إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / حزب الله




محمد حسين فضل الله
جيش حزب الله
صواريخ حزب الله
صبحي الطفيلي





مقدمة

المبحث الثالث

الإمكانيات والقدرات العسكرية لحزب الله

يرتكز أي هيكل مقاتل على ثلاث دعائم رئيسة، وهي:

·      القائد/ القيادة.

·      الفرد/ المقاتل.

·      المعدة/ السلاح.

وبها تُقاس القدرة القتالية لأي جيش أو تشكيل مقاتل، طبقا للأسس التالية :

1. القائد: ويلزم أن تتوفر فيه شروط ثلاث هي:

أ. صفات شخصية (ذكاء - صبر - شجاعة - حكمة - إيمان قوى - عقيدة صادقة).

ب. تأهيل علمي (دراسات عامة وتخصصية - تدريب عملي وميداني).

ج. خبرة قتال (اشترك في عمليات قتالية - تدرج في القيادة طبقاً لمهاراته).

2. الفرد: يجب أن يتوفر فيه الآتي:

أ.اللياقة البدنية والصحية العالية.

ب. اللياقة الذهنية.

ج. اللياقة النفسية والقدرة على تحمل الضغوط والصعاب.

وقد أثبتت جميع العمليات القتالية التي اشتركت فيها عناصر حزب الله، ابتداءً من عام 1982، ومنذ خروج منظمة التحرير الفلسطينية بعد الاجتياح الإسرائيلي الشامل للبنان، وانتقال قيادة المقاومة المسلحة تدريجياً للحزب الوليد آنذاك "حزب الله"، وبعد سنوات متعددة قاد خلالها حرباً شرسة لإخراج المحتل الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، وحتى حرب الثلاثة والثلاثين يوماً عام 2006. كل ذلك أثبت أن قيادات الحزب وكوادره على أعلى درجات الكفاءة والمهارة. أما عن تأهيلهم العملي والتخصص فتتوافر الكثير من المعلومات التي تؤكد حصول العديد من كوادر الحزب وقياداته العسكرية على دورات تدريبية متقدمة في إيران.

3. المعدات والأسلحة: فيلزمها توافر الشروط التالية:

أ. المقارنة النوعية: التي تمكنها من مجابهة ما لدى العدو من أسلحة ومعدات في حدها الأدنى، والتفوق عليها في حدها الأقصى.

ب. الملاءمة: أي تلاؤم المستخدم ومسرح العمليات، وتلاؤم المهام المطلوب تنفيذها.

ج. الدوام: أي ضمان مواصلة الإمداد بالمعدة/ السلاح، وتوفير قطع الغيار اللازمة لها، والقدرة على تعويض الخسائر.

وهذا كله ثبت توافره لأسلحة حزب الله باختيار السلاح المناسب والملائم لظروفه وطبيعة أرضه وقدرات عدوه، فكانت الصواريخ بمدياتها هي سلاح الحسم، وتوفر المصدر الدائم للإمداد من إيران وسورية هو ضمان الدوام، إضافة إلى التصنيع المحلي للبعض منها، مثل الطائرات الموجهة من دون طيار.

أولاً: القدرات العسكرية

1. حجم القوات (اُنظر صورة جيش حزب الله)

أ. فوجان مقاتلان

(1) تعمل الأفواج المقاتلة في مجموعات قتال، كل مجموعة بقوة 8 – 10 خلية، والخلية بقوة 4 – 5 أفراد.

(2) تقدر القوة القتالية للفوج بعدد 400 فرد.

(3) يُقدر حجم القوات العاملة بثلث القوة، والباقي يجري استدعاؤه في حالات الطوارئ.

ب. مجموعات قتال خاصة

·      صاعقة - استشهاديون - نسف وتدمير.

ج. المدفعية الصاروخية

يمتلك الحزب ما بين 10 – 15 ألف صاروخ تلقاها من سورية وإيران، منها: صواريخ كاتيوشا، والتي تعد السلاح التقليدي لحزب الله، وقد أدخل عليها تطويرات عديدة منذ استخدامها في قصف شمال إسرائيل لأول مرة، عام 1996، عقب مجزرة قانا وعملية عناقيد الغضب، وكان وزن الرأس المدمرة لها وقتها 22 كجم. ويوجد منها حالياً نوعان: (اُنظر صورة صواريخ حزب الله)

(1) عيار 107 مم، بمدى أكثر من 10 كم.

(2) عيار 122 مم، القادر على حمل رأس مدمرة زنة 100 كجم، بمدى 30 كم.

كما يمتلك صواريخ إيرانية، من نوع فجر 2، 3، 4، 5، والتي يُرجح أن يصل مداها من 50 – 70 كم. ويرجح أن هذه الصواريخ صٌنعت بجهد مشترك بين إيران والصين وكوريا الشمالية، ويكون إطلاقها من منصات متحركة، ويُقدر مدى الصواريخ فجرـ3 بـ40 كم، ويحمل رأساً متفجرة زنة 200 رطلاً، ويراوح مدى الصاروخ فجر ـ5 ما بين 60 – 70 كم، ويحمل رأساً متفجرة زنة 385 رطلاً.

