إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937
"
ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج1، ص 599 - 627"

        ان تطبيق نظام الانتداب بوجه الاجمال وصك الانتداب بصورة خاصة على فلسطين ينطوى على الاعتقاد بأن الالتزامات التى تعهدت بها الدولة المنتدبة نحو العرب واليهود قد يثبت مع الزمن بأنها قابلة للتوفيق بالنظر لما سيحدثه الرخاء المادى الذى تجره الهجرة اليهودية الى فلسطين عموما من التأثير الطيب على العرب الفلسطينيين لكن هذا الإعتقاد لم يتحقق وليس ثمة أمل بتحقيقه في المستقبل.

        غير أن الشعب البريطانى لا يستطيع التنصل من التزاماته بناء على هذا السبب وبغض النظر عن هذه الالتزامات فان الأحوال القائمة في فلسطين ما زالت تتطلب بذل جهود مضنية من قبل الحكومة المسئولة عن رفاهية البلاد.

        وفيما يلى بيان للاحوال القائمة في البلاد:

        لقد نشأ نزاع مستعصى الحل بين شعبين مختلفى القومية يقيمان معا ضمن الحدود الضيقة لبلاد صغيرة واحدة. وليس لهذين الشعبين أساس مشترك يجمع بينهما فأمانيهما القومية لا يمكن التوفيق بينها اذ ان العرب يطمحون الى احياء عصر العرب الذهبي واليهود يرغبون في اظهار ما يمكنهم أن يقوموا به من جليل الاعمال عندما يعادون الى البلاد التى ولدت فيها الأمة اليهودية وليس في آمال الفريقين القومية ما يسمح بدمجهما معا في خدمة دولة واحدة.

        ولقد أخذت وطأة هذا النزاع تشتد تدريجيا منذ سنة 1920 - وسيكون ذلك شأنها في المستقبل أيضا.

        والأحوال السائدة في فلسطين ولا سيما أنظمة التعليم القائمة فيها تعمل عملها في تقوية الروح القومية لدى الشعبين وكلما ازداد عدد الشعبين وازدادت رفاهيتهما عظمت أمانيهما السياسية وازدادت خطورة النزاع القائم بينهما بسبب ما يحيط المستقبل من الابهام. فهناك سؤال مآله "من الذى سيحكم فلسطين في النهاية ؟" وفي غضون ذلك تستمر العوامل الخارجية على عملها بقوة متزايدة فهناك من الجهة الواحدة سوريا ولبنان اللذان ستنالان سيادتهما القومية في أقل من ثلاث سنوات وبنوالهما ذلك يزاد مطلب العرب الفلسطينيين في نيل نصيبهم من الحرية التى تتمتع بها بلاد العرب الآسيوية بأسرها بشدة وقوة ومن الجهة الأخرى ليس من المنتظر أن يقل الضيق الذى يعانيه اليهود في أوروبا أو أن تخف المخاوف التى تساورهم كما أن أثر الاستنجاد بحسن نوايا الشعب البريطانى وعطفه على الانسانية لن يفقد شيئا من شدته. ثم أن حكومة فلسطين التى هى الآن على شكل لا يصلح لحكم العرب المثقفين واليهود الديموقراطيين ليس في مقدورها أن تتطور مع الزمن الى شكل من أشكال الحكم الذاتى كما وقع في البلاد الأخرى وذلك لأنه ليس ثمة شكل من أشكال هذا الحكم من شأنه أن يضمن العدالة لكل من العرب واليهود وعلى هذا ستبقى الحكومة غير تمثيلية وعاجزة عن أزالة الظلامات المتضاربة التى يشكو منها هذان الشعبان المستاءان المجردان من المسئولية اللذان هما تحت حكمها.

        وفى مثل هذه الأحوال لا يمكن توطيد دعائم السلام في فلسطين تحت ظل الإنتداب الا باللجوء الى القمع ذلك لأن القمع يستلزم اقامة مصالح للمحافظة على لأمن تستنفد من باهظ النفقات ما يحول دون التوسع في الخدمات التى ترمى الى تأمين "رفاهية السكان وتقدمهم" بل قد يؤدى الى انقاص تلك الخدمات

<15>