إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مذكرة اللجنة العربية العليا إلى اللجنة الملكية
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي ، ج 1، ص 589 - 593"

بينها وبين بريطانيا العظمى في العراق، وفرنسا في سوريا ولبنان على أساس معاهدة حلف وصداقة أخذت تتمتع بعدها هذه البلاد بحكم نفسها بنفسها.

        فمن الطبيعى جدا أن يعتقد عرب فلسطين الذين كانوا يأملون طوال السنين السابقة رجوع بريطانيا الى انصافهم. ان كل حائل يحول بينهم وبين حقهم المقدس بالاستقلال والمحافظة على كيانهم القومي في بلادهم انما هو قائم على الظلم وأن من واجبهم أن يظلوا مناضلين بجميع الوسائل المشروعة التي لديهم الى أن يزول هذا الظلم والى أن يصلوا بزواله الى حقهم المقدس.

        سادسا: جاء في تصريح المستر ونستون تشرشل لسنة 1922 أن المانع الوحيد لتأسيس حكومة وطنية في فلسطين اسوة بالبلاد العربية الاخرى ليس كون أهل فلسطين أقل رقيا وتقدما من سكان تلك البـلاد وانما هو وعد بلفور. وفي هذا من الظلم والاجحاف مالا يحتاج الى اسهاب اذ إنه لا يمكن أن يبرر ذو وجدان أيا كان حرمان العرب في فلسطين من التمتع بحقهم المقدس بالحرية والاستقلال لا لذنب اقترفوه ولا لتقصير وقعوا فيه ولكن لان الحكومة البريطانية وعدت اليهود بإنشاء وطن قومى لهم في فلسطين.

        على أنه مهما قيل عن تصريح بلفور فإن الحقيقة الناصعة انه تصريح باطل من أساسه لا يقوم على أى منطق ولا يستند الى أى حق. فقد اضمحل كيان اليهود بفلسطين منذ تشتتهم قبل نحو ألف وتسعمائة سنة ولم يبق لهم فيها وجود الا بضعة آلاف لم يعيشوا في البلاد آمنيين مطمئنين على أرواحهم وعلى أموالهم الا بعد الفتح العربي وبفضل التقاليد العربية السمحة. وقد استقر العرب في فلسطين منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة واصطبغت بهم بالصبغة العربية ومازالوا هم أصحابها الشرعيين ومنهم تتشكل أكثريتها الساحقة. ولم يكن عدد اليهود الذين دخلوا طوال زمن الحكم العثماني وما قبله ووجدوا عند الاحتلال الا نحو 50.000 يهودى أو 7% من مجموع السكان عدد عظيم منهم أجانب.

        سابعا: يرمى وعد بلفور الى غاية مبهمة ويحتوى على أمرين ثبت بالتطبيق أنهما متناقضان كل التناقض. أما أن غاية هذا الوعد مبهمة فلأنه بالرغم من المحاولات الرسمية العديدة لتفسيره لم يزد الا ابهاما، واما أن الامرين اللذين جاءا فيه والمتعلقين بانشاء الوطن القومى اليهودى والمحافظة على حقوق و وضعية العرب متناقضان تماما فلان أقل نتيجة طبيعية لانشاء هذا الوطن هو ضياع الحقوق والوضعية التى للعرب في البلاد.

        غير أن الحكومة البريطانية التى حادت عن طريق الحق والوفاء بالعهود المقطوعة للعرب بارتباطها بوعد بلفور ظلت مستمرة في حيدها عن طريق الحق والعدل. وحاولت أن تجعل المستحيل ممكنا بانشاء وطن قومى يهودى في هذه البلاد العربية المحاطة بالاوقيانوس العربى من جميع الجهات والتى هى موضع الاهتمام العظيم للعالم العربي والإسلامي فأساءت الى الحق والعدل وجعلت هذه البلاد المقدسة بلاد فتن دامية ليس من المستطاع أن تهدأ مادام الشذوذ عن الحق والعدل هو الاساس الذى تقوم عليه ادارتها. ان التاريخ لم يرو حادثا مثل هذا كما أن الاصرار على هذه السياسة ليس في مصلحة أى كان.

        ثامنا: ان اللجنة العربية العليا لا ترى فائدة كبيرة من الدخول في تفاصيل

<4>