ويمتلك كذلك مجموعة صواريخ، من نوع رعد 2، 3، 4، وهي مماثلة للصاروخ الإيراني شاهين ـ2 من عيار 333 مم.

وهناك أيضاً صواريخ زلزال 1، 2، والتي يبلغ مداها 200 كم، ويمكنها الوصول إلى تل أبيب، وهي مزودة بنظام توجيه ومصممة لقصف المدن، ويحمل الصاروخ رأسا متفجرة تصل حتى 100 - 150 كجم.

د. صواريخ أرض/ سطح

من نوع س – 208، ويصل مداه إلى 100 كم، وهو أحد أكثر الصواريخ المتطورة، وهو من النوع الذي أطلق على البارجة الإسرائيلية يوم 16 يوليه 2006.

هـ. مقذوفات موجهة مضادة للدبابات

(1) الصاروخ إيه تي – 4 سباريجوت، روسي الصنع، بمدى 2000 م.

(2) الصاروخ ساجر، من نوع إيه تي – 3، روسي الصنع، موجه بالسلك.

(3) الصاروخ تاو، الأمريكي الصنع، بمدى 3500 م.

(4) الصاروخ كورنيت آي، روسي الصنع، الموجه بالليزر، ويصل مداه إلى خمسة كم.

(5) قذائف البتروفا والـR.P.G، بمدى 500 م.

و. صواريخ مضادة للطائرات (أرض/ جو) مقلدة عن الصاروخ سام – 7، التي تُطلق من على الكتف.

ز. طائرات موجهة من دون طيار

يمتلك الحزب طائرات، من نوع مرصاد – 1، وكان قد أطلقها عام 2004، بهدف جمع المعلومات عن شمال إسرائيل. ويرجح استخدامها في قذف البارجة الإسرائيلية، يوم 16 يوليه 2006، أمام السواحل اللبنانية.

وقد أعلنت إسرائيل، في 7 أغسطس 2006، عن إسقاطها طائرة موجهة من دون طيار كانت في طريقها إلى حيفا تحمل على متنها متفجرات. كما أعلنت، يوم 13 أغسطس 2006، عن إسقاط طائرتين من نفس النوع، كانتا في طريقهما إلى شمال إسرائيل.

ح. القوة البشرية لمقاتلي حزب الله

تقدر بحوالي 20 ألف مقاتل، يوجد منها تحت السلاح الثلث فقط، والباقي احتياط يُستدعى كله في حالة الطوارئ وعند اللزوم. وقد يجري استدعاء بعض العناصر بصورة سرية للاشتراك في مهمة محددة، ثم تسريحهم بعد الانتهاء من المهمة، والعودة إلى أعمالهم المدنية.

2. تطبيق الحزب مبادئ وأساليب القتال

أ. الاهتمام بالتخطيط وبالإعداد الجيد للقوات ومسرح العمليات من خلال:

(1) المتابعة والدراسة الجيدة للعدو وقدراته، وأساليب قتاله، وأعماله المنتظرة، ونقاط القوة والضعف لديه.

(2) إعداد مسرح عمليات بالشكل الذي يلائم حرب العصابات وأساليب قتالها (أنفاق - ملاجئ - دشم)، وعلى أعماق مناسبة لتأمين المعدات والأسلحة والأفراد، مع التوسع في استخدام الموارد الطبيعية للبيئة من غابات وأشجار، بالإضافة إلى المنازل والمنشآت المدنية لتحقيق قدر أكبر من الإخفاء والتمويه.

(3) تأهيل الكوادر في المجالات المختلفة، وخاصة في مجال العمل المخابراتي وأعمال الاستطلاع وجمع المعلومات.

(4) الإعداد الديني والعقائدي مع تنمية القدرات الشخصية للأفراد بدنياً علمياً ونفسياً.

ب. التدريب والتأهيل

(1) تدريب وتأهيل المقاتلين تحت إشراف قائد الجناح العسكري وبمساعدة عناصر من الحرس الثوري الإيراني، ويجري التدريب على استخدام جميع أنواع الأسلحة والتعامل مع المفرقعات، وقد تم تدريب عدة آلاف فرد من حزب الله في دورات تدريبية خاصة في إيران خلال السنوات القليلة الماضية. ولم تنقطع الدورات التدريبية لشباب الحزب، سواء في إيران أو لبنان، منذ قيام الحزب، وقد يزيد عدد الذين حصلوا على هذه الدورات حتى الآن عن 100 ألف (يصل عدد المشتركين في الدورة إلى 300 مقاتل).

(2) يجري التركيز على الموضوعات التالية

(أ) الإعداد البدني العالي، للتمكن من العمل في المناطق الجبلية الوعرة التي يتسم بها الجنوب اللبناني.

