إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام اجتماع اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ومجلس الشعب

إنها لا تزال نفس العوامل التي تحكمنا في تاريخنا المعاصر كله، بل هي نفس العوامل التي تحكم وقفتنا الحالية في مواجهة القوة الصهيونية الشرسة المؤيدة من أمريكا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.

          عندما قامت ثورة 23 يوليه كتتويج لكل جهاد أجيال عديدة سابقة كانت الوحدة إحدى أهداف ثلاثة حددتها الثورة لنفسها. في الحقيقة فإن أهداف ثورة 23 يوليه في الوحدة والحرية والاشتراكية هي أهداف متكاملة، بل لا نعدو الواقع إذا قلنا أن الحرية والاشتراكية يرتبطان عضوياً بتحقيق الوحدة. وإذن إن ثورة 23 يوليه على سبيل المثال لا الحصر عندما أيدت الثورة التحررية في العراق وقاومت حلف بغداد وتعرضت لغزوة سنة 1956 كنتيجة لمساندتها لثورة الجزائر، وعندما بذلت دماء المصريين لمساندة ثوار التحرر في اليمن لم تكن في الواقع لتعمل وتناضل إلا في سبيل الوحدة. ذلك أن الوحدة لا يمكن أن تتم إلا بين الأحرار في تقرير مصيرهم، والأحرار في فرض إراداتهم. والأحرار في استغلال مصادر قوتهم وثرواتهم لخيرهم ولخير الإنسانية جمعاء.

          من هنا كانت ولا تزال الشراسة الاستعمارية موجهة في المقام الأول ضد مصر وضد ثورة 23 يوليه، بل إن مصر خاضت تجربتها الوحدوية الأولى مع سورية بالرغم من العوامل الغير مواتية في البعد الجغرافي وبالاندفاع العاطفي وهي تهدف إلى تجسيد إمكانية العرب في القيام بوحدتهم، برغم دعاوى الاستعمار والانهزاميين والانفصاليين.

          لقد كان هدف الاستعمار من تحقيق الانفصال سنة 1961 هو جرح الكبرياء المصري وتيئيس المصريين بصفة خاصة والعرب بصفة عامة من إتمام الوحدة، بل من فكرة الوحدة ذاتها. ولقد كان من دلائل عظمة الشعب العربي كله في مصر وخارجها إن هذا الجرح لم ييئسها إطلاقاً من الاستمرار والإصرار على تحقيق الهدف الوحدوي. ولكن خرجنا من هذه التجربة بدروس كانت لازمة لنجاح أي وحدة في المستقبل. كان الدرس الأول هو أن المهم في الوحدة هو جوهرها ومدى تأثيرها في القوة العربية، حتى ولو لم تتخذ المظهر الدستوري اللازم. المهم هو الجوهر ومدى الإضافة، ومدى التأثير في القوة العربية، مش الشكل الدستوري.

          الدرس الثاني كان أنه يجب أن يوضع في الاعتبار الاختلافات الواقعية في العالم العربي، من حيث الأبعاد الجغرافية والاقتصادية والاختلافات في المستويات الحضارية الناتجة عن طول التاريخ الاستعماري في المنطقة. يعني لا بد من وضع التدرج ومراعاة عنصر الزمن والحساسيات الإقليمية موضع الاعتبار. ده الدرس الثاني.

          الدرس الثالث إن العاطفة القومية وهي مع لزومها كأساس لا شك في تأثيره بالنسبة للوحدة لا تكفي بمفردها لكي تكون وحدها أساساً لقيام الوحدة. دون وضع الأسس والدراسات اللازمة من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتغلب على العقبات الإدارية. لقد كانت المحصلة لهذا الدرس الأخير هي أن الوحدة

<16>