إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) تقرير الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين حول حوادث الأردن وأوضاع حركة المقاومة
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 974- 991 "

إلى نسل الرسول، وتحت شعارات " الله، الملك، الوطن" والوطن الذي يوافق عليه الملك " موطن الرجعية والامبريالية والثورة المضادة ".

          وحتى يبقى الجيش معزولا عن حركة الجماهير، خاضعا في حياته اليومية للأيديولوجية الرجعية، فقد رفض النظام الرجعي، إدخال نظام خدمة العلم والتطوع في الجيش، رغم وجود دولة إسرائيل على جزء من أرض فلسطين والادعاء الزائف بتحرير فلسطين، لأن خدمة العلم يترتب عليها تعريض الجيش للتيارات الوطنية وتكاثر الإطارات البشرية الوطنية في صفوفه وتدريب المواطنين على استعمال السلاح. كما رفض النظام الأخذ بالتجنيد الإجباري لأبناء البلاد ولمدد محدودة، خشية من ذات العوامل. وعندما فكر في الأخذ بقانون التجنيد الإجباري طرحه عام 1969 لقطع الطريق على انتظام المواطنين في صفوف العمل الفدائي، ثم ما لبث أن تراجع عنه وألغى القانون لأنه سلاح ذو حدين (امتصاص المواطنين في معسكرات أشبه بمعسكرات الاعتقال لإبعادهم عن العمل الفدائي وفي ذات الوقت الاضطرار لتدريبهم على استعمال السلاح والاحتكاك بأفراد الجيش الآخرين).

          ورغم كل هذا فقد بقيت "المؤسسة المحترفة" تتعرض لحملات التطهير المتصلة للعناصر الوطنية أو حتى التي يشتم منها رائحة وطنية.

          2 - اعتمدت الأسلحة الأساسية في الجيش على البدو (قيادات وجنود)، وخاصة الدروع، وألوية الأمن- قوى القمع المباشرة (8)- ولم يقتصر الجيش على استيعاب بدو الساحة الأردنية الفلسطينية بل تخطاها إلى بدو العراق وسوريا والسعودية (9) حيث ينتقل البدو من حياة الفقر والبؤس إلى أحضان نظام يؤمن لهم المكاسب المادية والمعنوية الثابتة، ومنذ الصغر تتم التربية على يد النظام. وقد بلغت نسبة البدو غير الأردنيين في الجيش ( بدو العراق، سوريا والسعودية) حوالي 30 بالمئة وثلاثين بالمئة من أبناء بدو وقرى الأردن وخاصة جنوب البلاد الأكثر تخلفا بالواقع الاقتصادي والسياسي المعتمد على النظام إلى حد كبير والمرتبط به مصلحيا وحياتيا. بينما نسبة أبناء المدن الكبيرة، حيث التعليم والحركة الوطنية، لا تزيد كثيرا عن 10 بالمئة، كثير منهم في الشؤون الإدارية والمهنية (تموين، ميكانيك، إلخ). وفي وسط هذه النسبة تجري التطهيرات المتصلة للعناصر الوطنية (علينا أن لا نفهم المسألة جامدة، ففي وسط أبناء البدو تتواجد عناصر وطنية بين الضباط حيث توفر لهم شيء من الثقافة العامة والإطلال على العالم الخارجي من خلال البعثات والدوريات في أميركا، انكلترا، باكستان).

          3 - نسبة أبناء الضفة الغربية حوالي 20 بالمئة في الجيش، الطابع الغالب هو الموقف الوطني العريض دون تحديد في الالتزام في صفوف الجنود وضباط الصف وقطاع من الضباط الصغار. بينما في صفوف الكبار الكثير من عتاة الرجعيين وخدمة العرش. والالتزام الوطني بدون تحديد تنظيمي عطل طاقات هذا القطاع عن الفعل داخل الجيش، كما أن عيون رفاقهم في السلاح والمشبعين بالأيديولوجية الرجعية الملكية والمرتبطة مصلحيا بالنظام، حاصرت دورهم الوطني وشلت طاقات كثيرة.

          هذه لوحة تركيب الجيش الأيديولوجية والاجتماعية. ومن هنا تتضح جملة نتائج:
          أ - إن المسألة ليست مسألة أردني وفلسطيني بل هي تعود للتركيب الأيديولوجي والاجتماعي والاقتصادي للجيش (لاحظ أن أبناء الريف والمدن في الضفة الغربية لا يعتمدون على الجيش في الحياة الاقتصادية لطبيعة التركيب الاقتصادي في القرية الفلسطينية، عدم وجود إقطاع بل كبار ملاك أراضي، خصوبة الأرض، مواسم الأمطار، تقدم وسائل الإنتاج، الدورة الزراعية الثنائية والثلاثية، حركة السوق في المدينة، الريف قوة شرائية، انتشار التعليم المهني والعلمي، أطباء، مهندسين، السياحة، الهجرة في المنطقة العربية وأميركا ودورها في الحياة الاقتصادية، إلخ).

          ب - إن غلبة عنصر البدو يجعل من الجيش أداة قمع عمياء بيد الرجعية الملكية.

          جـ - الرهان على عمليات انقلابية في الجيش جاءت حملة أيلول (سبتمبر) لتؤكد عدم إمكانية هذا الرهان فضلا عن عدم صحته أيديولوجيا وسياسيا. وهذا لا يعني عدم الامتداد الوطني والتقدمي في صفوف الجيش، بل العكس هو الصحيح، فإن هذا الواقع يفرض على عموم الحركة الوطنية وحركة المقاومة أن تعطي اهتماما خاصا لإنقاذ الجيش من قبضة الرجعية والامبريالية والنضال من أجل تطويره إلى مؤسسة وطنية (تطهيره، خدمة العلم، طرد المرتزقة والعملاء، إدخال العناصر والإطارات المتعلمة والمثقفة في صفوفه وبشكل واسع، إلخ). ومن هنا يتحدد دور القطاعات الوطنية في الجيش في أن تكون جزءا مرتبطا عضويا بالحركة الوطنية والمقاومة وعبر عملية النضال الجماهيري.

          د - للوصول إلى موقف وطني ضد الامبريالية والصهيونية، وطبقي- وطني ضد الرجعية الملكية بين أبناء الريف الشرق أردنيين في الجيش لا بد من معالجة قضية الريف الأردني في جدول أعمال المقاومة والقوى الوطنية ليتلمس أبناء الريف مصلحة وطنية وطبقية في الثورة والالتفاف حولها.

          وبالنسبة للبدو فإن الحل ليس سريعا بل يعتمد سياسة

<11>