(ب) القتال في المدن وفنون القتال في حرب العصابات.

(ج) استخدام الأرض وطبيعتها المختلفة من سهول ووديان ومناطق جبلية وغابات كثيفة ومباني.

(د) القتال باستغلال التجهيزات الهندسية التي تحقق الستر والإخفاء وتحقيق المفاجأة للعدو.

(هـ) استخدام الأسلحة والمعدات بكفاءة لتحقيق أكبر خسائر في العدو.

(و) المهارة في استخدام منظومات التسليح المتوافرة لديهم مع تحقيق مبدأ الواقعية في التدريب.

(3) التأهيل النفسي للمقاتلين، بالتركيز على الحالة المعنوية والروحية للفرد وإبعاده عن المشاغل الدنيوية من خلال الآتي:

(أ) تعايش الأفراد في مناطق منعزلة في الجنوب اللبناني.

(ب) يتعايش الفرد في حفرة تشبه اللحد لمدة تصل إلى أربعة أشهر بهدف السمو الروحي والرغبة في الشهادة.

(ج) يتم التركيز على قراءة القرآن وتناول الأطعمة التي لا تثير الغرائز.

(د) يصل الفرد إلى درجة من السمو الروحي تجعله متقبلاً لتنفيذ أي مهمة مهما كانت صعوبتها.

(ه) تراعى أعلى درجات السرية في تخصيص المهام والإعداد لتنفيذها.

3. السرية والأمن

يراعى تطبيق أعلى درجات السرية والأمن أثناء التخطيط والتنفيذ للمهام ويظهر ذلك جلياً في:

أ. الاعتماد الرئيس على المواصلات الخطية والمؤمنة بين القيادات والتمركزات الثابتة.

ب. عدم استخدام أي وسائل اتصال لاسلكية بين القيادة والعناصر المقاتلة أثناء تنفيذ المهام. ويكون الاعتماد على التلقين الشفوي وحفظ المهام، والتنفيذ طبقاً لتوقيتات محددة ومتفق عليها من قبل، دون أي تغيير أو تعديل إلا طبقاً لرؤية القيادة المنفذة في منطقة العملية.

ج. عدم كشف أي معلومات عن العناصر المكلفة بتنفيذ مهام لأي عنصر آخر، ويكون الاتصال بالقائد المسؤول عند التشغيل فقط.

4. تحقيق المفاجأة

أ. الاختيار الدقيق للأهداف المعادية التي ستكون رهن الاستهداف.

ب. اختيار التوقيت المناسب

ج. الدراسة الجيدة للأرض وتحديد أنسب الاتجاهات والطرق للوصول إلى الأهداف.

د. استخدام أساليب جديدة وغير نمطية في القتال مع العدو.

هـ. حشد أنواع من الأسلحة غير المتوقعة من جانب العدو واستخدامها وخاصة الصواريخ.

قد برز هذا في الأساليب المستخدمة في تدمير الدبابات الميركافا، وأساليب استخدام الألغام والعبوات الناسفة، إلى جانب المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات ذات الرؤوس المزدوجة.

ثانياً: العمليات العسكرية

أيا كانت الأهداف السياسية والأيدلوجية لحزب الله، ورغم اختلاف الرؤى حول النتائج التي تحققت على مسرح الأحداث نتيجة للعمليات العسكرية للحزب في الجنوب اللبناني والشمال الإسرائيلي، إلا أن الحقيقة التي لا تخطئها العين هي أن حزب الله قوة عسكرية فاعلة ومؤثرة، لها القدرة على تحقيق أهداف سياسية وعسكرية.

ورغم امتلاك الحزب لقدرات قتالية لا يستهان بها، سواء من ناحية التسليح والعتاد، أو من حيث أعداد المقاتلين ومستواهم التدريبي العالي، إلا أنه لم يتورط في أي قتال تقليدي مع العدو، واتسمت عملياته العسكرية دائما بأسلوب حرب العصابات الذي يرهق أعتى الجيوش.

ولقد أظهرت العمليات العسكرية الأخيرة للحزب مع العدو الإسرائيلي، عام 2006، امتلاكه لخبرات قتالية عالية تراكمت عبر السنين وقد ضُخِّمت واستغلت أحسن استغلال في مسرح العمليات كما يلي:

1. توقع قيام الجيش الإسرائيلي بالهجوم على نفس المحاور التي سلكها في اجتياحه للجنوب اللبناني، عام 1982، فعمل بالآتي:

أ. نشر قواته نشراً لا يعرضها للخسائر الكبيرة.

ب. احتلال مواقع دفاعية على محاور التقدم المنتظرة للعدو (محور الخيام/ مرج عيون - محور مارون الرأس/ بنت جبيل - المحور الساحلي لبونة/ ناقورة/ البياضة)، ونجحت مجموعات قتاله في إعاقة تقدم القوات الإسرائيلية عليها.

