إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) تقرير الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين حول حوادث الأردن وأوضاع حركة المقاومة
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 974- 991 "

انتصار الدعوة لإلغاء المؤسسات الإقليمية في الساحة في المجلس الوطني السابع، قرارات المجلس الوطني الفلسطيني الاستثنائي في عمان آب- أغسطس- 1970، إلخ ) إلا أن كل هذه الخطوات جاءت متأخرة وبعد صراع مرير، ولم تأخذ طريقها الكامل للتنفيذ.

         هذا الوضع استغله النظام الرجعي أبشع استغلال، وحصدت المقاومة نتائجه الصارخة في حملة أيلول ( سبتمبر ) وما يجري الآن.

جـ - التحليل والممارسة الخاطئة في فهم طبيعة وحجم التناقض بين الرجعية الحاكمة والعربية عموما وبين حركة التحرر الوطني في الساحة الفلسطينية الأردنية.

         وتحت شعار تغليب التناقض الرئيسي مع العدو ( التناقض الوطني والقومي ) على التناقض الثانوي مع الرجعية ( التناقض الطبقي الاستعماري ) لم يتمكن العديد من فصائل المقاومة من استخلاص قوانين الصراع بين المتناقضات " الثانوية " مما أضعف نشر الثقافة الوطنية الثورية في صفوف الجماهير والقواعد. ورغم إصرار الرجعية على حل التناقض الثانوي قبل التناقض الرئيسي ( أي تصفية المقاومة ) فإن حركة المقاومة بقيت بعيدة عن فهم وتقدير " الحجم الحقيقي " لهذا التناقض، وبأن الصراع مع الرجعية ( وخاصة أمام إصرارها الدائم لتصفية المقاومة ) يتطلب تخليص الثورة من النزيف الدائم الذي تتمرض له على يد الرجعية والاستعمار، ويشل معظم طاقتها في مواجهة العدو الصهيوني الامبريالي. وبتعبير أدق فقد تناست أو نسيت ( فالنتيجة واحدة ) تلك الفصائل من المقاومة بأن قانون تغليب التناقض الرئيسي مع الصهيونية الامبريالية على التناقض الثانوي مع الرجعية يكون صحيحا بمقدار ما تستجيب الرجعية للبرنامج الوطني في تعبئة القوى الطبقية ( على اختلاف مواقعها الأيديولوجية والسياسية ) ضد العدو الصهيوني والامبريالية ( التناقض الرئيسي ) وفي مواجهة إصرار الرجعية الدائم على تصفية الثورة فإن الرجعية تدفع بقوة التناقض الثانوي إلى المقدمة وتجعله البديل في برنامجها اليومي عن التناقض الرئيسي، لأنها ترفض عمليا وموضوعيا معاداة العدو القومي ( الصهيونية والامبريالية ) بحكم تكوينها الطبقي وارتباطها بالامبريالية. ومن هنا تسقط موضوعة " تغليب التناقض الرئيسي على التناقضات الثانوية " بسقوط شروطها الأساسية، ويصبح لزاما على الثورة أن تبادر إلى حل التناقضات الداخلية ( مع الرجعية ) لتتمكن من متابعة صراعها مع التناقض الرئيسي ( الصهيوني الامبريالي ) على أرض صلبة لا على أرض مزروعة بالألغام والرصاص.

         إن غياب النظرية الثورية والثقافة الثورية، وغلبة الثقافة اليمينية على قطاعات أساسية في المقاومة أفقد المقاومة المبادرة في الرد ومجابهة مخططات وهجمات الرجعية، ووضعها في موقع دفاعي بين فكي كماشة ( مطرقة إسرائيل وسندان الرجعية )، أي المبادرة " في التعبئة الجماهيرية والتنظيمية الثورية، في مجابهة وإحباط مخططات الرجعية والامبريالية، في حل التناقض مع الرجعية لصالح الثورة إلى الأبد ".

         د - العلاقة مع الأنظمة العربية (3).
         طيلة السنـوات الثلاث المـاضية لم تنطلـق معظـم فصائـل المقاومـة في بناء عـلاقاتها مـع الأنظمة العربية انطلاقا من مواقف هذه الأنظمة من مسألـة قـوانين " عملية تحـريـر فـلسطين "، " الصـراع مع الاستعمار والامبريالية "، بحكـم الترابط الجدلي اليومي والحي بين " مسألة الصراع مع إسرائيل والصراع مع الامبريالية والطبقات الرجعية العربية المرتبطة بالامبريالية " نظرا لغلبة الأيديولوجية البورجوازية في صفوف معظم فصائل المقاومة ( خاصة الإطارات الأساسية )، ولهذا بقيت الثقة بين معظم فصائل المقاومة والأنظمة العربية " واقفة على رأسها " تحت شعارات " عدم التدخل في الأوضاع الداخلية العربية، في سبيل " الحصول على مكاسب مادية آنية- سلاح، مال، مواصلات "، وترتب على هذا غياب البرنامج الثوري البديل لبرامج هزيمة 67، ونكبة 48، وبالنتيجة ممارسة علاقة ديماغوجية ( تضليلية ) مع الجماهير الفلسطينية والعربية، وإعطاء الأنظمة الرجعية صكوك غفران وطنية مقابل حفنة المساعدات التي تقدمها. وكذلك الصمت على برامج الأنظمة الوطنية العاجزة عن إكمال مهمات التحرر الوطني الديمقراطي. وكل هذا جعل العلاقة مع حركة الجماهير العربية بالضرورة ذات طبيعة عاطفية غير منظمة، وأبعد التحالف العضوي الوثيق والمنظم مع فصائل حركة التحرر العربية لوضع الصراع في حجمه الموضوعي مع الثالوث غير المقدس ( الصهيونية + الامبريالية + الرجعية العربية ). هذه العلاقة حلت محل " نظرية الاعتماد على الذات والجماهير" وساهمت في تكبيل حركة النهوض الجماهيري الثوري المنظم محليا وعربيا، وتركت حركة المقاومة إلى حد بعيد تحت رحمة الأنظمة العربية ( في حياتها المادية والسياسية ) وفريسة للتناقضات التي تحكم هذه الأنظمة ومخططاتها في منطقة الشرق الأوسط وبالنسبة للقضية الفلسطينية، بينما دور الجماهير العربية يتراوح بين الالتفاف العاطفي والدعم المادي ( المالي والبشري ) المحدود.

         وبكلمة، كل هذا ترجم في معركة أيلول ( سبتمبر) بفقدان المبادرة وحشر المقاومة في مواقع دفاعية أخذت طابع حرب المواقع شبه النظامية لا طابع الحرب الشعبية المتعددة

<7>