إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع ( 2 ) النزاع المصري الإنجليزي أمام مجلس الأمن

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 537 - 553"

        وقد تحقق الخطر الذي أبرمت المعاهدة لمواجهته بعد ثلاث سنين من توقيعها بنشوب الحرب العالمية شاملة بريطانيا ومصر.

        وما لقائل أن يقول إن القيود التي قبلت مصر في سنة 1936 وضعها على سيادتها كان مقصودا بها أن يمتد أثرها إلى ما بعد الحرب. فإن الحرب كانت هي الأجل المشروط ضمنا لسقوط هذه القيود. وبذلك تكون معاهدة سنة 1936 قد استنفدت الآن أغراضها.

        ومصر اليوم يحق لها أن تباشر حقوقها في السيادة كاملة. وينبغي أن تقوم علاقاتها ببريطانيا لا على أساس أحكام بعينها شرعتها معاهدة سنة 1936. بل على القواعد العامة للقانون الدولي العام وعلى ميثاق الأمم المتحدة الذي أصبح حجر الزاوية في تنظيم علاقات الدول بعضها ببعض.

        مصر تريد المساواة في السيادة:

        لست أنوي في هذا المقام أن أبحث في معاهدة سنة 1936 من حيث وضعها القانوني. ولكن بلادي لا تترد في التعويل على ميثاق الأمم المتحدة ومهما كان شأن قواعد القانون الدولي في الماضي فلدينا اليوم سند ثابت هو الميثاق يرجع إليه لمعالجة ما يقع بين عضوين في هيئة الأمم من نزاع.

        ينص الميثاق في صدره على مبدأ أساسي هو مبدأ مساواة جميع أعضاء هيئة الأمم المتحدة في السيادة فهو على حد القول العربي المأثور قد جعل أعضاء الهيئة سواسية كأسنان المشط. وأيا كان وضع مصر في الماضي فإنها تقف اليوم أمام الجانب الآخر في هذا النزاع على أساس المساواة التامة في السيادة. وهى إذ تتمسك بكل معاني هذه المساواة لا ترضى التنازل عن أي جزء من سيادتها لمن كان مساويا لها فيها وإن كانت لا تجعل من تمسكها حائلا يحول دون تعاونها لصالح الجماعة الدولية وستحيا مصر على الدوام في نطاق أحكام الميثاق.

        وليس يخل بمبدأ المساواة في السيادة مثل احتلال دولة من الأعضاء لأراضي دولة أخرى من أعضاء الأمم المتحدة احتلالا عسكريا في زمن السلم وبغير رضائها ومصر لا ترضى احتلال بريطانيا القائم في أراضيها.

        وفضلا عن ذلك فقد أنشأ الميثاق نظاما للأمن الجماعي لم يقتصر فيه على مجرد وضع المبادئ العامة. بل ضمنه الوسائل والأداة الكفيلة بتأمين كل عضو من الاعتداء. وواضح أنه لا يجوز في ظل هذا النظام أن يحتل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أراضي تابعة لعضو آخر احتلالا عسكريا.

        ومصر إنما تطالب هنا بالمزايا التي شرعتها هذه الأحكام الأساسية في الميثاق وهى إلى ذلك راغبة في أن تحمل نصيبها في الأمن الجماعي. بل هي حريصة على ذلك كل الحرص. ولكنها تود

<10>