إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) تقرير الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين حول حوادث الأردن وأوضاع حركة المقاومة
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 974- 991 "

النفس الطويل لإشاعة الثقافة الوطنية في صفوف الجيش وتحريرهم من هيمنة الثقافة الرجعية الملكية. كما أن طرح برنامج وطني والنضال في سبيله على امتداد الساحة الأردنية- الفلسطينية سيتلمس من خلاله ابن الضفة الشرقية مصلحته الوطنية والطبقية في الثورة، وسيسهم بشكل فعال في صحة معالجة المسألة لصالح الثورة الوطنية الديمقراطية في البلاد.

          إن تجربة أيلول (سبتمبر) جاءت لتؤكد بالملموس وتحت قصف المدفعية والدبابات والرشاشات، طبيعة تركيب أجهزة الدولة، ودورها كأداة قهر بيد الثالوث الطبقي المضاد ( الملكية+ الرجعية الأردنية- الفلسطينية+ الامبريالية). فهل تستوعب حركة المقاومة هذا الدرس؟ وهل تستطيع بعض فصائل المقاومة أن تتعرف على ما يجري حولها؟ وإلى أين ستقودها أيديولوجية الرجعية التي تتغازل معها؟

رابعا- الأوضاع العربية واتفاقية القاهرة
          
مثلت اتفاقية القاهرة " نموذج" موقف الأنظمة العربية المجتمعة في المؤتمر من حركة المقاومة ومن النظام الملكي الرجعي في الوقت ذاته. ودفعت المقاومة ثمنا باهظا لطبيعة علاقاتها مع الأنظمة العربية على امتداد الثلاث سنوات الماضية.

          إن التكوين الطبقي والأيديولوجي والسياسي للأنظمة العربية أفرز سياسة ثابتة تجاه المقاومة مؤداها: بقاء المقاومة تحت سقف الأنظمة العربية حتى لا تشكل أية متاعب أيديولوجية وسياسية ووطنية للأنظمة وفي ذات الوقت تقديم حفنة من المساعدات لها وبالتحديد لبعض فصائل المقاومة لإغراقها في بحر سياسة هذه الأنظمة في المنطقة العربية، واستخدامها ورقة تكتيكية ضاغطة في برنامج الصفقة السياسية لتصفية القضية الفلسطينية، وضاغطة على الجماهير العربية في هذه الأقطار، وكل نظام من موقعه الذاتي وشبكة علاقاته الدولية.

           وقد استجابت بعض فصائل المقاومة لهذه الصيغة في العلاقات تحت شعارات ديماغوجية " عدم التدخل في الشؤون الداخلية، التكتيك بالإفادة مالا وسلاحا من الأنظمة (10) ". وبهذا ابتعدت هذه الفصائل خطوة خطوة عن " الاعتماد على الذات والجماهير العربية" ، وعن التعامل مع الجماهير من خلال فصائل حركة التحرر الوطني العربية لا من خلال الأنظمة الحاكمة، لتقع بالنتيجة أسيرة مساعداتها المادية والمعنوية بالضرورة. فليس ممكنا والحالة هذه تجاوز الأنظمة. والأهم من هذا كله أن طبيعة العلاقات القائمة حجبت عن المقاومة تقديم البرنامج الثوري البديل لبرامج هزيمة 67 ونكبة 48 لتصبح أوضاع المقاومة امتدادا للأوضاع والتناقضات العربية رغم أن الممارسات العاكسة ليسار المقاومة التي لم يعد الطابع الغالب لحركة المقاومة في سياستها الاستراتيجية والتكتيكية اليومية التي تعرضت لحملات تطويق أيديولوجية وسياسية ومادية على يد الأنظمة العربية ومعظم الأنظمة الوطنية.

          إن حملة أيلول (سبتمبر) أبرزت مواقع الأنظمة بشكل صارخ والتي تلتقي عمليا( باستثناء الموقف السوري) عند نقطة "بقاء المقاومة تحت سقفها" وبقاء الملكية الرجعية في عمان " ولم يكن هذا جديدا على كل فصائل المقاومة، فقد أكدت حملة التطويق والإبادة الرابعة ذات الدروس- حملة حزيران (يونيو) 1970- ولكن بعض فصائل المقاومة ترفض باستمرار الاستفادة العملية والموضوعية من التجربة الملموسة، وإن كانت تتغنى لفظيا، أحيانا وليس دائما، بالدروس المستخلصة من تجربة الواقع حتى لا تترسخ في ثقافة القواعد والجماهير وتفرض عليها انتهاج سياسة وطنية جذرية في صياغة العلاقات العربية (11).

          إن الأنظمة الرجعية واليمينية التي وقفت مع اتفاقية القاهرة منسجمة مع طبيعة موقعها الطبقي وارتباطاتها الامبريالية، للحفاظ على الملكية الرجعية التي تمثل حلقة أساسية من حلقات الثورة المضادة في المنطقة.

          كما أن الأنظمة الوطنية التي وافقت على الاتفاقية كانت أيضا منسجمة مع نفسها، فهي تريد بقاء المقاومة ضمن حدود معينة لاستخدامها في الضغط على الامبريالية والصهيونية من جهة ولكنها لا تريدها "مقاومة ثورية" في التسوية السياسية المنتظرة. وبذات الوقت هي تريد بقاء الملكية الرجعية لتبقى نافذة على الامبريالية العالمية والأميركية خاصة وعامل اطمئنان لإسرائيل (12) كجزء من محاولة الوصول لتسوية سياسية مع أميركا وإسرائيل، وحتى لا يفرض انهيار الملكية الرجعية لصالح الثورة الوطنية تطورا جديدا في منطقة الشرق الأوسط يفرض التزامات من نوع جديد على الأنظمة الوطنية.

          من هنا جاءت اتفاقية القاهرة التي تمثل نسخة جديدة عن الاتفاقات السابقة ولكنها تتناسب مع طبيعة الحالة الناشئة عن حملة الثالوث الامبريالي، الملكي، الرجعي الأردني- الفلسطيني (13) حيث أنقذت العرش الذي سقط في نظر الجماهير العربية والرأي العام العالمي بكافة اتجاهاته الأيديولوجية والسياسية. وأعطت له امتيازات جديدة بحل ازدواجية السلطة في المدينة لصالح الرجعية ( عودة البوليس إلى المدينة ). وكأن تجربة الحملات الأربع السابقة لا وجود لها ودروس الحملة الخامسة لا مكان لها في حياة المقاومة والجنود والشعب والأمة العربية. وكأن الرجعية الملكية يمكن لها يوما أن

<12>