إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) تقرير الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين حول حوادث الأردن وأوضاع حركة المقاومة
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 974- 991 "

المقاومة ورفضها الاستجابة العملية "السياسية والعسكرية والتنظيمية" لدروس السنوت الثلاث الماضية وخاصة تجربتي حملة شباط ( فبراير ) 70، حملة حزيران ( يونيو ) 1970، والآن وبعد حملة أيلول ( سبتمبر ) وكل التطورات والأخطار التي تتهدد القضية الوطنية وحركة المقاومة هل تستوعب بعض فصائل المقاومة الدروس الجديدة أم تقفز عنها؟ وفي المرحلة الراهنة ماذا يعني القفز عنها؟

ملاحظات أولية:
        إن حركة المقاومة تعيش في هذه المرحلة بالذات أزمة طاحنة، سياسيا وتنظيميا وعسكريا، ويتوقف على فهم وممارسة مهمات المرحلة الراهنة مصير قضية الثورة والقضية الفلسطينية بذات الوقت وأبرز الملامح التي صدرت حتى الآن تركزت على:
         - طمس الأزمة الداخلية ( السياسية والتنظيمية ) في معظم فصائل المقاومة، والصمت على الأخطاء السياسية العسكرية التي وقعت في الشمال والوسط والتي كان لها دور كبير في اختلال ميزان القوى السياسية والمسلحة أثناء الحملة وبعدها. وهذا يعني متابعة ذات الإطارات المسؤولة عن الأخطاء الاستراتيجية التكتيكية لمسؤولياتها وكأن شيئا لم يقع (19).

         - لم تجر حتى الآن في اللجنة المركزية للمقاومة أية محاكمة أو مراجعة نقدية لمجموع سياسات المقاومة على امتداد السنوات الماضية، وخاصة قبل وأثناء وبعد حملة أيلول ( سبتمبر ). ومثل هذه المراجعة سيترتب عليها بالضرورة جملة نتائج سياسية وتنظيمية وعسكرية تشكل ملامح برنامج العمل في المرحلة الراهنة. ورغم مطالبتنا بمثل هذه المراجعة فإن بعض فصائل المقاومة تقفز عنها باستمرار وتترك المقاومة في دوامة العمل اليومي الجزئي والذي لا ينتهي بغير حلول جذرية وعلى الأقل متقدمة عما هو قائم .

         - مقابل هذا كله فإن بعض فصائل المقاومة ناشطة في الدعوة "لهياكل إدارية و تنظيمية وعسكرية " فارغة المحتوى ومن طبيعة ديماغوجية لا تخدم النهاية تلاحم قوى الثورة ووحدة مواقفها الأساسية والتكتيكية تجاه المهمات الراهنة المطروحة على المقاومة والحركة الوطنية في البلاد.

         إن بعض فصائل المقاومة تحاول بعيدا عن أية دراسة لبرنامج العمل الراهن والسياسة الوطنية والقومية المطلوبة تعميم مسألة الوحدة الإدارية التي فرضتها عملية التراجع على المقاومة بعد حملة أيلول (وسبتمبر)، كما تطرح هذه الفصائل مسألة وحدة القوات العسكرية معزولة عن شروطها الوطنية والثورية، وحدة القوات بلا برنامج وهدف وطني تجاه " مسألة الجبهة الوطنية"، مجابهة مخططات الرجعية والامبريالية، تمزيق فصائل المقاومة بحجة التعاون مع فريق دون فريق، الترجمة العملية واليومية لوحدة الساحة الأردنية- الفلسطينية وعلاقة إحباط المشاريع التصفوية بالوضع في عمان بعد هجمات الرجعية الحاكمة، الدولة الفلسطينية، العلاقة مع الأنظمة العربية، حركة التحرر العربية. وباختصار برنامج التحرر الوطني الديمقراطي في الساحة الأردنية الفلسطينية.

         إن محاولة تعميم الخطط الإدارية التراجعية التي فرضتها حملة أيلول (سبتمبر) على المقاومة إلى خارج الأردن (لبنان مثلا) ومحاولة التخاطب الديماغوجي (المضلل) لمسألة الوحدة الوطنية بطرح، "وحدة القوات العسكرية، معزولة عن الشروط الوطنية والقومية المطلوبة (سياسيا، عسكريا ،تنظيميا، ماليا، تثقيفيا وإعلاميا) هي عملية قفز في الهواء عن حقيقة الأزمة التي تعيشها المقاومة في هذه المرحلة ولا تؤدي بالنتيجة إلا لمزيد من التمزق في حركة المقاومة واحتدام الصراعات الداخلية (وحدة بلا هدف مرحلي نظريا وممارسة يومية)، وطرح المسألة بشكل مقلوب لإدخال المقاومة أمام قواعدها والجماهير الفلسطينية - الأردنية والعربية في معركة مزيفة بين من يريد وحدة القوات ومن لا يريدها مستغلا بذلك الحالة العاطفية العامة والغامضة حول ضرورات الوحدة الوطنية بعد حملة إبادة دامية للثورة والشعب. كما أن طرح المسألة بهذا الأفق يخدم بالنتيجة حملات الثورة المضادة وترك المقاومة عاجزة عن تحقيق وحدتها الوطنية. وفوق هذا كله إن طرح وحدة القوات والحياة الإدارية معزولة عن شروطها الموضوعية هي عمليا دعوة لتجريد الثورة من أصلب فصائلها الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية، وتجريد المقاومة الفلسطينية من الفعل الثوري في واقع المقاومة وحركة الثورة الفلسطينية- الأردنية والعربية حتى يتسنى لبعض فصائل المقاومة قيادة المقاومة ضمن آفاقها العاجزة عن استيعاب قوانين الثورة ووضع الثورة في مأزق تاريخي يهددها بالاحتضار أو الركوع أمام مخططات الأعداء (20).

         إن الدعوات المزيفة للوحدة الوطنية منزوعة من برنامجها السياسي ومهماتها الراهنة هي دعوة مضللة وبالنتيجة مشبوهة فهي شبيهة بدعوة مؤتمر طرابلس لتوحيد المقاومة في منظمة واحدة " لتطويع - المقاومة كليا "  تحت سقف الأنظمة العربية ".

         إن المسألة المطروحة في حقيقتها هي دراسة الأزمة التكوينية لحركة المقاومة ( أيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا وعسكريا )، وصياغة برنامج عمل لجبهة وطنية موحدة،

<16>