ج. توفير الوقاية اللازمة لقواته في مواجهة الآلة التدميرية الإسرائيلية العالية كالأتي :

(1) تحصين قواته داخل أنفاق وملاجئ محصنة وتجهيزات هندسية خزن بها ما يلزمه من الاحتياجات.

(2) استخدام الأنفاق والخنادق المحصنة في المناورة بين المواقع.

(3) تنفيذ الكمائن والتعامل المباشر مع العدو بنيران الأسلحة الصغيرة، والمقذوفات الموجهة المضادة للدبابات، لإحداث أكبر خسائر نتيجة لخداع العدو ومفاجأته.

(4) التوسع في استخدام الألغام، للحد من حرية الحركة للعدو، وإنزال الخسائر الكبيرة به، وخاصة في مدرعاته.

د. استخدام الأسلحة والمقذوفات المضادة للدبابات

(1) استخدام الحزب أنواعاً متطورة من المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات، من خلال الاستخدام الجيد للأرض والتجهيز الهندسي لها بواسطة أطقم قنص الدبابات العالية التدريب.

(2) تحقيق مبدأ الانتشار لمخازن الأسلحة والذخائر في منطقة مسرح العمليات.

(3) امتازت الأسلحة المضادة للدبابات بالقدرة العالية على الاختراق (وصلت إلى 900 مم في الصلب المتجانس) من مديات (500 – 3000 م)، وذلك لحصول الحزب على المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات من نوع (كورنيت) الروسي الصنع، الذي يصل مداه إلى 5.5 كم ويحقق اختراق يصل إلى 1000 – 1200 مم.

2. أساليب قتال حزب الله

اتخذ الحزب أساليب قتال حرب العصابات، رغم أنهم يتدربون تدريب جيش نظامي يتسلح مقاتلوه بأنظمة متكاملة من التسلح المتطور الفعال، فهم يستخدمون نفس التكتيكات التي استخدمها الفيتكونج في فيتنام، ومقاتلو الشيشان، لتجنب نقاط القوة لدى العدو، والتأثير الفعال على نقاط ضعفه مثل:

أ. استخدام الأنفاق وأنظمة المجاري في مهاجمة طوابير العدو المدرعة.

ب. هم بمنزلة جيش صغير تساعده دائرة أكبر من العاملين معه جزئياً لتوفير السكن والنقل وتخزين الأسلحة في البيوت والمباني الأهلية، حيث يعمل حزب الله مثل قوة ثورية وسط بحر من المدنيين، ما يجعل القتال ضده صعب من دون قصف المناطق المدنية الآهلة بالسكان.

ج. عادة ما يظهر المقاتلون لنصب منصات إطلاق الصواريخ، والقيام بعملية الإطلاق، ثم الذوبان وسط المدنيين.

د. في سنواته الأولى تخصص حزب الله في التفجيرات الانتحارية وعمليات الاختطاف، وأشهرها الهجمات الانتحارية على السفارة الأمريكية في بيروت، ومواقع المارينز، عام 1983.

3. أبرز العمليات العسكرية للحزب

نجحت قوات الحزب في توجيه ضربات ناجحة للجيش الإسرائيلي، كبدته العديد من الخسائر البشرية التي تصل سنويا إلى 22 - 23 قتيلاً، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الجرحى والأسرى. وتشير مصادر حزب الله إلى أن متوسط العمليات العسكرية التي نفذها خلال الفترة من 1989 حتى 1991 بلغت 292 عملية.

أ. في الفترة بين عامي 1992 و1994، بلغت 465 عملية.

ب. في الفترة بين عامي 1995 و1997، بلغت 936 عملية.

ج. كان من نصيب الجناح العسكري للحزب 736 عملية.

أما المصادر الإسرائيلية فتشير إلى أن إسرائيل فقدت عام 1988 وحده، 36 جندياً، وجرح لها 64 آخرون، وخُطف منها جنديان. وفى الإجمالي كانت حصيلة القتلى الإسرائيليين على مدى 18 عاماً، حوالي 1200 قتيل.

وقد بدأت إسرائيل خطواتها الأولى للانسحاب بسبب هذه العمليات الفدائية، كالآتي: الانسحاب الأول الكبير، عام 1985. تلاه انسحابات لاحقة، كان أبرزها الانسحاب من منطقة "جزين" اللبنانية. وظهر داخل المجتمع الإسرائيلي تيار شعبي قوي يطالب بالانسحاب من المستنقع اللبناني.

اتسمت الأعمال العسكرية بالدقة والمفاجأة، وكانت أشهر عمليات الحزب وأنجحها هي معركة "أنصارية"، عام 1997، عندما استدرجت طائرة عمودية إسرائيلية على متنها 16 مقاتلاً وأبادتهم جميعاً.

4. عملية الوعد الصادق

في 12 يوليه 2006، تسللت عناصر مقاتلة من حزب الله إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، بهدف أسر عدد من الجنود الإسرائيليين لمبادلتهم بأسرى لبنانيين في السجون الإسرائيلية. ونجحت العملية، وأدت إلى أسر جنديين إسرائيليين ومقتل ثمانية وجرح 21 آخرين.

