(تابع) خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في مجلس الأمة بمناسبة افتتاح دورته الخامسة

بحيث تكون القوات المسلحة هي فعلاً قوات مسلحة وليس الأمر مجرد تغيير القيادات، ولكن الأمر والتغيير كان أبعد وأعمق، وعلى هذا الأساس كان لابد من أن نغير العناصر اللي استغلت الوضع السياسي للقوات المسلحة واتخذت من القوات المسلحة وسيلة لكي تجعل من نفسها مركز من مراكز القوى، وأيضاً العناصر اللي كانت تقيم من نفسها طبقة عازلة فوق الجيش.

          وبعد هذا أبعدت العناصر التي أظهرت تجربة الاستعداد عدم كفابتها، أبعدت العناصر التي أثبتت تجربة ميدان القتال أنها غير قادرة على مسئولية ميدان القتال.

          على ضوء النكسة وفي حرارتها كنا نعيد بناء القوات المسلحة.

          وللأمانة فإن المهمة لم تكن في حد ذاتها صعبة إذا نحينا جانباً الصعوبات التي تخلقها الظروف. المهمة كانت ممكنة بفضل إيمان أفراد القوات المسلحة أنفسهم ضباطاً وصف ضباط وجنود، بفضل فهمهم، بفضل وعيهم.

          لقد كانت الأخطاء التي وقعت في إدارة المعركة أكبر من شجاعة هؤلاء الرجال ومع ذلك فانهم أعطوا وبذلوا واستبسلوا وبرز من بينهم الأبطال وسقط من وسطهم الشهداء.

          هناك أفراد تصرفوا بغير تقدير للمسئولية ولكن ليست هناك وحدة تركت موقعها بغير أوامر. كان واضحاً أن جهاز القيادة أصيب بارتباك فور بدء المعركة وفور تلقيهم مفاجأة الضربة الأولى في الطيران ونتائجها، ويعلم الله أنها لم تكن مفاجأة، وكان في الإمكان مواجهتها. ولكن ذلك لم يعد موضع بحث الآن إلا بالقدر اللازم للاستفادة منه وإلا بالقدر اللازم لحساب المسئولين عنه، وهذا الحساب يجري الآن فعلاً. المهم أن الرجال حينما أتيحت لهم الفرصة للقتال قاتلوا كالرجال والدليل إن الاستجابة مع عملية إعادة البناء جرت بسرعة ومكنت على الفور بتدعيم خط المقاومة والتجربة أثبتت أن المهم هو الرجال أكثر من السلاح، ليست المسألة تخزين سلاح، ولكن مقدرة على استعمال السلاح، جهد التدريب جهد الإعداد جهد العمل الذي يجري الآن في القوات المسلحة يستحق إعجاب الوطن وتقديره، وسوف تكون له قيمته العملية بإذن الله عندما تتاح له الفرصة للاختبار، جهد لا يكاد يصدق ويفوق طاقة الإنسان.

          فعلاً العساكر والضباط والقيادات والضباط الصغيرين والضباط الكبار بيشتغلوا طول الوقت من أجل التدريب على استخدام السلاح.

النقطة الثالثة: مع البدء في البداية الصحيحة في إعادة بناء الجيش بدأنا في إلقاء نظرة شاملة بالمراجعة على أوضاعنا الداخلية، أنا بدي أقول حاجة يجب أن ندرك إن إحنا مانقدرش نحقق كل شئ دفعة واحدة، خصوصاً في ظروف مثل ظروفنا- تحدثت في شهر يوليه عن ضرورة التغيير، حدثت تغييرات كبيرة في كل ناحية مما

<11>