إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) تقرير الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين حول حوادث الأردن وأوضاع حركة المقاومة
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 974- 991 "

إلى القمع المتصل سياسة تمزيق المقاومة بالتلويح لفريق بالإغراءات المادية والسياسية ( التعامل معها،حرية المواصلات، التنقل والحركة ) والتضييق المتصل على الفريق الآخر، لخلق " القوة الثالثة " من داخل حركة المقاومة لتصبح بعد إرهاق المقاومة بين اختيارين " الأخذ بالتسوية المقترحة بفعل العقلية التجريبية التي تحكم العديد من إطارات بعض فصائل المقاومة أو التصفية لها في ظل ظروف موازين القوى ليست في صالح القوة الثالثة " (15).

        2 - الإفادة السريعة من دروس أيلول ( سبتمبر ) بعد أن استوعب النظام دروس حزيران ( يونيو ) جيدا لإحكام القبضة الحديدية على أجهزة الدولة ( تطهيرها من العناصر الوطنية واليمينية المعتدلة) (16) وتعميق شق وحدة الشعب إلى أردني وفلسطيني، انطلاقا من المحافظة على مملكة شرق الأردن، بعيدة عن مخططات تحويل الضفة الشرقية إلى جزء من الدولة الفلسطينية المقترحة (17)، وإعادة تنظيم الأوضاع العسكرية النظامية وتسليح القرى والعشائر لمتابعة الحملات المسلحة ضد الثورة والحركة الجماهيرية في سبيل إعادة البلاد إلى عهد الدكتاتورية الرجعية السوداء.

        3 - وبذات الـوقت تـواصل إسرائيـل استثمـار المنـاخ الذي ولدته حملـة أيلول ( سبتمبر ) في صفـوف شعبنـا في الأراضي المحتلـة، لخلق " القوة الثالثة " البديلـة عن الإطارات الـرجعية واليمينية التقليديـة وعن حركة المقاومـة المسلحة، في سبيـل المطالبة "بالحكـم الـذاتي" و "استغـلال رفض الجماهير العودة إلى حكم الملك حسين بفعل التجربة التاريخية عامة وحملة أيلول ( سبتمبر ) خاصة ". وعلينا أن نلاحظ الطبيعة الطبقية للقوة الثالثة من الإطارات غير المشبوهة وطنيا في السابق وتكوين بورجوازي وبورجوازي صغير.

        4 - الامبريالية والأوضاع الدولية تدفع باتجاه " تسوية "، لأزمة الشرق الأوسط، يوما بعد يوم تزداد القناعة ( ومن مواقع مختلفة ) بضرورة مشاركة شعب فلسطين في الحلول المطروحة ( مشروع الدولة الفلسطينية ) لإنهاء مشكلته بمشاركته في الإقرار بالتسوية ووجود إسرائيل (18).

        5 - إن كل هذا ليس معزولا عن الأوضاع العربية، فالأنظمة العربية تقف بالنتيجة مع الملك حسين وفي أفضل الأحوال مع بعض فصائل المقاومة التي لا تشكل خطرا ذاتيا مباشرا عليها. وهذه الأنظمة مستعدة لأي حل يمكن التوصل إليه مع الامبريالية وإسرائيل للقضية الفلسطينية ومنذ عام 1948 ولكنها غير قادرة على فرض هذه الحلول لأنها تقف في قفص الاتهام، مع سعيها الدائم لتنفيذ الحلول الاستعمارية المطروحة.

        وبالمقابل فالأنظمة الوطنية ( باستثناء الموقف السوري ) وخاصة الموافقة على قرار مجلس الأمن التصفوي ومشروع روجرز ليست بعيدة عن المشاركة بتسوية، يشترك فيها شعب فلسطين وتكون الدولة الفلسطينية من ثمرتها المباركة من هذه الأنظمة. ووضع هذه الأنظمة الذاتية واندفاعها نحو الأخذ بقرار مجلس الأمن التصفوي، يفسر الكثير من علاقاتها مع حركة المقاومة، ومع الملكية الرجعية. ( قرارات مؤتمر طرابلس، مجلس الجامعة العربية، مؤتمر الملوك والرؤساء أيلول- سبتمبر- 70، واللجان والاتفاقيات المترتبة على هذا كله )

        وقد جاءت التطورات العربية التي رافقت حملة أيلول ( سبتمبر ) والأحداث الراهنة ( وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، انكشاف موقف العراق الرسمي بعد الحملة الديماغوجية القومية والثورية اللفظية ) في صالح الثورة المضادة ( الامبريالية + الصهيونية + الرجعية العربية واليمين في المنطقة العربية. وبالتأكيد فإن الثورة المضادة في المنطقة عموما وفي الأردن خصوصا ستعمل على استثمار هذا الوضع لمصالح مخططاتها وخطواتها المعادية لحركة التحرر العربية عموما، والأردنية الفلسطينية خصوصا.

        ومقابل مخططات وممارسات الثورة المضادة، ما العمل أمام حركة المقاومة؟ وكيف تصرفت حتى الآن؟

        لقد قفزت بعض فصائل المقاومة عن الدروس السياسية والتنظيمية والعسكرية لحملة حزيران ( يونيو )1970 والحملات السابقة ( الدروس المحلية والعربية والدولية ) وما يترتب عليها من برامج عمل وممارسات يومية على كل الأصعدة السياسية ( التحالفات الوطنية، وحدة الساحة الأردنية - الفلسطينية وقوانين الثورة الجدلية فهم التناقض مع الرجعية الملكية والرجعية العربية تصحيح العلاقة مع الأنظمة الوطنية العربية)، والتنظيمية (تركيب الأوضاع الداخلية، تطهير العناصر المتخاذلة واليمينية الرجعية من صفوف المقاومة، تصحيح العلاقات الداخلية نحو علاقة ديمقراطية مركزية مع القواعد وديمقراطية ثورية مع الجماهير)، والعسكرية (التسليح، التدريب، التثقيف، إلخ). وبهذا بقيت بعض فصائل المقاومة تراوح في مكانها، بينما تحاول الفصائل التقدمية في المقاومة استخلاص الدروس ودفع المقاومة والحركة الجماهيرية باتجاهها. ونظرا لطبيعة موازين القوى داخل المقاومة ( التركيب الذاتي للمقاومة، موقف الأنظمة العربية من القوى الثورية في المقاومة، وضع حركة التحرر العربية ودورها في تصحيح أوضاع المقاومة إلخ ) فإن المقاومة دفعت غاليا ثمن سياسات بعض فصائل

<15>