ردت إسرائيل باجتياح الحدود اللبنانية ومحاولة التوغل في جنوب لبنان، واستمر القتال لمدة 33 يوماً. وكان من أهم أهداف التوغل الإسرائيلي، سحق حزب الله والقضاء على ترسانته العسكرية، واستعادة الجنديين الأسيرين بالقوة من دون تفاوض، إلا أنها فشلت في تحقيق أي من هذه الأهداف.

5. أسباب وعوامل النجاح

بدراسة العمليات العسكرية وتحليلها للحزب منذ نشأته وحتى الآن، يظهر العديد من الأسباب والعوامل المشتركة التي حرص الحزب على تحقيقها والمحافظة عليها، مثل:

أ. السرية المطلقة

بلغت درجة المحافظة على السرية إلى حد استقلال الحزب في عملياته عن أي فصائل أخرى من خارج الحزب، لضمان عدم اختراق صفوفه عندما تتنوع الانتماءات والاتجاهات السياسية والعقدية، بحيث يصعب مراقبتها أو السيطرة عليها، كما كان يحدث في التجارب السابقة للمقاومة، وخاصة الفلسطينية منها، والتي تعرضت للكثير من الضربات والاغتيالات بسببها.

ب. توسيع قاعدة المقاومة

فتح الحزب باب المشاركة للقوى الأخرى غير الإسلامية التي ترغب في مقاومة الاحتلال، دون أن تتخلى عن أطرها الخاصة التنظيمية والأمنية والعسكرية. فأعلن في نوفمبر 1997، عن تشكيل (السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي)، إطاراً جامعاً لكل راغب في المشاركة في أعمال المقاومة ضد الاحتلال، على أن يبقى هذا التشكيل منفصلاً عن جهاز المقاومة الإسلامية (حزب الله)، التي ستكون مستعدة لتقديم كل دعم تحتاجه السرايا اللبنانية، من أجل القيام بأعمال عسكرية وأمنية في المناطق اللبنانية المحتلة. وقد نفذت هذه السرايا عمليات عدة ضد قوات الاحتلال.

ج. استخدام أساليب قتال متطورة

نجحت المقاومة الإسلامية في تقديم تجربة متفردة ومختلفة في حرب العصابات، حيث برز منها:

(1) تعدد التكتيكات والأساليب

تحقيق مبدأ المبادأة والمحافظة عليها في القيام بعمليات واسعة ومتعددة أحيانا، على أكثر من موقع من مواقع العدو، وتمكنت في حالات كثيرة من السيطرة عليها لساعات طويلة، وتدميرها، والحصول على أسرى منها.

(2) تطوير قدراتها المخابراتية

حيث تمكنت من رصد تحركات جنود الاحتلال وعملائه، وإنزال الخسائر المباشرة والكبيرة فيهم من خلال الكمائن والتفجيرات داخل الشريط الحدودي المحتل وخارجه، وصولاً إلى داخل الحدود الإسرائيلية. الأمر الذي أثار الكثير من الشكوك حول مدى اختراق "حزب الله" للأوساط الإسرائيلية.

د. الحرب النفسية

استخدام أساليب نفسية ومعنوية حديثة في التأثير على الرأي العام المدني والعسكري في صفوف العدو، حيث تمكنت المقاومة في إطار جهاز سرى، أطلق عليه (الإعلام الحربي)، يجري تأهيل أفراده في دورات خاصة عسكرية وعقدية وفنية، وقد تمكن أفراد هذا الجهاز من تصوير معظم العمليات العسكرية ضد جنود الاحتلال وعملائه، ونقل صور حية لعمليات اقتحام المواقع وتثبيت رايات الحزب فوقها.

هـ. مواجهة مع العدو وتجنب الصدام في الداخل

تجنب الحزب المواجهة مع السلطة اللبنانية والمنظمات والحركات السياسية والعسكرية اللبنانية، وتحويل العلاقة مع الجيش إلى علاقة تعاون وتنسيق لأول مرة في تاريخ المقاومة في لبنان، ما أدى إلى كشف العديد من العملاء والشبكات الأمنية المرتبطة بالعدو، ومحاكمة من أُلقي القبض عليه منهم أمام القضاء اللبناني.

ثالثاً: الحزب وضرورات المقاومة

1. الأطماع الإسرائيلية في لبنان

الأطماع الإسرائيلية في لبنان سبقت قيام دولة إسرائيل، وازدادت بعد قيامها، ومازلت ولن تنتهي.

