إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في الخرطوم يوم عيد استقلال السودان

أيها الأخوة

        كل هذا، كل هذا قوة دافعة للعمل العربي الموحد، كل هذا قوة دافعة للأمة العربية حتى تسير في طريقها، طريق الصمود، ثم طريق العمل من أجل التحرير. كل هذا يدفعنا على أن نسير. الأمة العربية تسير في طريق الرجولة، وفي طريق البطولة. وكان اتفاق طرابلس الثلاثي بين السودان وليبيا ومصر، وأثبت هذا الاتفاق إنه تلاحم ثورات هيئت لها ظروف تاريخية وجغرافية ونضالية، وأثبت هذا أن الروح الثورية الجماهيرية الثائرة تستطيع أن تتفق وأن ما يعوق الاتفاقات ليس الجماهير بأي حال من الأحوال. وأثبت هذا الاتفاق أن الشعارات التي رفعناها جميعاً من أجل الحرية والاشتراكية والوحدة، إنها فعلاً الشعارات التي تنادي بها الجماهير والتي تعمل من أجلها الجماهير. فلا يمكن لشعب من الشعوب أن يحيى حياة سعيدة ترفرف عليها الرفاهية إلا إذا كان حراً. لأن الاستعمار يريد للجماهير الاستعباد حتى تعمل له بأرخص الأثمان، ولكن الجماهير حينما تتحرر وحينما تشعر بأنها أصبحت سيدة نفسها تشعر بمسئولياتها في الكفاح، وتشعر بطبيعتها الإنسانية، ثم تشعر بالتقارب الإنساني.

أيها الأخوة

        إن تلاحم الثورات السودان وليبيا ومصر، والاتفاق الذي تم في طرابلس ليس إلا خطوة على طريق الكفاح المشترك وطريق العمل المشترك.

أيها الأخوة

        إنني حينما أتكلم عن الحرية وحينما أتكلم عن الاشتراكية وحينما أتكلم عن الوحدة، هذه الأهداف الثلاثة التي أعطتها ثورتكم في 25 مايو والتي أعلنتها الثورة الليبية والتي أعلنتها قبل ذلك الثورة المصرية، إنما تعني أن علينا أن نحرر أنفسنا من كل قيود الاستعمار. فإذا حررنا أنفسنا من كل قيد من قيود الاستعمار، علينا أن نسير في طريق الكفاية والعدل في طريق الاشتراكية، حتى ينال كل فرد من أبناء هذه الأمة، كل فرد عامل، حتى ينال كل فرد نصيبه الشرعي، نصيبه الحقيقي، حتى يتخلص الإنسان من الاستغلال، حتى لا يستغل الإنسان الإنسان بأي حال من الأحوال. هذا أيها الأخوة ما تعنيه الاشتراكية. الاشتراكية ليست الفقر كما يقولون في الحرب النفسية، ولكن الاشتراكية هي القضاء على الاستغلال، القضاء على استغلال الإنسان للإنسان، ثم بعد هذا تهيئة مجتمع الرفاهية لكل أبناء الأمة لكل أبناء الشعب العامل. وهذا أيضاً أيها الأخوة طريق لابد أن نسير فيه حتى نحقق لكل فرد من أبناء أمتنا فعلاً حقه الطبيعي في الحياة الكريمة الحياة الشريفة. ثم بعد هذا الوحدة، ولا يمكن للوحدة أن تتحقق إلا إذا تحققت قبل هذا الحرية، لأن الذي لا يشعر بالحرية، لأن الذي لا يحصل على الحرية لا يستطيع أن يقرر المصير وأن يتحمل مسئولية الوحدة. لا يمكن أن يتحمل مسئولية الوحدة غير الإرادة المستقلة الحرة.

<12>