إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937
"ملف وثائق فلسطين عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 599 - 627"

الفصل الحادى والعشرون - نظام المقاطعات:

        في الامكان تجزيء فلسطين تجزئة سياسية أقل شمولا من التقسيم وذلك بتقسيمها على النحو المتبع في الحكومات التى تسير على نظام الاتحاد الى ولايات ومقاطعات تتمتع كل منها بالحكم الذاتى فيما يتعلق بالمسائل المماثلة للهجرة وبيوع الأراضي والخدمات الاجتماعية وفي هذه الحالة تكون الدولة المنتدبة في مقام الحكومة المركزية أو حكومة الاتحاد وتهيمن على العلاقات الخارجية والدفاع والجمارك وما شاكل ذلك.

        ونظام المقاطعات هذا جذاب لأول وهلة لأنه يحل بحسب الظاهر المشاكل الكبرى الثلاثة وهى مشكلة الأراضى ومشكلة الهجرة ومشكلة الحكم الذاتى غير أن مواطن الضعف فيه ظاهرة جلية ففى الدرجة الأولى أن سير أنظمة حكومة الاتحاد يتوقف على وجود مصالح أو تقاليد كافية لتأمين بقاء التوافق بين الحكومة المركزية وبين المقاطعات أما في فلسطين فسينظر كل من العرب واليهود الى الحكومة المركزية كهيئة أجنبية دخيلة. وفي الدرجة الثانية أن العلاقات المالية بين الحكومة المركزية والمقاطعات قد يؤدى الى بعث التنافر القائم حاليا بين العرب واليهود من جديد وذلك فيما يتعلق بكيفية توزيع الوفر الذى قد يحصل في ايرادات الحكومة المركزية أو بتعيين المبلغ الذى يترتب على كل مقاطعة من المقاطعات أن تدفعه لسد ما قد يقع في ميزانية الحكومة المركزية من العجز ثم ان فتح باب الهجرة اليهودية على مصراعيه في المقاطعة اليهودية دون قيد أو شرط قد يؤدى الى لزوم التوسع فيما تنشئه الحكومة المركزية من الخدمات على حساب المقاطعة العربية. وفي الدرجة الثالثة ان واجب المحافظة على القانون والنظام ذلك الواجب الكبير النفقات سيبقى موكولا الى الحكومة المركزية. وفى الدرجة الرابعة ان نظام المقاطعات لا بد له كمشروع التقسيم من أن يسفر عن ابقاء أقلية من كل عنصر في المنطقة التى سيهيمن عليها العنصر الآخر. وحل هذه المعضلة يتطلب اللجوء الى تدابير جريئة لا يصح التفكير فيها اذا كان ثمة أمل بتوطيد دعائم السلم النهائى في البلاد.

        ومشروع التقسيم يفسح المجال لمثل هذا الأمل بينما أن نظام المقاطعات لا يؤمن ذلك. ويمكن أن يقال بالدرجة الأخيرة أن نظام المقاطعات لا يحل مسألة الحكم الذاتى القومي فلن يشعر العرب ولا اليهود بأن أمانيهم السياسية قد تحققت لمجرد منحهم الحكم الذاتى في المقاطعات.

        وبالايجاز ان نظام المقاطعات تلازمه جل المصاعب التى تعترض مشروع التقسيم ان لم يكن كلها دون أن تتوفر فيه الفائدة الكبرى المتوفرة في التقسيم الا وهى احتمال الوصول الى سلم نهائى.

الفصل الثانى والعشرون: مشروع التقسيم

        بالرغم من أنه لا ينتظر من اللجنة أن تعمد الى القيام بالتحقيق الاضافى المطول الذي يتطلبه وضع الأسس الضرورية لمشروع التقسيم باسهاب الا أنه من العبث أن تتقدم بمبدأ التقسيم هذا دون أن تضعه في قالب جوهرى محسوس اذ من الواجب كما يظهر جليا أن يقام الدليل على أن في الامكان وضع خطة تفى بأهم ما تتطلبه الحال.

<17>