أ. البداية كانت عام 1923، عندما قامت فرنسا (دولة الانتداب على لبنان آنذاك) بانتزاع ملكية سبع قرى لبنانية من أصحابها، والتنازل عنها لمكتب الوكالة اليهودية، مقابل تجديد امتياز تجفيف مستنقعات (سهل الحولة) لشركة فرنسية، وأعطوا ذلك شكلاً قانونياً من خلال اتفاقية ترسيم الحدود (بوليه - نيو - كامب)، في 7 مارس 1923، ذلك الإجراء الذي وافقت عليه عصبة الأمم المتحدة، عام 1924.

ب. منذ توقيع اتفاقية الهدنة في رودس، عام 1949، بين العرب وإسرائيل، قامت إسرائيل باحتلال المزيد من الأراضي اللبنانية، بلغت طبقاً للتقديرات والوقائع الميدانية أكثر من 250 ألف دونم، تمتد من الناقورة غرباً حتى سفوح جبل الشيخ شرقاً.

ج. عام 1967 احتلت إسرائيل مزارع شبعا.

د. لم تتوقف الاقتطاعات الإسرائيلية للأراضي اللبنانية، واستمرت في الفترة من 1973 - 1998، حتى بلغ مجموع ما تحتله إسرائيل من أراضي لبنان حوالي 2000 كم2، تضم 31 قرية لبنانية، قامت إسرائيل بتغيير أسمائها بعد هدمها وإقامة مستعمرات جديدة على أنقاضها، وأطلقت عليها أسماء عبرية لإخفاء معالمها.

هـ. شهدت لبنان خلال الفترة من 1968 – 1996 وحدها أربعة اجتياحات كبيرة، كان الجنوب اللبناني ساحتها الرئيسة، وأطلق الإسرائيليون على كل منها اسماً معبراً، وهي :

(1) عملية الليطاني، عام 1978.

(2) عملية سلام الجليل، عام 1982.

(3) عملية تصفية الحساب، عام 1993.

(4) عملية عناقيد الغضب عام 1996.

و‌.      ثم كانت أطول العمليات وأكثرها فشلاً وتكلفة لإسرائيل، تلك التي دارت على مدى 33 يوماً، بدأت في يوليه عام 2006. ويطلق حزب الله نظريته الجديدة (تبادل الرعب)، بعدما أذاق الإسرائيليين من جنس عملهم رعباً برعب، وخاصة بصواريخه في قصفات هادفة بمراحل مخططة كالآتي:

(1) المرحلة الأولى: من 12 – 15 يوليه 2006: فيها قصف المنطقة من الحدود حتى شمال حيفا.

(2) المرحلة الثانية من 16 – 17 يوليه 2006: قصف مدينة حيفا (ثالث أكبر المدن الإسرائيلية كثافة بالسكان) بصواريخ رعد 2، رعد 3 البالسيتية (الإيرانية الصنع).

(3) المرحلة الثالثة: من 28 – 31 يوليه 2006: قصف مدينة عفولة (50 كم جنوب الحدود اللبنانية)، باستخدام صواريخ خيبر1.

(4) المرحلة الرابعة: من 1 أغسطس حتى اليوم الثاني والعشرين قتال: قصف المنطقة جنوب حيفا، وفيها استهدف مدينة بيسان (70 كم جنوب الحدود)، ومدينة الخضيرة (80 كم جنوب الحدود)، وتبعد 40 كم شمال تل أبيب، وكذا مدينة زخرون.

ز. العمليات البحرية

(1) في 11 يوليه 2006، قُصف زورق إسرائيلي من نوع ديفورا، يحمل 12 فرداً.

(2) في 14 يوليه 2006، قصف الحزب سفينة حربية إسرائيلية، بعد شروعها في قصف بيروت واعتراف إسرائيل بإصابتها.

(3) في 31 يوليه 2006، إصابة السفينة الإسرائيلية الثانية بصواريخ الحزب.

2. دور المقاومة اللبنانية

لم يكن هناك سبب أقوى من احتلال بيروت، عام 1982، كي تتوحد إرادة اللبنانيين لتحرير وطنهم، فأعلنت جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، في 16 سبتمبر 1982، تشكيلها من ذات القوى الوطنية، إضافة إلى متطوعين من جميع المناطق اللبنانية ومن كل الانتماءات والطوائف، إلى جانب متطوعين من ضباط وجنود القوات الخاصة في الجيش اللبناني.

اندلعت أعمال المقاومة في شكل حرب عصابات، أجبرت إسرائيل على الانسحاب من بيروت إلى منطقة الجبل، ولم تقتصر هذه العمليات بما فيها العمليات الاستشهادية على فئة أو حزب معين من بين القوى الوطنية اللبنانية، الأمر الذي أجبر إسرائيل على الانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية، في عام 1985، لتستقر قواتها في الشريط الحدودي في أقصى الجنوب.

3. المقاومة الإسلامية (حزب الله)

من رحم جبهة المقاومة اللبنانية، أُعلن تأسيس "حزب الله"، الذي بدأ بالعمل منفرداً، وبصفة خاصة في منطقة الجنوب اللبناني، التي تمثل بيئته الحاضنة ومركز قاعدته الشعبية.

