إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) تقرير الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين حول حوادث الأردن وأوضاع حركة المقاومة
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 974- 991 "

الأشكال ( شوارع، بيروت، كمائن، غارات، إلخ ) وطويلة النفس تنتقل بالمقاومة من مواقع دفاعية إلى التعادل فالهجوم، وحرب المواقع وحدها ليست في صالح المقاومة بالنتيجة لأن التفوق الكمي والتكني في مثل هذه الحرب هو لصالح الجيش النظامي. والتكوين الذاتي السياسي والعسكري اللاثوري لبعض الإطارات دفعها لتعطيل أكثرية الطاقات عن الصراع الوطني الطبقي ضد الرجعية رغم الخطوات المقررة لإقامة حكم وطني في شمال البلاد والتقدم نحو عمان مما يدفعنا للتساؤل، هل أن الأمور تقف عند حدود غياب الفهم السياسي والعسكري الثوري أم ماذا ؟ على ضوء النتائج السياسية للحملة ونظرا لهذا الشكل من العلاقة مع الأنظمة العربية فقد سقطت المقاومة في شبكة هذه الأنظمة ومخططاتها للمنطقة ( اتفاقية القاهرة ) التي أنقذت العرش الهاشمي وأعطته امتيازات جديدة ( مكافأة المعتدي على عدوانه ) بمنحه الهيمنة على المدن بأجهزة القمع التي ذبحت الشعب والمقاومة تحت ستار " عودة أجهزة الدولة تحت الإدارة المدنية " إلى الهيمنة على البلاد. وبهذا قامت " اتفاقية القاهرة " بدور حماية العرش بدلا عن الإنزال الأميركي وأعطته حقنة حياة جديدة ليتابع هجومه المضاد على الثورة والجماهير،لأن من مصلحة الأنظمة العربية الملتقية في مؤتمر القاهرة اتخاذ هذا الموقف، وإلا لماذا لم تتخذ غيره بعد افتضاح المذبحة تحت سمع وبصر وفد مؤتمر القاهرة. وبالاتفاق أيضا جرى تكبيل المقاومة ووضعها تحت " وصاية وسقف الأنظمة العربية "، لتقف معركة المقاومة عند حدود التراجع خطوتين لصالح " الرجعية الأردنية الفلسطينية " التي تتابع هجومها تحت سمع اتفاق القاهرة والأنظمة الموقعة عليه، ولتكرس الاتفاقية تمزيق وحدة الشعب بين فلسطيني وأردني ليتم استغلالها في سبيل نتائج تتعلق بالتصفية الشاملة للقضية الفلسطينية " مسألة الدولة الفلسطينية".

ثانيا - المقاومة بين المدن والقرى (الضفة الشرقية):
          أ - إن السياسة الإقليمية التي أخذت بها بعض فصائل المقاومة طيلة السنوات الثلاث الماضية (فلسطنة القضية الفلسطينية سياسيا، وطنيا، نقابيا، مهنيا في الساحة الفلسطينية الأردنية، وشعارات عدم التدخل بالأوضاع الداخلية للأقطار العربية )، قد دفعت باتجاه تعميق الانقسام بين أبناء الشعب الواحد ( فلسطيني، أردني ) وقد عملت الرجعية الحاكمة على استغلال هذه الممارسات الخاطئة (والتي تقفز فوق الواقع التاريخي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لوحدة الساحة والشعب) لخدمة أغراضه المعادية لكل الطبقات الوطنية والثورية في عموم البلاد وتوظيف استغلاله في خدمة تنفيذ المخططات الامبريالية الرجعية لضرب وتصفية حركة المقاومة، ودفع أبناء البلد الواحد للاقتتال الأهلي فيما بينهم تحت شعارات زائفة ورجعية "الحفاظ على الأردن والكيانية الأردنية، الخ " وخاصة في الجيش والأمن العام.

          والأهم من استغلال الرجعية للممارسات الإقليمية الفلسطينية هو تلمس قطاعات واسعة من القوى الطبقية الوطنية الشرق أردنية العزلة عن حركة المقاومة، إذ أن ارتباطها بحركة المقاومة اقتصر إلى حد كبير على الموقف الوطني والقومي العاطفي. كل هذا نظرا لغياب أي برنامج وطني طبقي في قاموس المقاومة وممارستها اليومية (تتلمسه الجماهير الأردنية بأصابعها العشرة)، يتناول حل معضلات التحرر الوطني الديمقراطي الأردني الفلسطيني على أرض الضفة الشرقية، والخطوات البرنامجية التي أخذ بها الجناح اليساري والراديكالي في المقاومة لم تحفر جذورها الواسعة في صفوف الجماهير الأردنية نظرا للفترة القصيرة بالممارسة، وإصرار الفصائل الأخرى عمليا ونظريا على متابعة سياستها الإقليمية، ويقظة الرجعية ورد فعلها السريع بالحملات العسكرية المتتالية لقطع الطريق على انتشار وتعميق النهج الثوري في العلاقة اليومية بين قضايا الثورة الأردنية الفلسطينية (النضالات والإضرابات المطلبية والنقابية العمالية، تعزيز الحريات الديمقراطية، مساندة القوى الوطنية الأردنية، محاولة نشر الوعي الوطني والطبقي الثوري في صفوف الفلاحين في القرى، وحدة الشعب والكفاح ضد الثالوث الإمبريالي - الصهيوني- الرجعي، المسألة الزراعية ضد كبار الملاك وأشباه الإقطاعيين، إلخ- قرارات المجلس الوطني الفلسطيني السابع والاستثنائي، قضايا الجبهة الوطنية الأردنية الفلسطينية، المجالس الشعبية المنتخبة، الحكم الوطني والسلطة الوطنية والنضال من أجل إسقاط السلطة العميلة وتطهير أجهزة الدولة من الرجعيين والعملاء).

          إن النهج الذي مثل الوجه الملموس الغالب لسياسة حركة المقاومة هو الذي دفع بالجماهير الأردنية إلى تلمس عزلتها عن الثورة عمليا وماديا والاكتفاء بالتعاطف القومي العريض، وهذا ما يفسر قلة العناصر الشرق أردنية في صفوف المقاومة من جهة ونجاح الرجعية الحاكمة في تجنيد القطاعات الأوسع من الجنود والضباط ضد حركة المقاومة.

          ب - أكدت تجربة أيلول (سبتمبر) إن الميدان الأساسي لحركة المقاومة هو "المدن والمخيمات"، فهي التي تمثل الغابات البشرية الكثيفة التي تذوب فيها المقاومة، كما أنها تمثل القواعد الأساسية "للالتجاء والإمداد" البشري والمادي والسياسي، وذلك بفعل عوامل الكثافة البشرية وانتشار

<8>