين الأسباب الرئيسية التي وحدت شعور الشعب العربي مشرقاً ومغرباً، ووضعت رجال هذه

<49>