وتعزز دور حزب الله بالمقاومة في الجنوب، وأقام هناك دولته الصغيرة، واحتفظ لنفسه بجزء من جنوب بيروت المعروف (بالمربع الأمني) صاحب النصيب الأوفر من القنابل طوال فترة الحرب.

لم يعد لدى حزب الله رهبة من الجيش الإسرائيلي، بل انتقلت هذه الرهبة إلى صفوف الإسرائيليين، الذين سبب لهم حزب الله قدراً كبيراً من الإزعاج، بعدما اكتشف الكثير من نقاط الضعف لديهم وعمل على استغلالها، إلى جانب تجنبه لنقاط قوتهم والعمل على تفاديها.

إن المقاومة اللبنانية لم تضع بين أهدافها حسم المعركة عسكرياً لصالحها، فلا قدرتها ولا ظروفها تمكنها من ذلك، ودائما ما تكون خسائرها البشرية والمادية أكثر مما يتكبده العدو، خاصة في ظل الآلة الإسرائيلية المتطورة من أسلحة أمريكية لديها قدرات تدميرية هائلة، وإمكانات تفوق العديد من جيوش المنطقة، فضلاً عن عناصر المقاومة التي لا تملك إلا الأسلحة الخفيفة والقليل من العتاد الذي لا يقارن بما يملكه العدو. ولكن المقاومة بما تملكه من إيمان وإرادة استطاعت دائما أن تلحق الأذى بالعدو وتنهكه وتستنزفه، بل وتزعزع عقيدته القتالية.

لقد أثبتت أعمال المقاومة والتصدي للآلة العسكرية الإسرائيلية خلال العمليات التي دارت على أرض لبنان وفلسطين المحتلة، مجموعة من الحقائق التي يجب التمسك بها والبناء عليها، وهي:

أ. أن العدو بصفة عامة، وإسرائيل بصفة خاصة لا تعرف إلا لغة القوة ولا تستجيب إلا لها.

ب. أن مواقف الدول الأوربية (من الواقع المرير في لبنان) واهتماماتها، ليس من بينها ما تتعرض له لبنان وشعبها من تدمير وانتهاك ممنهج من العدو، ولا يأتي في أي مرتبة تسبق ضرورة تصفية حزب الله وتسليم أسلحته.

ج. أثبتت المقاومة قدرتها على تبادل الرعب مع العدو الإسرائيلي، رغم التفاوت الشاسع بينهما في الميزان العسكري.

د. ضرورة إيجاد حد أدنى من التنسيق في المواقف العربية بين الحكومات وقوى المقاومة الوطنية، وخاصة في إستراتيجية المواجهة التي لا تحيد عن أهداف ومصالح الأمة العربية، حتى لو كانت غير معلنة.

4. الانتقادات الموجهة إلى حزب الله

بعد عملية الوعد الصادق التي شنها حزب الله على إسرائيل، والقتال الشرس الذي دار على الجنوب اللبناني لمدة 33 يوما، عام 2006، تعالت الأصوات التي تنتقد حزب الله وتعلن أنه خسر المعركة سياسياً وعسكرياً، عكس ما كان يهدف، وذلك للأسباب التالية:

أ. إذا كان الحزب قد شن هذه العملية لإقناع اللبنانيين والعالم الخارجي من حولهم بضرورة الاحتفاظ بسلاحه دفاعاً عن لبنان ضد الاعتداءات الإسرائيلية، فإن النتيجة أدت إلى سيطرة قوة اليونيفيل على الجنوب اللبناني وإنهاء الوجود العسكري لحزب الله فيه، وخوض الحكومة اللبنانية المدعومة من الغرب صراعاً سياسياً مع حزب الله بهدف نزع سلاحه، وفقا لقرار الأمم المتحدة الرقم 1701، الذي أنهى الحرب، وأبعد الحزب عن الحدود، وأصبحت تحت حماية القوات الدولية والجيش اللبناني، ولم يعد لدى الحزب القدرة على القيام بأي عمل عسكري على الحدود ضد إسرائيل، كما كان يفعل من قبل.

ب. أن الهدف الذي أعلنه الأمين العام للحزب "حسن نصر الله"، من عملية الوعد الصادق، وهو تحرير الأسرى العرب من السجون الإسرائيلية، والذين يبلغ عددهم عشرة آلاف أسير، قد فشل تحقيقه ولم يطلق أي أسير عربي، ولا حتى الأسرى اللبنانيين الثلاثة.

ج. أن إسرائيل لم تقم بالقضاء على الحزب رغبة منها ومن حلفائها في استنزاف حزب الله اقتصادياً وعسكرياً وبشرياً، دون القضاء عليه نهائياً، حتى تحافظ على توازن القوى داخل لبنان، ليظل الصراع اللبناني الداخلي مشتعلاً، كي تتخذه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ذريعة للتدخل في الشأن اللبناني، كما كانت تفعل مع العراق وإيران، تعطى الأول السلاح جهراً وتعطى الآخر السلاح سراً.

د. الأغرب من هذا كله، أن يصل الخيال بهؤلاء المحللين إلى أن هناك عقداً صامتاً، وربما اتفاقاً سرياً بين إسرائيل وحزب الله، على ألا تسعى إسرائيل إلى القضاء على حزب الله، وألا يعمد الحزب إلى تهديد الأهداف الإستراتيجية الإسرائيلية، ودليلهم على ذلك أن إسرائيل لم تقتل سوى 500 جندي فقط من حزب الله، أي ما يعادل ثُمن قوته. كما أن صواريخ الحزب لم تستهدف أي هدف حيوي إسرائيلي، فهي صواريخ استعراضية كالتي تُطلق في المهرجانات والاحتفالات، وأنه من غير المعقول أن آلاف الصواريخ التي أطلقها حزب الله على إسرائيل لم تصب مطاراً أو محطة كهرباء أو جسر، أو حتى هدفاً عسكرياً واحداً.

5. تفنيد الانتقادات

ألا يكفى ما استقطعته إسرائيل من لبنان منذ عام 1923 (القرى السبع اللبنانية)، وما ابتلعته بعدها من أراضى تزيد على250 ألف دونم، من الناقورة غرباً حتى سفح جبل الشيخ شرقاً، وما وصلت إليه من جبروت في اجتياحها للجنوب اللبناني حتى بيروت، عام 1982، ولم تخرج إلا مجبرة تحت ضغط أعمال المقاومة من كل الفصائل اللبنانية.؟ أين هي الفصائل اللبنانية (عدا حزب الله) الآن من المقاومة والقدرة على الدفاع عن أرضها؟. هل يستطيع الجيش اللبناني، كما لم يستطع من قبل، أن يوقف أي هجوم إٍسرائيلي على لبنان؟.

لقد جاء في مذكرات الجنرال "اليعازر" رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، إبان حرب أكتوبر 1973، والتي نشرت بعد وفاته، عن خطة إسرائيلية وضعها "ديان" وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها بنفسه، وأطلق عليها اسم "الحزام الأسود"، تتضمن النقاط التالية :

أ. ضم جنوب لبنان بالكامل إلى إسرائيل.

ب. ضم أجزاء أخرى من سورية.

ج. إنشاء خط حصين يشبه خط بارليف في غور الأردن، لحماية المستعمرات.

د. تحويل سيناء إلى مركز تجارب للأبحاث النووية.

وكان التوقيت المحدد للتنفيذ هو الفترة من 22 – 25 أكتوبر 1973، وصدقت "جولدا مائير" رئيسة وزراء إسرائيل وقتها على تعجيل التنفيذ، ليبدأ في 8 أكتوبر 1973، (تم ذلك في الاجتماع المصغر لمجلس الوزراء الإسرائيلي، الذي عقد يوم 5 أكتوبر، لتقييم الاستعدادات المصرية والسورية في مواجهة إسرائيل).

إن ضم الجنوب اللبناني إلى إسرائيل يعد هدفاً استراتيجياً، لم يتخل عنه المخطط الإسرائيلي في أي وقت من الأوقات، ولن يتخلى عنه مستقبلاً، إلا إذا رأى أن التكلفة أكبر من الهدف.

إن مشكلة حزب الله أنه يزعج القوى السياسية في لبنان كما يزعج إسرائيل، وتعد أكثر القضايا المثيرة للجدل هي (مستقبل حزب الله)، الذي ارتبط وجوده باستمرار المقاومة، وماذا سيكون مصيره إذا ما تمت التسوية والتوصل إلى معاهدة سلام مع إسرائيل.

الإجابة على ذلك مرتبطة برؤية حزب الله لإسرائيل ومستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي. فالحزب يرى أن وجود إسرائيل في حد ذاته يمثل خطراً وتهديداً على المنطقة كلها، ويجب مقاومته والاستعداد للتصدي له ومواصلة مقاومته. والحزب يؤمن بوجوب تحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة، ويبقي أمامه جميع الخيارات مفتوحة.

كما نجح الحزب في أن يكون جزءاً أصيلاً في النسيج السياسي والاجتماعي في لبنان، فلا يستبعد أن تندمج قواته مستقبلاً في الجيش اللبناني، على أن يكون له وضع خاص.

أما عن عدم إصابة صواريخ حزب الله للأهداف الحيوية الإسرائيلية، فلا يخفى عن ذي عينين ما لدى إسرائيل من المنظومات المضادة للصواريخ، والتي لا يخطئ عقل أن الهدف الرئيس لها هو حماية الأهداف الحيوية، بدءاً من مشاركتها في مبادرة الدفاع الإستراتيجي (SDI)، وانتهاءً بالانضمام إلى نظام الدفاع ضد الصواريخ عن المسارح الإقليمية، بالإضافة لمنظومات الدفاع ضد الصواريخ قصيرة المدى (القبة الحديدية....إلخ).